Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 89, Ayat: 21-30)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ كَلاَّ } أي : ليس [ كل ] ما أحببتم من الأموال ، وتنافستم فيه من اللذات ، بباقٍ لكم ، بل أمامكم يوم عظيم ، وهول جسيم ، تدك فيه الأرض والجبال وما عليها حتى تجعل قاعاً صفصفاً لا عوج فيه ولا أمت . ويجيء الله تعالى لفصل القضاء بين عباده في ظلل من الغمام ، وتجيء الملائكة الكرام ، أهل السماوات كلهم ، صفاً صفاً أي : صفاً بعد صف ، كل سماء يجيء ملائكتها صفاً ، يحيطون بمن دونهم من الخلق ، وهذه الصفوف صفوف خضوع وذل للملك الجبار ، { وَجِيۤءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ } تقودها الملائكة بالسلاسل . فإذا وقعت هذه الأمور فـ { يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَانُ } ما قدمه من خير وشر . { وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكْرَىٰ } فقد فات أوانها ، وذهب زمانها ، يقول متحسراً على ما فرط في جنب الله : { يٰلَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي } الدائمة الباقية ، عملاً صالحاً ، كما قال تعالى : { يَقُولُ يٰلَيْتَنِي ٱتَّخَذْتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِيلاً * يَٰوَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً } [ الفرقان : 27 - 28 ] . وفي الآية دليل على أن الحياة التي ينبغي السعي في أصلها وكمالها ، وفي تتميم لذّاتها ، هي الحياة في دار القرار ، فإنها دار الخلد والبقاء ، { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ } لمن أهمل ذلك اليوم ونسي العمل له ، { وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ } فإنهم يقرنون بسلاسل من نار ، ويسحبون على وجوههم في الحميم ، ثم في النار يسجرون ، فهذا جزاء المجرمين ، وأما من اطمأن إلى الله وآمن به وصدق رسله ، فيقال له : { يٰأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ } إلى ذكر الله ، الساكنة [ إلى ] حبه ، التي قرت عينها بالله . { ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ } الذي رباك بنعمته ، وأسدى عليك من إحسانه ما صرت به من أوليائه وأحبابه { رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً } أي : راضية عن الله ، وعن ما أكرمها به من الثواب ، والله قد رضي عنها . { فَٱدْخُلِي فِي عِبَادِي * وَٱدْخُلِي جَنَّتِي } وهذا تخاطب به الروح يوم القيامة ، وتخاطب به حال الموت [ والحمد لله رب العالمين ] .