Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 187-188)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم : { يَسْأَلُونَكَ } أي : المكذبون لك ، المتعنتون { عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَٰهَا } أي : متى وقتها الذي تجيء به ، ومتى تحل بالخلق ؟ { قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي } أي : إنه تعالى مختص بعلمها ، { لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ } أي : لا يظهرها لوقتها الذي قدر أن تقوم فيه إلا هو . { ثَقُلَتْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي : خفي علمها على أهل السماوات والأرض ، واشتد أمرها أيضاً عليهم ، فهم من الساعة مشفقون . { لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً } أي : فجأة من حيث لا تشعرون ، لم يستعدوا لها ، ولم يتهيأوا لقيامها . { يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا } أي : هم حريصون على سؤالك عن الساعة ، كأنك مستحف عن السؤال عنها ، ولم يعلموا أنك - لكمال علمك بربك ، وما ينفع السؤال عنه - غير مبال بالسؤال عنها ، ولا حريص على ذلك ، فلم لا يقتدون بك ، ويكفون عن الاستحفاء عن هذا السؤال الخالي من المصلحة المتعذر علمه ، فإنه لا يعلمها نبي مرسل ، ولا ملك مقرب . وهي من الأمور التي أخفاها الله عن الخلق ، لكمال حكمته وسعة علمه . { قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } فلذلك حرصوا على ما لا ينبغي الحرص عليه ، وخصوصاً مثل حال هؤلاء الذين يتركون السؤال عن الأهم ، ويدعون ما يجب عليهم من العلم ، ثم يذهبون إلى ما لا سبيل لأحد أن يدركه ، ولا هم مطالبون بعلمه . { قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً } فإني فقير مدبر ، لا يأتيني خير إلا من اللّه ، ولا يدفع عني الشر إلا هو ، وليس لي من العلم إلا ما علمني اللّه تعالى . { وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ ٱلْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ ٱلسُّوۤءُ } أي : لفعلت الأسباب التي أعلم أنها تنتج لي المصالح والمنافع ، ولحذرت من كل ما يفضي إلى سوء ومكروه ، لعلمي بالأشياء قبل كونها ، وعلمي بما تفضي إليه . ولكني - لعدم علمي - قد ينالني ما ينالني من السوء ، وقد يفوتني ما يفوتني من مصالح الدنيا ومنافعها ، فهذا أدلُّ دليل على أني لا علم لي بالغيب . { إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ } أنذر العقوبات الدينية والدنيوية والأخروية ، وأبين الأعمال المفضية إلى ذلك ، وأحذر منها . { وَبَشِيرٌ } بالثواب العاجل والآجل ، ببيان الأعمال الموصلة إليه والترغيب فيها ، ولكن ليس كل أحد يقبل هذه البشارة والنذارة ، وإنما ينتفع بذلك ويقبله المؤمنون ، وهذه الآيات الكريمات ، مبينة جهل من يقصد النبي صلى الله عليه وسلم ويدعوه لحصول نفع أو دفع ضر . فإنه ليس بيده شيء من الأمر ، ولا ينفع من لم ينفعه اللّه ، ولا يدفع الضر عمن لم يدفعه اللّه عنه ، ولا له من العلم إلا ما علمه اللّه تعالى ، وإنما ينفع من قبل ما أرسل به من البشارة والنذارة ، وعمل بذلك ، فهذا نفعه صلى الله عليه وسلم ، الذي فاق نفع الآباء والأمهات ، والأخلاء والإخوان بما حث العباد على كل خير ، وحذرهم عن كل شر ، وبينه لهم غاية البيان والإيضاح .