Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 81-83)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مبيناً تبجح المنافقين بتخلفهم وعدم مبالاتهم بذلك ، الدال على عدم الإيمان ، واختيار الكفر على الإيمان . { فَرِحَ ٱلْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ ٱللَّهِ } وهذا قدر زائد على مجرد التخلف ، فإن هذا تخلف محرّم ، وزيادة رضا بفعل المعصية ، وتبجح به . { وَكَرِهُوۤاْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } وهذا بخلاف المؤمنين الذين إذا تخلفوا - ولو لعذر - حزنوا على تخلفهم وتأسفوا غاية الأسف ، ويحبون أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل اللّه ، لما في قلوبهم من الإيمان ، ولما يرجون من فضل اللّه وإحسانه وبره وامتنانه . { وَقَالُواْ } أي : المنافقون { لاَ تَنفِرُواْ فِي ٱلْحَرِّ } أي : قالوا : إن النفير مشقة علينا بسبب الحر ، فقدموا راحة قصيرة منقضية على الراحة الأبدية التامة . وحذروا من الحر الذي يقي منه الظلال ، ويذهبه البكر والآصال ، على الحر الشديد الذي لا يقادر قدره ، وهو النار الحامية . ولهذا قال : { قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ } لما آثروا ما يفنى على ما يبقى ، ولما فروا من المشقة الخفيفة المنقضية ، إلى المشقة الشديدة الدائمة . قال الله تعالى : { فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً } أي : فليتمتعوا في هذه الدار المنقضية ، ويفرحوا بلذاتها ، ويلهوا بلعبها ، فسيبكون كثيراً في عذاب أليم { جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } من الكفر والنفاق ، وعدم الانقياد لأوامر ربهم . { فَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ إِلَىٰ طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ } وهم الذين تخلفوا من غير عذر ، ولم يحزنوا على تخلفهم { فَٱسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ } لغير هذه الغزوة ، إذا رأوا السهولة . { فَقُلْ } لهم عقوبة { لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوّاً } فسيغني اللّه عنكم . { إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِٱلْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْخَالِفِينَ } وهذا كما قال تعالى : { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَٰرَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } [ الأنعام : 110 ] فإن المتثاقل المتخلف عن المأمور به عند انتهاز الفرصة لا يوفق له بعد ذلك ، ويحال بينه وبينه . وفيه أيضاً تعزير لهم ، فإنه إذا تقرر عند المسلمين أن هؤلاء من الممنوعين من الخروج إلى الجهاد لمعصيتهم ، كان ذلك توبيخاً لهم ، وعاراً عليهم ونكالاً أن يفعل أحد كفعلهم .