Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 83, Ayat: 18-28)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما ذكر أن كتاب الفجار في أسفل الأمكنة وأضيقها ، ذكر أن كتاب الأبرار في أعلاها وأوسعها ، وأفسحها وأن كتابهم المرقوم { يَشْهَدُهُ ٱلْمُقَرَّبُونَ } من الملائكة الكرام ، وأرواح الأنبياء ، والصديقين والشهداء ، ويُنوِّه الله بذكرهم في الملأ الأعلى ، و { عِلِّيُّونَ } اسم لأعلى الجنة ، فلما ذكر كتابهم ، ذكر أنهم في نعيم ، وهو اسم جامع لنعيم القلب والروح والبدن ، { عَلَى ٱلأَرَآئِكِ } أي : [ على ] السرر المزينة بالفرش الحسان . { يَنظُرُونَ } إلى ما أعد الله لهم من النعيم ، وينظرون إلى وجه ربهم الكريم ، { تَعْرِفُ } أيها الناظر إليهم { فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ ٱلنَّعِيمِ } أي : بهاء النعيم ونضارته ورونقه ، فإن توالي اللذة والسرور يكسب الوجه نوراً وحسناً وبهجةً . { يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ } وهو من أطيب ما يكون من الأشربة وألذها ، { مَّخْتُومٍ } ذلك الشراب { خِتَامُهُ مِسْكٌ } يحتمل أن المراد مختوم عن أن يداخله شيء ينقص لذته ، أو يفسد طعمه ، وذلك الختام الذي ختم به مسك . ويحتمل أن المراد أنه [ الذي ] يكون في آخر الإناء ، الذي يشربون منه الرحيق حثالة ، وهي المسك الأذفر ، فهذا الكدر منه ، الذي جرت العادة في الدنيا أنه يراق ، يكون في الجنة بهذه المثابة ، { وَفِي ذَلِكَ } النعيم المقيم ، الذي لا يعلم مقداره وحسنه إلا الله ، { فَلْيَتَنَافَسِ ٱلْمُتَنَافِسُونَ } أي : يتسابقوا في المبادرة إليه بالأعمال الموصلة إليه ، فهذا أولى ما بذلت فيه نفائس الأنفاس ، وأحرى ما تزاحمت للوصول إليه فحول الرجال . ومزاج هذا الشراب من تسنيم ، وهي عينٌ { يَشْرَبُ بِهَا ٱلْمُقَرَّبُونَ } صِرْفاً ، وهي أعلى أشربة الجنة على الإطلاق ، فلذلك كانت خالصة للمقربين ، الذين هم أعلى الخلق منزلة ، وممزوجة لأصحاب اليمين أي : مخلوطة بالرحيق وغيره من الأشربة اللذيذة .