Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 89, Ayat: 15-20)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى عن طبيعة الإنسان من حيث هو ، وأنه جاهل ظالم ، لا علم له بالعواقب ، يظن الحالة التي تقع فيه تستمر ولا تزول ، ويظن أن إكرام الله في الدنيا وإنعامه عليه يدل على كرامته عنده وقربه منه ، وأنه إذا { قَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ } أي : ضيّقه ، فصار يقدر قوته لا يفضل منه ، أن هذا إهانة من الله له ، فرد الله عليه هذا الحسبان : بقوله { كَلاَّ } أي : ليس كل من نَعَّمْتُه في الدنيا فهو كريم عليّ ، ولا كل من قدرت عليه رزقه فهو مهان لديّ ، وإنما الغنى والفقر ، والسعة والضيق ، ابتلاءً من الله ، وامتحان يمتحن به العباد ، ليرى من يقوم له بالشكر والصبر ، فيثيبه على ذلك الثواب الجزيل ، ممن ليس كذلك فينقله إلى العذاب الوبيل . وأيضاً ، فإن وقوف همة العبد عند مراد نفسه فقط ، من ضعف الهمة ، ولهذا لامهم الله على عدم اهتمامهم بأحوال الخلق المحتاجين ، فقال : { كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ ٱلْيَتِيمَ } الذي فقد أباه وكاسبه ، واحتاج إلى جبر خاطره والإحسان إليه . فأنتم لا تكرمونه بل تهينونه ، وهذا يدل على عدم الرحمة في قلوبكم ، وعدم الرغبة في الخير . { وَلاَ تَحَآضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } أي : لا يحض بعضكم بعضاً على إطعام المحاويج من المساكين والفقراء ، وذلك لأجل الشح على الدنيا ومحبتها الشديدة المتمكنة من القلوب ، ولهذا قال : { وَتَأْكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ } أي : المال المخلف { أَكْلاً لَّمّاً } أي : ذريعاً ، لا تبقون على شيء منه . { وَتُحِبُّونَ ٱلْمَالَ حُبّاً جَمّاً } أي : كثيراً شديداً ، وهذا كقوله تعالى : { بَلْ تُؤْثِرُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا * وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } [ الأعلى : 16 - 17 ] { كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ ٱلآخِرَةَ } [ القيامة : 20 - 21 ] .