Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 6-6)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعنـي تعالـى ذكره بقوله : { وَما مِنْ دَابَّةٍ فِـي الأرْضِ إلاَّ علـى اللَّهِ رِزْقُها } وما تدبّ دابة فـي الأرض . والدابة : الفـاعلة من دبّ فهو يدبّ ، وهو دابّ ، وهي دابة . { إلا علـى اللَّهِ رِزْقُها } يقول : إلا ومن الله رزقها الذي يصل إلـيها هو به متكفل ، وذلك قُوُتها وغذاؤها وما به عيشها . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال بعض أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قال : مـجاهد ، فـي قوله : { وَما مِنْ دَابَّةٍ فِـي الأرْضِ إلاَّ علـى اللَّهِ رِزْقُها } قال : ما جاءها من رزق فمن الله ، وربـما لـم يرزقها حتـى تـموت جوعاً ، ولكن ما كان من رزق فمن الله . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَما مِنْ دَابَّةٍ فِـي الأرْضِ إلاَّ علـى اللَّهِ رِزْقُها } قال : كلّ دابة . حُدثت عن الـحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : أخبرنا عبـيد بن سلـيـمان ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله : { وَما مِنْ دَابَّةٍ فِـي الأرْضِ إلاَّ علـى اللَّهِ رِزْقُها } يعنـي : كلّ دابة والناس منهم . وكان بعض أهل العلـم بكلام العرب من أهل البصرة يزعم أن كل ماش فهو دابة ، وأن معنى الكلام : وما دابة فـي الأرض ، وأنّ « من » زائدة . وقوله : { وَيَعْلَـمُ مُسْتَقَرَّها } حيث تستقرّ فـيه ، وذلك مأواها الذي تأوي إلـيه لـيلاً أو نهارا . { وَمُسْتَوْدَعَها } : الـموضع الذي يُودِعها ، إما بـموتها فـيه أو دفنها . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن التـيـمي ، عن لـيث ، عن الـحكم ، عن مِقْسم ، عن ابن عبـاس ، قال : { مُسْتَقَرَّها } ، حيث تأوي ، { وَمُسْتَوْدَعَها } حيث تـموت . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَيَعْلَـمُ مُسْتَقَرَّها } يقول ، حيث تأوى ، { وَمُسْتَوْدَعَها } يقول ، إذا ماتت . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا الـمـحاربـيّ ، عن لـيث ، عن الـحكم ، عن مِقْسم ، عن ابن عبـاس : { وَيَعْلَـمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعُها } قال ، الـمستقرّ : حيث تأوي ، والـمستودع ، حيث تـموت . وقال آخرون : { مُسَتَقَرَّها } فـي الرحم ، { وَمُسْتَوْدَعَها } : فـي الصلب . ذكر من قال ذلك : حدثنا الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { وَيَعْلَـمُ مُسْتَقَرَّها } : فـي الرحم ، { وَمُسْتَوْدَعَها } : فـي الصلب ، مثل التـي فـي الأنعام . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه عن ابن عبـاس ، قوله : { وَيَعْلَـمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها } فـالـمستقرّ : ما كان فـي الرحم ، والـمستودع : ما كان فـي الصلب . حُدثت عن الـحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : أخبرنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله : { وَيَعْلَـمُ مُسْتَقَرَّها } يقول : فـي الرحم ، { وَمُسْتَوْدَعَها } فـي الصلب . وقال آخرون : الـمستقرّ : فـي الرحم ، والـمستودع : حيث تـموت . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ويعلـى بن فضيـل ، عن إسماعيـل ، عن إبراهيـم ، عن عبد الله : { وَيَعْلَـمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها } قال : { مستقرّها } : الأرحام ، { ومستودعها } : الأرض التـي تـموت فـيها . قال : ثنا عبـيد الله ، عن إسرائيـل ، عن السدي ، عن مرّة ، عن عبد الله : { وَيَعْلَـمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها } الـمستقرُّ : الرحم ، والـمستودع . الـمكان الذي تـموت فـيه . وقال آخرون مُسْتَقَرَّها : أيام حياتها وَمُسْتَوْدَعَها : حيث تـموت فـيه . ذكر من قال ذلك : حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الرحمن بن سعد ، قال : أخبرنا أبو جعفر ، عن الربـيع بن أنس ، قوله : { وَيَعْلَـمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها } قال : مستقرّها : أيام حياتها ، ومستودعها : حيث تـموت ومن حيث تبعث . وإنـما اخترنا القول الذي اخترناه فـيه ، لأن الله جلّ ثناؤه أخبر أن ما رزقت الدوابّ من رزق فمنه ، فأولـى أن يتبع ذلك أن يعلـم مثواها ومستقرّها دون الـخبر عن علـمه بـما تضمنته الأصلاب والأرحام . ويعنـي بقوله : { كُلّ فِـي كِتابٍ مُبِـينٍ } عدد كل دابة ، ومبلغ أرزاقها وقدر قرارها فـي مستقرّها ، ومدة لبثها فـي مستودعها ، كلّ ذلك فـي كتاب عند الله مثبت مكتوب مبـين ، يبـين لـمن قرأه أن ذلك مثبت مكتوب قبل أن يخـلقها ويوجدها . وهذا إخبـار من الله جلّ ثناؤه الذين كانوا يثنون صدورهم لـيستـخفوا منه أنه قد علـم الأشياء كلها ، وأثبتها فـي كتاب عنده قبل أن يخـلقها ويوجدها يقول لهم تعالـى ذكره : فمن كان قد علـم ذلك منهم قبل أن يوجدهم ، فكيف يخفـي علـيه ما تنطوي علـيه نفوسهم إذا ثَنَوْا به صدورهم واستغشوا علـيه ثـيابهم ؟