Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 81-81)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : قالت الـملائكة للوط لـما قال لوط لقومه { لَوْ أنَّ لـي بِكُمْ قُوَّةً أوْ آوِي إلـى رُكْنٍ شَدِيدٍ } ورأوا ما لَقِـي من الكرب بسببهم منهم : { يا لُوطُ إنَّا رُسُلْ رَبِّكَ } أرسلنا لإهلاكهم ، وإنهم لن يصلوا إلـيك وإلـى ضيفك بـمكروه ، فهوّن علـيك الأمر ، { فَأَسْرِ بأهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّـيْـلِ } يقول : فـاخرج من بـين أظهرهم أنت وأهلك ببقـية من اللـيـل ، يقال منه : أسرى وسَرَى ، وذلك إذا سار بلـيـل . { وَلا يَـلْتَفِتُ مِنْكُمْ أحَدٌ إلاَّ امْرأتَكَ } . واختلفت القراءة فـي قراءة قوله : { فأسْرِ } فقرأ ذلك عامة قرّاء الـمكيـين والـمدنـيـين : « فـاسْرِ » وصل بغير همز الألف من « سَرى » . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة والبصرة : فَأَسْرِ بهمز الألف من « أسرى » والقول عندي فـي ذلك أنهما قراءتان قد قرأ بكلّ واحدة منهما أهل قُدْوة فـي القراءة ، وهما لغتان مشهورتان فـي العرب معناهما واحد ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب الصواب فـي ذلك . وأما قوله : { إلاَّ امْرأتَكَ } فإن عامة القرّاء من الـحجاز والكوفة ، وبعض أهل البصرة ، قرءوا بـالنصب { إلاَّ امْرأتَكَ } بتأويـل : فأسر بأهلك إلا امرأتك ، وعلـى أن لوطاً أمر أن يسري بأهله سوى زوجته ، فإنه نُهِي أن يُسْري بها ، وأمر بتـخـلـيفها مع قومها . وقرأ ذلك بعض البصريـين : « إلاَّ امْرأتُكَ » رفعاً ، بـمعنى : ولا يـلتفت منكم أحد إلا امرأتُك ، فإن لوطاً قد أخرجها معه ، وإنه نُهِي لوط ومن معه مـمن أسرى معه أن يـلتفتَ سوى زوجته ، وإنها التفتت فهلكت لذلك . وقوله : { إنَّهُ مُصِيبُها ما أصَابَهُمْ } يقول : إنه مصيب امرأتك ما أصاب قومك من العذاب . { إنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ } يقول : إن موعد قومك الهلاك الصبح . فـاستبطأ ذلك منهم لوط ، وقال لهم : بلـى عجلوا لهم الهلاك فقالوا : { ألَـيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ } : أي عند الصبح نزول العذاب بهم . كما : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق : { ألَـيْسَ الصُّبْحُ بقَريبٍ } : أي إنـما ينزل بهم من صبح لـيـلتك هذه ، فـامض لـما تؤمر . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد ، قال : فمضت الرسل من عند إبراهيـم إلـى لوط ، فلـما أتوا لوطاً ، وكان من أمرهم ما ذكر الله ، قال جبرئيـل للوط : يا لُوطُ { إنَّا مُهْلِكُوا أهْل هَذِهِ القَرْيَةِ إنَّ أهْلَها كَانُوا ظَالِـمِينَ } فقال لهم لوط : أهلكوهم الساعة فقال له جبرئيـل علـيه السلام : { إن مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ألَـيْسَ الصُّبْحُ بقَرِيبٍ } فأنزلت علـى لوط : { ألَـيْسَ الصُّبْحُ بقَرِيبٍ } قال : فأمره أن يَسْري بأهله بِقطْع من اللـيـل ، ولا يـلتفت منهم أحد إلا امرأته . قال : فسار ، فلـما كانت الساعة التـي أهلكوا فـيها أدخـل جبرئيـل جناحه فرفعها حتـى سمع أهل السماء صياح الدِّيَكة ونُبـاح الكلاب ، فجعل عالـيها سافلها ، وأمطر علـيها حجارة منِ سجِّيـل ، قال : وسمعت امرأة لوط الهَدَّة ، فقالت : واقوماه فأدركها حجر فقتلها . