Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 84, Ayat: 16-25)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أقسم في هذا الموضع بآيات الليل ، فأقسم بالشفق الذي هو بقية نور الشمس ، الذي هو مفتتح الليل ، { وَٱللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ } أي : احتوى عليه من حيوانات وغيرها ، { وَٱلْقَمَرِ إِذَا ٱتَّسَقَ } أي : امتلأ نوراً بإبداره ، وذلك أحسن ما يكون وأكثر منافع ، والمقسم عليه قوله : { لَتَرْكَبُنَّ } [ أي : ] أيها الناس { طَبَقاً عَن طَبقٍ } أي : أطواراً متعددةً وأحوالاً متباينةً ، من النطفة إلى العلقة ، إلى المضغة ، إلى نفخ الروح ، ثم يكون وليداً وطفلاً ، ثم مميزاً ، ثم يجري عليه قلم التكليف ، والأمر والنهي ، ثم يموت بعد ذلك ، ثم يبعث ويجازى بأعماله ، فهذه الطبقات المختلفة الجارية على العبد ، دالة على أن الله وحده هو المعبود ، الموحد ، المدبر لعباده بحكمته ورحمته ، وأن العبد فقير عاجز ، تحت تدبير العزيز الرحيم ، ومع هذا ، فكثير من الناس لا يؤمنون { وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ ٱلْقُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ } أي : لا يخضعون للقرآن ، ولا ينقادون لأوامره ونواهيه ، { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُكَذِّبُونَ } أي : يعاندون الحق بعدما تبين ، فلا يستغرب عدم إيمانهم وعدم انقيادهم للقرآن ، فإن المكذب بالحق عناداً ، لا حيلة فيه ، { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ } أي : بما يعملونه وينوونه سراً ، فالله يعلم سرهم وجهرهم ، وسيجازيهم بأعمالهم ، ولهذا قال { فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } وسميت البشارة بشارة ، لأنها تؤثر في البشرة سروراً أو غماً . فهذه حال أكثر الناس ، التكذيب بالقرآن ، وعدم الإيمان [ به ] . ومن الناس فريق هداهم الله ، فآمنوا بالله ، وقبلوا ما جاءتهم به الرسل ، فآمنوا وعملوا الصالحات . فهؤلاء لهم أجر غير ممنون أي : غير مقطوع ، بل هو أجرٌ دائم مما لا عينٌ رأت ، ولا أذنٌ سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .