Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 23-24)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } اعملوا بمقتضى الإيمان ، بأن توالوا من قام به ، وتعادوا من لم يقم به . و { لاَ تَتَّخِذُوۤاْ آبَآءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ } الذين هم أقرب الناس إليكم ، وغيرهم من باب أولى وأحرى ، فلا تتخذوهم { أَوْلِيَآءَ إِنِ ٱسْتَحَبُّواْ } أي : اختاروا على وجه الرضا والمحبة { ٱلْكُفْرَ عَلَى ٱلإِيمَانِ } . { وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } لأنهم تجرؤوا على معاصي اللّه ، واتخذوا أعداء اللّه أولياء ، وأصل الولاية : المحبة والنصرة ، وذلك أن اتخاذهم أولياء ، موجب لتقديم طاعتهم على طاعة اللّه ، ومحبتهم على محبة اللّه ورسوله . ولهذا ذكر السبب الموجب لذلك ، وهو أن محبة اللّه ورسوله ، يتعين تقديمهما على محبة كل شيء ، وجعل جميع الأشياء تابعة لهما فقال : { قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ } ومثلهم الأمهات { وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ } في النسب والعشرة { وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ } أي : قراباتكم عموماً { وَأَمْوَالٌ ٱقْتَرَفْتُمُوهَا } أي : اكتسبتموها وتعبتم في تحصيلها ، خصها بالذكر ، لأنها أرغب عند أهلها ، وصاحبها أشد حرصاً عليها ممن تأتيه الأموال من غير تعب ولا كَدّ . { وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا } أي : رخصها ونقصها ، وهذا شامل لجميع أنواع التجارات والمكاسب من عروض التجارات ، من الأثمان ، والأواني ، والأسلحة ، والأمتعة ، والحبوب ، والحروث ، والأنعام ، وغير ذلك . { وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَآ } من حسنها وزخرفتها وموافقتها لأهوائكم ، فإن كانت هذه الأشياء { أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ } فأنتم فسقة ظلمة . { فَتَرَبَّصُواْ } أي : انتظروا ما يحل بكم من العقاب { حَتَّىٰ يَأْتِيَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِ } الذي لا مرد له . { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ } أي : الخارجين عن طاعة اللّه ، المقدِّمين على محبة اللّه شيئاً من المذكورات . وهذه الآية الكريمة أعظم دليل على وجوب محبة اللّه ورسوله ، وعلى تقديمها على محبة كل شيء ، وعلى الوعيد الشديد والمقت الأكيد ، على من كان شيء من هذه المذكورات أحب إليه من اللّه ورسوله وجهاد في سبيله . وعلامة ذلك أنه إذا عرض عليه أمران ، أحدهما يحبه اللّه ورسوله ، وليس لنفسه فيه هوى ، والآخر تحبه نفسه وتشتهيه ، ولكنه يُفَوِّتُ عليه محبوباً للّه ورسوله ، أو ينقصه ، فإنه إن قدم ما تهواه نفسه ، على ما يحبه اللّه ، دلّ ذلك على أنه ظالم تارك لما يجب عليه .