Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 61-63)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي : ومن هؤلاء المنافقين { ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلنَّبِيَّ } بالأقوال الردية ، والعيب له ولدينه ، { وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ } أي : لا يبالون بما يقولون من الأذية للنبي ، ويقولون : إذا بلغه عنا بعض ذلك ، جئنا نعتذر إليه ، فيقبل منا ، لأنه أذن ، أي : يقبل كل ما يُقال له ، لا يميز بين صادق وكاذب ، وقصدهم - قبحهم اللّه - فيما بينهم ، أنهم غير مكترثين بذلك ، ولا مهتمين به ، لأنه إذا لم يبلغه فهذا مطلوبهم ، وإن بلغه اكتفوا بمجرد الاعتذار الباطل . فأساؤوا كل الإساءة من أوجه كثيرة ، أعظمها أذية نبيهم الذي جاء لهدايتهم ، وإخراجهم من الشقاء والهلاك إلى الهدى والسعادة . ومنها : عدم اهتمامهم أيضاً بذلك ، وهو قدر زائد على مجرد الأذية . ومنها : قدحهم في عقل النبي صلى الله عليه وسلم وعدم إدراكه وتفريقه بين الصادق والكاذب ، وهو أكمل الخلق عقلاً ، وأتمهم إدراكاً ، وأثقبهم رأياً وبصيرة ، ولهذا قال تعالى : { قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ } أي : يقبل من قال له خيراً وصدقاً . وأما إعراضه وعدم تعنيفه لكثير من المنافقين المعتذرين بالأعذار الكذب ، فلسعة خلقه ، وعدم اهتمامه بشأنهم ، وامتثاله لأمر اللّه في قوله : { سَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ إِذَا ٱنْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ } [ التوبة : 95 ] . وأما حقيقة ما في قلبه ورأيه ، فقال عنه : { يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ } الصادقين المصدقين ، ويعلم الصادق من الكاذب ، وإن كان كثيراً ما يعرض عن الذين يعرف كذبهم وعدم صدقهم ، { وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ } فإنهم به يهتدون ، وبأخلاقه يقتدون . وأما غير المؤمنين فإنهم لم يقبلوا هذه الرحمة ، بل ردوها ، فخسروا دنياهم وآخرتهم ، { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ ٱللَّهِ } بالقول أو الفعل { لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } في الدنيا والآخرة ، ومن العذاب الأليم أنه يتحتم قتل مؤذيه وشاتمه . { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ } فيتبرؤوا مما صدر منهم من الأذية وغيرها ، فغايتهم أن ترضوا عليهم . { وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ } لأن المؤمن لا يقدم شيئاً على رضا ربه ورضا رسوله ، فدل هذا على انتفاء إيمانهم حيث قدموا رضاً غير اللّه ورسوله . وهذا محادة للّه ومشاقة له ، وقد توعد من حاده بقوله : { أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } أي : يكون في حد وشق مبعد عن اللّه ورسوله بأن تهاون بأوامر اللّه ، وتجرأ على محارمه . { فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذٰلِكَ ٱلْخِزْيُ ٱلْعَظِيمُ } الذي لا خزي أشنع ولا أفظع منه ، حيث فاتهم النعيم المقيم ، وحصلوا على عذاب الجحيم عياذاً باللّه من أحوالهم .