Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 41-42)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى لعباده المؤمنين - مهيجاً لهم على النفير في سبيله فقال : { ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً } أي : في العسر واليسر ، والمنشط والمكره ، والحر والبرد ، وفي جميع الأحوال . { وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي : ابذلوا جهدكم في ذلك ، واستفرغوا وسعكم في المال والنفس ، وفي هذا دليل على أنه - كما يجب الجهاد في النفس - يجب الجهاد في المال ، حيث اقتضت الحاجة ودعت لذلك . ثم قال : { ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } أي : الجهاد في النفس والمال ، خير لكم من التقاعد عن ذلك ، لأن فيه رضا اللّه تعالى ، والفوز بالدرجات العاليات عنده ، والنصر لدين اللّه ، والدخول في جملة جنده وحزبه . لو كان خروجهم لطلب العرض القريب ، أي : منفعة دنيوية سهلة التناول { وَ } كان السفر { سَفَراً قَاصِداً } أي : قريباً سهلاً { لاَّتَّبَعُوكَ } لعدم المشقة الكثيرة ، { وَلَـٰكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ ٱلشُّقَّةُ } أي : طالت عليهم المسافة ، وصعب عليهم السفر ، فلذلك تثاقلوا عنك ، وليس هذا من أمارات العبودية ، بل العبد حقيقة هو المتعبد لربه في كل حال ، القائم بالعبادة السهلة والشاقة ، فهذا العبد للّه على كل حال . { وَسَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَوِ ٱسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ } أي : سيحلفون أن تخلفهم عن الخروج ، أن لهم أعذراً ، وأنهم لا يستطيعون ذلك . { يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ } بالقعود والكذب والإخبار بغير الواقع ، { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } . وهذا العتاب إنما هو للمنافقين ، الذين تخلفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم في " غزوة تبوك " وأبدوا من الأعذار الكاذبة ما أبدوا ، فعفا النبي صلى الله عليه وسلم عنهم بمجرد اعتذارهم ، من غير أن يمتحنهم ، فيتبين له الصادق من الكاذب ، ولهذا عاتبه اللّه على هذه المسارعة إلى عذرهم فقال : { عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ … } .