Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 88, Ayat: 17-26)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى حثّاً للذين لا يصدقون الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولغيرهم من الناس ، أن يتفكروا في مخلوقات الله الدالة على توحيده : { أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى ٱلإِبْلِ كَيْفَ خُلِقَتْ } أي : [ ألا ] ينظرون إلى خلقها البديع ، وكيف سخرها الله للعباد ، وذللها لمنافعهم الكثيرة التي يضطرون إليها . { وَإِلَىٰ ٱلْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ } بهيئة باهرة ، حصل بها استقرار الأرض وثباتها عن الاضطراب ، وأودع فيها من المنافع [ الجليلة ] ما أودع . { وَإِلَى ٱلأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ } أي : مدت مداً واسعاً ، وسهلت غاية التسهيل ، ليستقر الخلائق على ظهرها ، ويتمكنوا من حرثها وغراسها ، والبنيان فيها ، وسلوك الطرق الموصلة إلى أنواع المقاصد فيها . واعلم أن تسطيحها لا ينافي أنها كرة مستديرة ، قد أحاطت الأفلاك فيها من جميع جوانبها ، كما دلّ على ذلك النقل والعقل والحس والمشاهدة ، كما هو مذكور معروف عند أكثر الناس ، خصوصاً في هذه الأزمنة ، التي وقف الناس على أكثر أرجائها بما أعطاهم الله من الأسباب المقربة للبعيد ، فإن التسطيح إنما ينافي كروية الجسم الصغير جداً ، الذي لو سطح لم يبق له استدارة تذكر . وأما جسم الأرض الذي هو في غاية الكبر والسعة ، فيكون كروياً مسطحاً ، ولا يتنافى الأمران ، كما يعرف ذلك أرباب الخبرة . { فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ } أي : ذكِّر الناس وعِظهم ، وأنذرهم وبشرهم ، فإنك مبعوث لدعوة الخلق إلى الله وتذكيرهم ، ولم تبعث مسيطراً عليهم ، مسلّطاً موكلاً بأعمالهم ، فإذا قمت بما عليك ، فلا عليك بعد ذلك لوم ، كقوله تعالى : { وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِٱلْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ } [ ق : 45 ] . وقوله : { إِلاَّ مَن تَوَلَّىٰ وَكَفَرَ } أي : لكن من تولى عن الطاعة وكفر بالله { فَيُعَذِّبُهُ ٱللَّهُ ٱلْعَذَابَ ٱلأَكْبَرَ } أي : الشديد الدائم ، { إِنَّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ } أي : رجوع الخليقة وجمعهم في يوم القيامة . { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ } فنحاسبهم على ما عملوا من خير وشر .