Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 83, Ayat: 29-36)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما ذكر تعالى جزاء المجرمين وجزاء المؤمنين و [ ذكر ] ما بينهما من التفاوت العظيم ، أخبر أن المجرمين كانوا في الدنيا يسخرون بالمؤمنين ، ويستهزؤون بهم ، ويضحكون منهم ، ويتغامزون بهم عند مرورهم عليهم ، احتقاراً لهم وازدراءً ، ومع هذا تراهم مطمئنين ، لا يخطر الخوف على بالهم ، { وَإِذَا ٱنقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمُ } صباحاً أو مساءً { ٱنقَلَبُواْ فَكِهِينَ } أي : مسرورين مغتبطين ، وهذا من أعظم ما يكون من الاغترار ، أنهم جمعوا بين غاية الإساءة والأمن في الدنيا ، حتى كأنهم قد جاءهم كتاب من الله وعهد ، أنهم من أهل السعادة ، وقد حكموا لأنفسهم أنهم أهل الهدى ، وأن المؤمنين ضالون ، افتراءً على الله ، وتجرؤوا على القول عليه بلا علم . قال تعالى : { وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ } أي : وما أرسلوا وكلاء على المؤمنين ملزمين بحفظ أعمالهم ، حتى يحرصوا على رميهم بالضلال ، وما هذا منهم إلا تعنت وعناد وتلاعب ، ليس له مستند ولا برهان ، ولهذا كان جزاؤهم في الآخرة من جنس عملهم ، قال تعالى : { فَٱلْيَوْمَ } أي : يوم القيامة ، { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ ٱلْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ } حين يرونهم في غمرات العذاب يتقلبون ، وقد ذهب عنهم ما كانوا يفترون ، والمؤمنون في غاية الراحة والطمأنينة { عَلَى ٱلأَرَآئِكِ } وهي السرر المزينة ، { يَنظُرُونَ } إلى ما أعد الله لهم من النعيم ، وينظرون إلى وجه ربهم الكريم . { هَلْ ثُوِّبَ ٱلْكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } أي : هل جوزوا من جنس عملهم ؟ فكما ضحكوا في الدنيا من المؤمنين ورموهم بالضلال ، ضحك المؤمنون منهم في الآخرة ، ورأوهم في العذاب والنكال ، الذي هو عقوبة الغي والضلال . نعم ، ثوبوا ما كانوا يفعلون ، عدلاً من الله وحكمةً ، والله عليم حكيم .