Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 46-48)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مبيناً أن المتخلفين من المنافقين قد ظهر منهم من القرائن ما يبين أنهم ما قصدوا الخروج للجهاد بالكلية ، وأن أعذارهم التي اعتذروها باطلة ، فإن العذر هو المانع الذي يمنع إذا بذل العبد وسعه ، وسعى في أسباب الخروج ، ثم منعه مانع شرعي ، فهذا الذي يعذر . { وَ } أما هؤلاء المنافقون فـ { لَوْ أَرَادُواْ ٱلْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً } أي : لاستعدوا وعملوا ما يمكنهم من الأسباب ، ولكن لما لم يعدوا له عدة ، علم أنهم ما أرادوا الخروج . { وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنبِعَاثَهُمْ } معكم في الخروج للغزو { فَثَبَّطَهُمْ } قدراً وقضاء ، وإن كان قد أمرهم وحثهم على الخروج ، وجعلهم مقتدرين عليه ، ولكن بحكمته ما أراد إعانتهم ، بل خذلهم وثبطهم { وَقِيلَ ٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْقَاعِدِينَ } من النساء والمعذورين . ثم ذكر الحكمة في ذلك فقال : { لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً } أي : نقصاً . { ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ } أي : ولسعوا في الفتنة والشر بينكم ، وفرقوا جماعتكم المجتمعين ، { يَبْغُونَكُمُ ٱلْفِتْنَةَ } أي : هم حريصون على فتنتكم وإلقاء العداوة بينكم . { وَفِيكُمْ } أناس ضعفاء العقول { سَمَّاعُونَ لَهُمْ } أي : مستجيبون لدعوتهم يغترون بهم ، فإذا كانوا هم حريصين على خذلانكم ، وإلقاء الشر بينكم ، وتثبيطكم عن أعدائكم ، وفيكم من يقبل منهم ويستنصحهم . فما ظنك بالشر الحاصل من خروجهم مع المؤمنين ، والنقص الكثير منهم ، فللّه أتم الحكمة حيث ثبطهم ومنعهم من الخروج مع عباده المؤمنين رحمة بهم ، ولطفاً من أن يداخلهم ما لا ينفعهم بل يضرهم . { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ } فيعلم عباده كيف يحذرونهم ، ويبين لهم من المفاسد الناشئة من مخالطتهم . ثم ذكر أنه قد سبق لهم سوابق في الشر فقال : { لَقَدِ ٱبْتَغَوُاْ ٱلْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ } أي : حين هاجرتم إلى المدينة ، بذلوا الجهد ، { وَقَلَّبُواْ لَكَ ٱلأُمُورَ } أي : أداروا الأفكار ، وأعملوا الحيل في إبطال دعوتكم وخذلان دينكم ، ولم يقصروا في ذلك ، { حَتَّىٰ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ } فبطل كيدهم واضمحل باطلهم ، فحقيق بمثل هؤلاء أن يحذر اللّه عباده المؤمنين منهم ، وأن لا يبالي المؤمنين بتخلفهم عنهم .