Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 81, Ayat: 1-14)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي : إذا حصلت هذه الأمور الهائلة ، تميز الخلق ، وعلم كل أحد ما قدمه لآخرته ، وما أحضره فيها من خير وشر ، وذلك إذا كان يوم القيامة تكور الشمس أي : تجمع وتلف ، ويخسف القمر ، ويلقيان في النار ، { وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتْ } أي : تغيرت ، وتساقطت من أفلاكها ، { وَإِذَا ٱلْجِبَالُ سُيِّرَتْ } أي : صارت كثيباً مهيلاً ، ثم صارت كالعهن المنفوش ، ثم تغيرت وصارت هباءً منبثاً ، وسيرت عن أماكنها ، { وَإِذَا ٱلْعِشَارُ عُطِّلَتْ } أي : عطل الناس حينئذ نفائس أموالهم التي كانوا يهتمون لها ويراعونها في جميع الأوقات ، فجاءهم ما يذهلهم عنها ، فنبه بالعشار ، وهي النوق التي تتبعها أولادها ، وهي أنفس أموال العرب إذ ذاك عندهم ، على ما هو في معناها من كل نفيس . { وَإِذَا ٱلْوُحُوشُ حُشِرَتْ } أي : جمعت ليوم القيامة ، ليقتص الله من بعضها لبعض ، ويرى العباد كمال عدله ، حتى إنه ليقتص من القرناء للجمّاء ثم يقول لها : كوني تراباً . { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجِّرَتْ } أي : أوقدت فصارت - على عظمها - ناراً تتوقد . { وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتْ } أي : قرن كل صاحب عمل مع نظيره ، فجمع الأبرار مع الأبرار ، والفجار مع الفجار ، وزوج المؤمنون بالحور العين ، والكافرون بالشياطين ، وهذا كقوله تعالى : { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَـفَرُوۤاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَراً } [ الزمر : 71 ] { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى ٱلّجَنَّةِ زُمَراً } [ الزمر : 73 ] { ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ } [ الصافات : 22 ] . { وَإِذَا ٱلْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ } وهو الذي كانت الجاهلية الجهلاء تفعله من دفن البنات وهن أحياء من غير سبب ، إلا خشية الفقر ، فتسأل : { بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ } ومن المعلوم أنها ليس لها ذنب ، ففي هذا توبيخ وتقريع لقاتليها . { وَإِذَا ٱلصُّحُفُ } المشتملة على ما عمله العاملون من خير وشر { نُشِرَتْ } وفرقت على أهلها ، فآخذ كتابه بيمينه ، وآخذ كتابه بشماله ، أو من وراء ظهره . { وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ كُشِطَتْ } أي : أزيلت ، كما قال تعالى : { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَآءُ بِٱلْغَمَامِ } [ الفرقان : 25 ] { يَوْمَ نَطْوِي ٱلسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلْكُتُبِ } [ الأنبياء : 104 ] { وَٱلأَرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ } [ الزمر : 67 ] . { وَإِذَا ٱلْجَحِيمُ سُعِّرَتْ } أي : أوقد عليها فاستعرت ، والتهبت التهاباً لم يكن لها قبل ذلك ، { وَإِذَا ٱلْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ } أي : قُرِّبت للمتقين ، { عَلِمَتْ نَفْسٌ } أي : كل نفس ، لإتيانها في سياق الشرط . { مَّآ أَحْضَرَتْ } أي : ما حضر لديها من الأعمال [ التي قدمتها ] كما قال تعالى : { وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً } [ الكهف : 49 ] . وهذه الأوصاف التي وصف الله بها يوم القيامة ، من الأوصاف التي تنزعج لها القلوب ، وتشتد من أجلها الكروب ، وترتعد الفرائص ، وتعم المخاوف ، وتحث أولي الألباب للاستعداد لذلك اليوم ، وتزجرهم عن كل ما يوجب اللوم ، ولهذا قال بعض السلف : من أراد أن ينظر ليوم القيامة كأنه رأيُ عين ، فليتدبر سورة { إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ } .