Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 73-74)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَاهِدِ ٱلْكُفَّارَ وَٱلْمُنَافِقِينَ } أي : بالغ في جهادهم والغلظة عليهم حيث اقتضت الحال الغلظة عليهم . وهذا الجهاد يدخل فيه الجهاد باليد ، والجهاد بالحجة واللسان ، فمن بارز منهم بالمحاربة فيجاهد باليد ، واللسان والسيف والبيان . ومن كان مذعناً للإسلام بذمة أو عهد ، فإنه يجاهد بالحجة والبرهان ويبين له محاسن الإسلام ، ومساوئ الشرك والكفر ، فهذا ما لهم في الدنيا . { وَ } أما في الآخرة فـ { مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ } أي : مقرهم الذي لا يخرجون منها { وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } . { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلْكُفْرِ } أي : إذا قالوا قولاً كقول من قال منهم { لَيُخْرِجَنَّ ٱلأَعَزُّ مِنْهَا ٱلأَذَلَّ } [ المنافقون : 8 ] والكلام الذي يتكلم به الواحد بعد الواحد ، في الاستهزاء بالدين ، وبالرسول . فإذا بلغهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغه شيء من ذلك ، جاؤوا إليه يحلفون باللّه ما قالوا . قال تعالى مكذباً لهم : { وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ } فإسلامهم السابق - وإن كان ظاهره أنه أخرجهم من دائرة الكفر - فكلامهم الأخير ينقض إسلامهم ، ويدخلهم بالكفر . { وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ } وذلك حين هموا بالفتك برسول اللّه صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، فقص اللّه عليه نبأهم ، فأمر من يصدهم عن قصدهم . { وَ } الحال أنهم { مَا نَقَمُوۤاْ } وعابوا من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم { إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ } بعد أن كانوا فقراء معوزين ، وهذا من أعجب الأشياء ، أن يستهينوا بمن كان سبباً لإخراجهم من الظلمات إلى النور ، ومغنياً لهم بعد الفقر ، وهل حقه عليهم إلا أن يعظموه ، ويؤمنوا به ويجلوه ؟ ! ! فاجتمع الداعي الديني وداعي المروءة الإنسانية . ثم عرض عليهم التوبة فقال : { فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ } لأن التوبة أصل لسعادة الدنيا والآخرة . { وَإِن يَتَوَلَّوْا } عن التوبة والإنابة { يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ } في الدنيا بما ينالهم من الهم والغم والحزن على نصرة اللّه لدينه ، وإعزار نبيه ، وعدم حصولهم على مطلوبهم ، وفي الآخرة ، في عذاب السعير . { وَمَا لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ مِن وَلِيٍّ } يتولى أمورهم ، ويحصل لهم المطلوب { وَلاَ نَصِيرٍ } يدفع عنهم المكروه ، وإذا انقطعوا من ولاية اللّه تعالى ، فَثَمَّ أصناف الشر والخسران ، والشقاء والحرمان .