Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 56-58)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : { قُلْ } لهؤلاء المشركين الذين يدعون مع الله آلهة أخرى : { إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } من الأنداد والأوثان التي لا تملك نفعاً ولا ضراً ، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً ، فإن هذا باطل ، وليس لكم فيه حجة بل ولا شبهة ، إلا اتباع الهوى الذي اتباعه أعظم الضلال ، ولهذا قال : { قُلْ لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَآءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً } أي : إن اتبعت أهواءكم { وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ } بوجه من الوجوه ، وأما ما أنا عليه من توحيد الله وإخلاص العمل له ، فإنه هو الحق الذي تقوم عليه البراهين والأدلة القاطعة . وأنا { عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي } أي : على يقين مبين ، بصحته وبطلان ما عداه ، وهذه شهادة من الرسول جازمة لا تقبل التردد ، وهو أعدل الشهود على الإطلاق . فصدق بها المؤمنون ، وتبين لهم من صحتها وصدقها ، بحسب ما مَنَّ الله به عليهم . { وَ } لكنكم أيها المشركون - { كَذَّبْتُم بِهِ } وهو لا يستحق هذا منكم ، ولا يليق به إلا التصديق ، وإذا استمررتم على تكذيبكم ، فاعلموا أن العذاب واقع بكم لا محالة ، وهو عند الله ، هو الذي ينزله عليكم إذا شاء وكيف شاء ، وإن استعجلتم به فليس بيدي من الأمر شيء { إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ } فكما أنه هو الذي حكم بالحكم الشرعي ، فأمر ونهى ، فإنه سيحكم بالحكم الجزائي ، فيثيب ويعاقب ، بحسب ما تقتضيه حكمته . الاعتراض على حكمه مطلقاً مدفوع ، وقد أوضح السبيل وقص على عباده الحق قصاً ، قطع به معاذيرهم ، وانقطعت له حجتهم ، ليهلك مَنْ هلك عن بيّنة ، ويحيا مَنْ حيَّ عن بيّنة { وَهُوَ خَيْرُ ٱلْفَٰصِلِينَ } بين عباده في الدنيا والآخرة ، فيفصل بينهم فصلاً يحمده عليه ، حتى مَنْ قضى عليه ، ووجه الحق نحوه . { قُل } للمستعجلين بالعذاب ، جهلاً وعناداً وظلماً ، { لَّوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ ٱلأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } فأوقعته بكم ولا خير لكم في ذلك ، ولكن الأمر عند الحليم الصبور ، الذي يعصيه العاصون ، ويتجرأ عليه المتجرؤون ، وهو يعافيهم ويرزقهم ويسدي عليهم نعمه الظاهرة والباطنة . { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِٱلظَّالِمِينَ } لا يخفى عليه من أحوالهم شيء ، فيمهلهم ولا يهملهم .