Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 63, Ayat: 9-11)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يأمر تعالى عباده المؤمنين بالإكثار من ذكره ، فإن في ذلك الربح والفلاح ، والخيرات الكثيرة ، وينهاهم أن تشغلهم أموالهم وأولادهم عن ذكره ، فإن محبة المال والأولاد مجبولة عليها أكثر النفوس ، فتقدمها على محبة الله ، وفي ذلك الخسارة العظيمة ، ولهذا قال تعالى : { وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ } أي : يلهه ماله وولده ، عن ذكر الله { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ } للسعادة الأبدية ، والنعيم المقيم ، لأنهم آثروا ما يفنى على ما يبقى ، قال تعالى : { إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَٱللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } [ التغابن : 15 ] . وقوله : { وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ } يدخل في هذا ، النفقات الواجبة ، من الزكاة والكفارات ، ونفقة الزوجات ، والمماليك ، ونحو ذلك ، والنفقات المستحبة ، كبذل المال في جميع المصالح ، وقال : { مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ } ليدل ذلك على أنه تعالى ، لم يكلف العباد من النفقة ما يعنتهم ويشق عليهم ، بل أمرهم بإخراج جزء مما رزقهم الله الذي يسره لهم ويسر لهم أسبابه . فليشكروا الذي أعطاهم ، بمواساة إخوانهم المحتاجين ، وليبادروا بذلك ، الموت الذي إذا جاء ، لم يمكّن العبد أن يأتي بمثقال ذرة من الخير ، ولهذا قال : { مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ فَيَقُولَ } متحسراً على ما فرَّط في وقت الإمكان ، سائلاً الرجعة التي هي محال : { رَبِّ لَوْلاۤ أَخَّرْتَنِيۤ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ } أي : لأتدارك ما فَرَّطْتَ فيه ، { فَأَصَّدَّقَ } من مالي ، ما به أنجو من العذاب ، وأستحق به جزيل الثواب ، { وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } بأداء المأمورات كلها ، واجتناب المنهيات ، ويدخل في هذا ، الحج وغيره ، وهذا السؤال والتمني ، قد فات وقته ، ولا يمكن تداركه ، ولهذا قال : { وَلَن يُؤَخِّرَ ٱللَّهُ نَفْساً إِذَا جَآءَ أَجَلُهَآ } المحتوم لها { وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } من خير وشر ، فيجازيكم على ما علمه منكم ، من النيات والأعمال .