Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 80, Ayat: 1-10)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وسبب نزول هذه الآيات الكريمات ، أنه جاء رجل من المؤمنين أعمى يسأل النبي صلى الله عليه ويتعلم منه . وجاءه رجل من الأغنياء ، وكان صلى الله عليه وسلم حريصاً على هداية الخلق ، فمال صلى الله عليه وسلم [ وأصغى ] إلى الغني ، وصد عن الأعمى الفقير ، رجاءً لهداية ذلك الغني ، وطمعاً في تزكيته ، فعاتبه الله بهذا العتاب اللطيف ، فقال : { عَبَسَ } [ أي : ] في وجهه { وَتَوَلَّىٰ } في بدنه ، لأجل مجيء الأعمى له ، ثم ذكر الفائدة في الإقبال عليه ، فقال : { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ } أي : الأعمى { يَزَّكَّىٰ } ؟ أي : يتطهر عن الأخلاق الرذيلة ، ويتصف بالأخلاق الجميلة ؟ { أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ ٱلذِّكْرَىٰ } أي : يتذكر ما ينفعه ، فيعمل بتلك الذكرى . وهذه فائدة كبيرة ، هي المقصودة من بعثة الرسل ، ووعظ الوعاظ ، وتذكير المذكرين ، فإقبالك على من جاء بنفسه مفتقراً لذلك منك ، هو الأليق الواجب ، وأما تصديك وتعرضك للغني المستغني الذي لا يسأل ولا يستفتي لعدم رغبته في الخير ، مع تركك من هو أهم منه ، فإنه لا ينبغي لك ، فإنه ليس عليك أن لا يزكى ، فلو لم يَتزَكَّ ، فلست بمحاسب على ما عمله من الشر . فدلّ هذا على القاعدة المشهورة ، أنه : " لا يترك أمر معلوم لأمر موهوم ، ولا مصلحة متحققة لمصلحة متوهمة " ، وأنه ينبغي الإقبال على طالب العلم ، المفتقر إليه ، الحريص عليه أزيد من غيره .