Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 63, Ayat: 7-8)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وهذا من شدة عداوتهم للنبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين ، لما رأوا اجتماع أصحابه وائتلافهم ، ومسارعتهم في مرضاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، قالوا بزعمهم الفاسد : { لاَ تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّواْ } فإنهم - بزعمهم - لولا أموال المنافقين ونفقاتهم عليهم ، لما اجتمعوا في نصرة دين الله ، وهذا من أعجب العجب ، أن يدعى هؤلاء المنافقون الذين هم أحرص الناس على خذلان الدين ، وأذية المسلمين ، مثل هذه الدعوى ، التي لا تروج إلا على من لا علم له بحقائق الأمور ولهذا قال الله رداً لقولهم : { وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } فيؤتي الرزق من يشاء ، ويمنعه من يشاء ، وييسر الأسباب لمن يشاء ، ويعسرها على من يشاء ، { وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ } فلذلك قالوا تلك المقالة ، التي مضمونها أن خزائن الرزق في أيديهم ، وتحت مشيئتهم . { يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ ٱلأَعَزُّ مِنْهَا ٱلأَذَلَّ } وذلك في غزوة المريسيع ، حين صار بين بعض المهاجرين والأنصار بعض كلام كدر الخواطر ، ظهر حينئذ نفاق المنافقين ، وأظهروا ما في نفوسهم . وقال كبيرهم ، عبد الله بن أُبّي بن سلول : ما مثلنا ومثل هؤلاء - يعني المهاجرين - إلا كما قال القائل : " غذ كلبك يأكلك " . وقال : لئن رجعنا إلى المدينة { لَيُخْرِجَنَّ ٱلأَعَزُّ مِنْهَا ٱلأَذَلَّ } بزعمه أنه هو وإخوانه من المنافقين الأعزون ، وأن رسول الله ومن معه هم الأذلون ، والأمر بعكس ما قال هذا المنافق ، فلهذا قال [ تعالى : ] { وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } فهم الأعزاء ، والمنافقون وإخوانهم من الكفار [ هم ] الأذلاء . { وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } [ ذلك ] فلذلك زعموا أنهم الأعزاء ، اغتراراً بما هم عليه من الباطل ، ثم قال تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ … } .