Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 31-34)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى في بيان عناد المكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم : { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا } الدالة على صدق ما جاء به الرسول . { قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَـٰذَا إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } وهذا من عنادهم وظلمهم ، وإلا فقد تحداهم اللّه أن يأتوا بسورة من مثله ، ويدعوا من استطاعوا من دون اللّه ، فلم يقدروا على ذلك ، وتبين عجزهم . فهذا القول الصادر من هذا القائل مجرد دعوى ، كذبه الواقع ، وقد علم أنه صلى الله عليه وسلم أُمِّيٌّ لا يقرأ ولا يكتب ، ولا رحل ليدرس من أخبار الأولين ، فأتى بهذا الكتاب الجليل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد . { وَإِذْ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا } الذي يدعو إليه محمد { هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } قالوه على وجه الجزم منهم بباطلهم ، والجهل بما ينبغي من الخطاب . فلو أنهم إذ أقاموا على باطلهم من الشبه والتمويهات ما أوجب لهم أن يكونوا على بصيرة ويقين منه ، قالوا لمن ناظرهم وادعى أن الحق معه : إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا له ، لكان أولى لهم وأستر لظلمهم . فمذ قالوا : { قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ } الآية ، علم بمجرد قولهم أنهم السفهاء الأغبياء ، الجهلة الظالمون ، فلو عاجلهم اللّه بالعقاب لما أبقى منهم باقية ، ولكنه تعالى دفع عنهم العذاب بسبب وجود الرسول بين أظهرهم ، فقال : { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ } فوجوده صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم أمنة لهم من العذاب . وكانوا مع قولهم هذه المقالة التي يظهرونها على رءوس الأشهاد ، يدرون بقبحها ، فكانوا يخافون من وقوعها فيهم ، فيستغفرون اللّه [ تعالى فلهذا ] قال تعالى : { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } . فهذا مانع يمنع من وقوع العذاب بهم ، بعد ما انعقدت أسبابه ثم قال : { وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ } أي : أي شيء يمنعهم من عذاب اللّه ، وقد فعلوا ما يوجب ذلك ، وهو صد الناس عن المسجد الحرام ، خصوصاً صدهم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، الذين هم أولى به منهم ، ولهذا قال : { وَمَا كَانُوۤاْ } أي : المشركون { أَوْلِيَآءَهُ } يحتمل أن الضمير يعود إلى اللّه ، أي : أولياء اللّه . ويحتمل أن يعود إلى المسجد الحرام ، أي : وما كانوا أولى به من غيرهم { إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ ٱلْمُتَّقُونَ } وهم الذين آمنوا باللّه ورسوله ، وأفردوا اللّه بالتوحيد والعبادة ، وأخلصوا له الدين ، { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } فلذلك ادَّعَوْا لأنفسهم أمراً غيرهم أولى به .