Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 75-78)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي : ومن هؤلاء المنافقين من أعطى اللّه عهده وميثاقه { لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ } من الدنيا فبسطها لنا ووسعها { لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } فنصل الرحم ، ونقري الضيف ، ونعين على نوائب الحق ، ونفعل الأفعال الحسنة الصالحة . { فَلَمَّآ آتَاهُمْ مِّن فَضْلِهِ } لم يفوا بما قالوا ، بل { بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ } عن الطاعة والانقياد { وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ } أي : غير ملتفتين إلى الخير . فلما لم يفوا بما عاهدوا اللّه عليه ، عاقبهم { فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ } مستمراً { إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَآ أَخْلَفُواْ ٱللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ } . فليحذر المؤمن من هذا الوصف الشنيع ، أن يعاهد ربه ، إن حصل مقصوده الفلاني ليفعلن كذا وكذا ، ثم لا يفي بذلك ، فإنه ربما عاقبه اللّه بالنفاق كما عاقب هؤلاء . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الثابت في الصحيحين : " آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا وعد أخلف " . فهذا المنافق الذي وعد اللّه وعاهده ، لئن أعطاه اللّه من فضله ، ليصدقن وليكونن من الصالحين ، حدث فكذب ، وعاهد فغدر ، ووعد فأخلف . ولهذا توعد من صدر منهم هذا الصنيع بقوله : { أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ } وسيجازيهم على ما عملوا من الأعمال التي يعلمها اللّه تعالى ، وهذه الآيات نزلت في رجل من المنافقين يقال له " ثعلبة " جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله أن يدعو اللّه له ، أن يعطيه الله من فضله ، وأنه إن أعطاه ليتصدقن ، ويصل الرحم ، ويعين على النوائب ، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم فكان له غنم ، فلم تزل تتنامى حتى خرج بها عن المدينة ، فكان لا يحضر إلا بعض الصلوات الخمس ، ثم أبعد ، فكان لا يحضر إلا صلاة الجمعة ، ثم كثرت فأبعد بها ، فكان لا يحضر جمعة ولا جماعة . ففقده النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبر بحاله ، فبعث من يأخذ الصدقات من أهلها ، فمروا على ثعلبة ، فقال : ما هذه إلا جزية ، ما هذه إلا أخت الجزية ، فلما لم يعطهم جاؤوا فأخبروا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " يا ويح ثعلبة يا ويح ثعلبة " ثلاثا . فلما نزلت هذه الآية فيه ، وفي أمثاله ، ذهب بها بعض أهله فبلغه إياها ، فجاء بزكاته ، فلم يقبلها النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم جاء بها لأبي بكر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقبلها ، ثم جاء بها بعد أبي بكر لعمر فلم يقبلها ، فيقال : إنه هلك في زمن عثمان .