Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 182-186)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي : والذين كذبوا بآيات اللّه الدالة على صحة ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من الهدى فردوها ولم يقبلوها . { سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ } بأن يدر لهم الأرزاق . { وَأُمْلِي لَهُمْ } أي : أُمْهِلُهُم حتى يظنوا أنهم لا يؤخذون ولا يعاقبون ، فيزدادون كفراً وطغياناً ، وشراً إلى شرهم ، وبذلك تزيد عقوبتهم ، ويتضاعف عذابهم ، فيضرون أنفسهم من حيث لا يشعرون ، ولهذا قال : { إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ } أي : قوي بليغ . { أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِمْ } محمد صلى الله عليه وسلم { مِّن جِنَّةٍ } أي : أَوَ لَمْ يُعْمِلُوا أفكارهم ، وينظروا هل في صاحبهم الذي يعرفونه ولا يخفى عليهم من حاله شيء ، هل هو مجنون ؟ فلينظروا في أخلاقه وهديه ، ودلّه وصفاته ، وينظروا في ما دعا إليه ، فلا يجدون فيه من الصفات إلا أكملها ، ولا من الأخلاق إلا أتمها ، ولا من العقل والرأي إلا ما فاق به العالمين ، ولا يدعو إلا لكل خير ، ولا ينهى إلا عن كل شر . أفبهذا يا أولي الألباب من جنة ؟ أم هو الإمام العظيم والناصح المبين ، والماجد الكريم ، والرءوف الرحيم ؟ ولهذا قال : { إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } أي : يدعو الخلق إلى ما ينجيهم من العذاب ، ويحصل لهم الثواب . { أَوَلَمْ يَنْظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } فإنهم إذا نظروا إليها وجدوها أدلة دالةً على توحيد ربها ، وعلى ما له من صفات الكمال . { وَ } كذلك لينظروا إلى جميع { مَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ } فإن جميع أجزاء العالم ، يدل أعظم دلالة على علم اللّه وقدرته وحكمته وسعة رحمته ، وإحسانه ، ونفوذ مشيئته ، وغير ذلك من صفاته العظيمة ، الدالة على تفرده بالخلق والتدبير ، الموجبة لأن يكون هو المعبود المحمود ، المسبح الموحد المحبوب . وقوله : { وَأَنْ عَسَىۤ أَن يَكُونَ قَدِ ٱقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ } أي : لينظروا في خصوص حالهم ، وينظروا لأنفسهم قبل أن يقترب أجلهم ، ويفجأهم الموت وهم في غفلة معرضون ، فلا يتمكنون حينئذٍ ، من استدراك الفارط . { فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ } أي : إذا لم يؤمنوا بهذا الكتاب الجليل ، فبأي حديث يؤمنون به ؟ ! ! أبكتب الكذب والضلال ؟ أم بحديث كل مفتر دجال ؟ ولكن الضال لا حيلة فيه ، ولا سبيل إلى هدايته ، ولهذا قال تعالى : { مَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } أي : متحيرين يترددون ، لا يخرجون منه ولا يهتدون إلى حق .