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب ، عن حفص بن حميد ، عن شمر بن عطية ، قال : كان لوط أخذ علـى امرأته أن لا تذيع شيئا من سرّ أضيافه ، قال : فلـما دخـل علـيه جبرئيـل ومن معه ، رأتهم فـي صورة لـم تر مثلها قطاً فـانطلقت تسعى إلـى قومها ، فأتت النادي فقالت بـيدها هكذا ، وأقبلوا يُهْرَعون مشياً بـين الهرولة والـجمز . فلـما انتهوا إلـى لوط قال لهم لوط ما قال الله فـي كتابه ، قال جبرئيـل : { يا لُوطُ إنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إلَـيْكَ } قال : فقال بـيده ، فطمس أعينهم ، فجعلوا يطلبونهم ، يـلـمُسون الـحيطان وهم لا يبصرون . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن حذيفة ، قال : لـما بصرت بهم يعنـي بـالرسل عجوز السُّوء امرأته انطلقت فأنذرتهم فقالت : إنه تَضَيَّفَ لوطاً قوم ما رأيت قوماً أحسن وجوها قال : ولا أعلـمه إلا قالت : ولا أشدّ بـياضاً وأطيب ريحاً . قال : فأتوه يهرعون إلـيه ، كما قال الله ، فأصفق لوط البـاب ، قال : فجعلوا يعالـجونه ، قال : فـاستأذن جبرئيـل ربه فـي عقوبتهم ، فأذن له ، فصفقهم بجناحه ، فتركهم عميانا يتردّدون فـي أخبث لـيـلة ما أتت علـيهم قطّ ، فأخبروه { إنَّا رسُلُ رَبِّكَ } { فَأَسْرِ بِأهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّـيْـلِ } قال : ولقد ذكر لنا أنه كانت مع لوط حين خرج من القرية امرأته ، ثم سمعت الصوت ، فـالتفتت وأرسل الله علـيها حجراً فأهلكها . وقوله : { إنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ألَـيْسَ الصُّبْحُ بقَرِيبٍ } فأراد نبـيّ الله ما هو أعجل من ذلك ، فقالوا ألـيس الصبح بقريب ؟ حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا الـحكم بن بشير ، قال : ثنا عمرو بن قـيس الـملائي ، عن سعيد بن بشير ، عن قتادة ، قال : انطلقت امرأته يعنـي امرأة لوط حين رأتهم ، يعنـي حين رأت الرسل إلـى قومها ، فقالت : إنه قد ضافه اللـيـلة قوم ما رأيت مثلهم قط أحسن وجوها ولا أطيب ريحاً فجاءوا يُهْرَعون إلـيه ، فبـادرهم لوط إلـى أن يزجهم علـى البـاب ، فقال : { هَؤُلاءِ بَناتـي إنْ كُنْتُـمْ فـاعِلِـينَ } فقالوا : { أو لَـمْ نَنْهَكَ عَنِ العالَـمِينَ } . فدخـلوا علـى الـملائكة ، فتناولتهم الـملائكة وطمست أعينهم ، فقالوا : يا لوط جئتنا بقوم سحرة سحرونا كما أنت حتـى تصبح قال : واحتـمل جبرئيـل قُرَيات لوط الأربع ، فـي كل قرية مئة ألف ، فرفعهم