Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 84, Ayat: 1-15)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى مبيناً لما يكون في يوم القيامة من تغير الأجرام العظام : { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ } أي : انفطرت وتمايز بعضها من بعض ، وانتثرت نجومها ، وخسف بشمسها وقمرها . { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا } أي : استمعت لأمره ، وألقت سمعها ، وأصاخت لخطابه ، وحق لها ذلك ، فإنها مسخرة مدبرة تحت مسخر ملك عظيم ، لا يعصى أمره ، ولا يخالف حكمه . { وَإِذَا ٱلأَرْضُ مُدَّتْ } أي : رجفت وارتجت ، ونسفت عليها جبالها ، ودكّ ما عليها من بناء ومعلم ، فسويت ، ومدها الله تعالى مد الأديم ، حتى صارت واسعةً جداً ، تسع أهل الموقف على كثرتهم ، فتصير قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً . { وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا } من الأموات والكنوز . { وَتَخَلَّتْ } منهم ، فإنه ينفخ في الصور ، فتخرج الأموات من الأجداث إلى وجه الأرض ، وتخرج الأرض كنوزها ، حتى تكون كالأسطوان العظيم ، يشاهده الخلق ، ويتحسرون على ما هم فيه يتنافسون ، { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ } أي : إنك ساع إلى الله ، وعامل بأوامره ونواهيه ، ومتقرب إليه إما بالخير وإما بالشر ، ثم تلاقي الله يوم القيامة ، فلا تعدم منه جزاء بالفضل إن كنت سعيداً ، أو بالعدل إن كنت شقياً . ولهذا ذكر تفصيل الجزاء ، فقال : { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ } وهم أهل السعادة . { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً } وهو العرض اليسير على الله ، فيقرره الله بذنوبه ، حتى إذا ظن العبد أنه قد هلك ، قال الله [ تعالى ] له : " إني قد سترتها عليك في الدنيا ، فأنا أسترها لك اليوم " . { وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ } في الجنة { مَسْرُوراً } لأنه نجا من العذاب وفاز بالثواب ، { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَٰبَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ } أي : بشماله من خلفه . { فَسَوْفَ يَدْعُواْ ثُبُوراً } من الخزي والفضيحة ، وما يجد في كتابه من الأعمال التي قدمها ولم يتب منها ، { وَيَصْلَىٰ سَعِيراً } أي : تحيط به السعير من كل جانب ، ويقلب على عذابها ، وذلك لأنه في الدنيا { كَانَ فِيۤ أَهْلِهِ مَسْرُوراً } لا يخطر البعث على باله ، وقد أساء ، ولم يظن أنه راجع إلى ربه وموقوف بين يديه . { بَلَىٰ إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً } فلا يحسن أن يتركه سدى ، لا يؤمر ولا ينهى ، ولا يثاب ولا يعاقب .