علـى جناحه بـين السماء والأرض ، حتـى سمع أهل السماء الدنـيا أصوات دِيَكتهم ، ثم قلبهم ، فجعل الله عالـيها سافلها . حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : قال حذيفة : لـما دخـلوا علـيه ، ذهبت عجوزه عجوز السوُّء ، فأتت قومها ، فقالت : لقد تضيفَّ لوطاً اللـيـلة قوم ما رأيت قوماً قطّ أحسن وجوها منهم قال : فجاءوا يسرعون ، فعاجلهم لوط ، فقام ملك فلزّ البـاب يقول : فسدّه واستأذن جبرئيـل فـي عقوبتهم ، فأذن له ، فضربهم جبرئيـل بجناحه ، فتركهم عمياناً ، فبـاتوا بشرّ لـيـلة ، ثم { قالُوا إنَّا رُسُلُ رَبِّكَ فَأَسْرِ بأهْلِكَ بقِطْعٍ مِنَ اللَّـيْـلِ وَلا يَـلْتَفِتْ مِنْكُمْ أحَدٌ إلاَّ امْرأتَكَ } قال : فبلغنا أنها سمعت صوتاً ، فـالتفتت فأصابها حجر ، وهي شاذّة من القوم ، معلوم مكانها . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، عن حذيفة بنـحوه ، إلا أنه قال : فعاجلهم لوط . حدثنـي موسى بن هارون ، قال : ثنا عمرو بن حماد ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، قال : لـما قال لوط : { لَوْ أنَّ لـي بِكُمْ قُوَّةً أوْ آوِي إلـى رُكْنٍ شَدِيدٍ } بسط حينئذ جبريـل علـيه جناحيه ، ففقأ أعينهم وخرجوا يدوس بعضهم فـي أدبـار بعض عمياناً يقولون : النـجاء النـجاء فإن فـي بـيت لوط أسحر قوم فـي الأرض فذلك قوله : { وَلقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أعْيُنَهَمْ } . وقالوا للوط : { إنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إلَـيْكَ فأَسْرِ بأهْلِكَ بِقطْعٍ مِنَ اللَّـيْـلِ وَلا يَـلْتَفِتْ مِنْكُمْ أحَدٌ إلاَّ امْرأتَكَ إنَّهُ مُصِيبُها } واتبع أدبـار أهلك يقول : سر بهم ، { وَامْضوا حَيْثُ تؤْمَرُونَ } فأخرجهم الله إلـى الشأم ، وقال لوط : أهلكوهم الساعة فقالوا : إنا لـم نؤمر إلا بـالصبح ، ألـيس الصبح بقريب ؟ فلـما أن كان السَّحَر خرج لوط وأهله معه امرأته ، فذلك قوله : { إلاَّ آلَ لُوطٍ نَـجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ } . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا إسماعيـل بن عبد الكريـم ، عن عبد الصمد أنه سمع وهب بن منبه يقول : كان أهل سَدُوم الذين فـيهم لوط قوما قد استغنوا عن النساء بـالرجال فلـما رأى الله ذلك بعث الـملائكة لـيعذّبوهم ، فأتوا إبراهيـم ، وكان من أمره وأمرهم ما ذكر الله فـي كتابه . فلـما بشَّروا سارَة بـالولد ، قاموا وقام معهم إبراهيـم يـمشي ، قال : أخبرونـي لـم بُعِثتـم وما خَطْبكم ؟ قالوا : إنا أرسلنا إلـى أهل سدوم لندمِّرها ، وإنهم قوم سوء قد استغنوا بـالرجال عن النساء . قال إبراهيـم : إن كان فـيهم خمسون رجلاً صالـحاً ؟ قالوا : إذن لا نعذبهم . فجعل ينقص حتـى قال أهل البـيت ، قال : فإن كان فـيها بـيت صالـح ؟ قال : فلوط وأهل بـيته . قالوا : إن امرأته هواها معهم . فلـما يئس إبراهيـم انصرف ومضوا إلـى أهل سَدُوم ، فدخـلوا علـى لوط فلـما رأتهم امرأته أعجبها حسنهم وجمالهم ، فأرسلت إلـى أهل القرية إنه قد نزل بنا قوم لـم يُرَ قوم قط أحسن منهم ولا أجمل فتسامعوا بذلك ، فغشوا دار لوط من كل ناحية وتسوروا علـيهم الـجدران . فلقـيهم لوط ، فقال : يا قوم لا تفضحونـي فـي ضيفـي ، وأنا أزوّجكم بناتـي فهن أطهر لكم فقالوا : لو كنا نريد بناتك لقد عرفنا مكانهنّ ، فقال : { لَوْ أنَّ لـي بِكُمْ قُوَّةً أوْ آوِي إلـى رُكْنٍ شَدِيدٍ } . فوجد علـيه الرسل ، قالوا : إن ركنك لشديد ، وإنهم آتـيهم عذاب غير مردود فمسح أحدهم أعينهم بجناحيه ، فطمس أبصارهم ، فقالوا : سحرنا ، انصرفوا بنا حتـى نرجع إلـيه فكان من أمرهم ما قد قصّ الله تعالـى فـي كتابه . فأدخـل ميكائيـل وهو صاحب العذاب جناحه حتـى بلغ أسفل الأرض ، فقلبها ، ونزلت حجارة من السماء ، فتتبعت من لـم يكن منهم فـي القرية حيث كانوا ، فأهلكهم الله ، ونـجى لوطاً وأهله ، إلا امرأته . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، وعن أبـي بكر بن عبد الله وأبو سفـيان ، عن معمر ، عن قتادة ، عن حذيفة ، دخـل حديث بعضهم فـي بعض ، قال : كان إبراهيـم علـيه السلام يأتـيهم فـيقول : ويْحَكم أنهاكم عن الله أن تَعَرضوَّا لعقوبته ، حتـى إذا بلغ الكتاب أجله لـمـحلّ عذابهم وسطوات الربّ بهم . قال : فـانتهت الـملائكة إلـى لوط وهو يعمل فـي أرض له ، فدعاهم إلـى الضيافة ، فقالوا : إنا مضيفوك اللـيـلة . وكان الله تعالـى عهد إلـى جبريـل علـيه السلام أن لا تعذبهم حتـى يشهد علـيهم لوط ثلاث شهادات فلـما توجه بهم لوط إلـى الضيافة ، ذكر ما يعمل قومه من الشرّ والدواهي العظام ، فمشي معهم ساعة ، ثم التفت إلـيهم ، فقال : أما تعلـمون ما يعمل أهل هذه القرية ؟ ما أعلـم علـى وجه الأرض شرّا منهم ، أين أذهب بكم إلـى قومي وهم شرّ خـلق الله فـالتفت جبرئيـل إلـى الـملائكة فقال : احفظوا هذه واحدة ثم مشى ساعة فلـما توسط القرية وأشفق علـيهم واستـحيا منهم ، قال : أما تعلـمون ما يعمل أهل هذه القرية ؟ وما أعلـم علـى وجه الأرض شرّاً منهم ، إن قومي شرّ خـلق الله فـالتفت جبرئيـل إلـى الـملائكة ، فقال : احفظوا هاتان ثنتان فلـما انتهى إلـى بـاب الدار بكى حياء منهم وشفقة علـيهم وقال : إن قومي شرّ خـلق الله ، أما تعلـمون ما يعمل أهل هذه القرية ؟ ما أعلـم علـى وجه الأرض أهل قرية شرّا منهم فقال جبريـل للـملائكة : احفظوا هذه ثلاث قد حَقّ العذاب . فلـما دخـلوا ذهبت عجوزه ، عجوز السوء ، فصعدت فلوّحت بثوبها ، فأتاها الفسَّاق يهرعون سراعاً ، قالوا : ما عندك ؟ قالت : ضيَّف لوط اللـيـلة قوماً ما رأيت أحسن وجوها منهم ولا أطيب ريحاً منهم فهرعوا مسارعين إلـى البـاب ، فعاجلهم لوط علـى البـاب ، فدافعوه طويلاً ، هو داخـل وهم خارج ، يناشدهم الله ويقول : { هَؤُلاَءِ بَنَاتِـي هُنَّ أطْهَرَ لَكُمْ } فقام الـمَلك فلزّ البـاب يقول : فسدّه واستأذن جبرئيـل فـي عقوبتهم ، فأذن الله له ، فقام فـي الصورة التـي يكون فـيها فـي السماء ، فنشر جناحه ، ولـجبرئيـل جناحان ، وعلـيه وشاح من درّ منظوم ، وهو برّاق الثنايا أجلـي الـجبـين ، ورأسه حُبُك حُبُك ، مثل الـمرجان وهو اللؤلؤ ، كأنه الثلـج ، وقدماه إلـى الـخضرة ، فقال : { يا لُوطُ إنَّا رُسُلُ رَبَّكَ لَنْ يَصِلُوا إلـيكَ } امض يا لوط من البـاب ودعنـي وإياهم فتنـحَّى لوط عن البـاب ، فخرج علـيهم فنشر جناحه ، فضرب به وجوههم ضربة شدخ أعينهم فصاروا عميا لا يعرفون الطريق ولا يهتدون إلـى بـيوتهم . ثم أمر لوطاً فـاحتـمل بأهله من لـيـلته ، قال : { فَأَسْرِ بأهْلِكَ بقِطْعٍ مِنَ اللَّـيْـلِ } . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، قال : لـما قال لوط لقومه : { لَوْ أنَّ لـي بِكُمْ قُوَّةً أوْ آوِي إلـى رُكْنٍ شَدِيدٍ } والرسل تسمع ما يقول وما يقال له ويرون ما هو فـيه من كرب ذلك ، فلـما رأوا ما بلغه { قالُوا يا لُوطُ إنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إلَـيْكَ } أي بشيء تكرهه ، فَأَسْرِ بأهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّـيْـلِ وَلا يَـلْتَفِتْ مِنْكُمْ أحَدٌ إلاَّ امْرأتَكَ إنَّهُ مُصِيبُها ما أصَابَهُمْ إنَّ مَوْعِدَهُمُ الصبْحُ ألَـيْسَ الصُّبْحُ بقَرِيبٍ أي إنـما ينزل بهم العذاب من صبح لـيـلتك هذه ، فـامض لـما تؤمر . قال : ثنا سلـمة ، عن مـحمد بن إسحاق ، عن مـحمد بن كعب القُرَظي أنه حدَّث . أن الرسل عند ذلك سَفَعُوا فـي وجوه الذين جاءوا لوطا من قومه يراودونه عن ضيفه ، فرجعوا عميانا . قال : يقول الله : { وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أعْيُنَهُمْ } حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { بقِطْعٍ مِنَ اللَّـيْـلِ } قال : بطائفة من اللـيـل . حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { بقِطْعٍ مِنَ اللَّـيْـلِ } بطائفة من اللـيـل . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عبـاس ، قوله : { بقِطْعٍ مِنَ اللَّـيْـلِ } قال : جوف اللـيـل . وقوله : { واتَّبِعْ أدْبـارَهُمْ } يقول : واتبع أدبـار أهلك ، { ولا يَـلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ } . وكان مـجاهد يقول فـي ذلك ما : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد : { وَلا يَـلْتَفِتْ مِنْكُمْ أحَدٌ } قال : لا ينظر وراءه أحد ، إلاَّ امْرأتَكَ . ورُوى عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقرأ : « فَأَسْرِ بأهْلكَ بقطْعٍ مِنَ اللَّـيْـلِ إلاَّ امْرأتَكَ » . حدثنـي بذلك أحمد بن يوسف ، قال : ثنا القاسم بن سلام ، قال : ثنا حجاج ، عن هارون ، قال فـي حرف ابن مسعود : « فَأَسْرِ بأهْلِكَ بقِطْعٍ مِنَ اللَّـيْـلِ إلاَّ امْرأتَكَ » . وهذا يدلّ علـى صحة القراءة بـالنصب .