Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 49-49)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وهذا خبر من يوسف علـيه السلام للقوم عما لـم يكن فـي رؤيا ملكهم ، ولكنه من علـم الغيب الذي آتاه الله دلالة علـى نبوّته وحجة علـى صدقة . كما : حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : ثم زاده الله علـم سنة لـم يسألوه عنها ، فقال : { ثُمَّ يَأْتِـي مِنْ بَعْدِ ذلكَ عامٌ فِـيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِـيهِ يَعْصِرُونَ } . ويعنـي بقوله : { فِـيهِ يُغاثُ النَّاسُ } بـالـمطر والغيث . وبنـحو ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { ثُمَّ يَأْتِـي مِنْ بَعْدِ ذلكَ عامٌ فِـيهِ يُغاثُ النَّاسُ } قال : فـيه يغاثون بـالـمطر . حدثنا الـحسن بن مـحمد ، قال : ثنا مـحمد بن يزيد الواسطي ، عن جويبر ، عن الضحاك : { فِـيهِ يُغاثُ النَّاسُ } قال : بـالـمطر . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عبـاس : { ثُمَّ يَأْتِـي مِنْ بَعْدِ ذلكَ عامٌ } قال : أخبرهم بشيء لـم يسألوه عنه ، وكان الله قد علّـمه إياه عام فـيه يغاث الناس بـالـمطر . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { فِـيهِ يُغاثُ النَّاسُ } بـالـمطر . وأما قوله : { وَفِـيهِ يَعْصِرُونَ } فإن أهل التأويـل اختلفوا فـي تأويـله ، فقال بعضهم : معناه : وفـيه يعصرون العنب والسمسم وما أشبه ذلك . ذكر من قال ذلك : حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس : { وَفِـيهِ يَعْصِرُونَ } قال : الأعناب والدهن . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عبـاس : { وَفِـيهِ يَعْصِرُونَ } السمسم دهناً ، والعنب خمراً ، والزيتون زيتاً . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { عامٌ فِـيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِـيهِ يَعْصِرُونَ } يقول : يصيبهم غيث ، فـيعصرون فـيه العنب ، ويعصرون فـيه الزيت ، ويعصرون من كلّ الثمرات / حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { وَفِـيهِ يَعْصِرُونَ } قال : يعصرون أعنابهم . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا عمرو بن مـحمد ، عن أسبـاط ، عن السديّ : { وَفِـيهِ يَعْصِرُونَ } قال : العنب . حدثنا الـحسن بن مـحمد ، قال : ثنا مـحمد بن يزيد الواسطي ، عن جويبر ، عن الضحاك : { وَفِـيهِ يَعْصِرُونَ } قال : كانوا يعصرون الأعناب والثمرات . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { وَفِـيهِ يَعْصِرُونَ } قال : يعصرون الأعناب والزيتون والثمار من الـخصب ، هذا علـم آتاه الله يوسف لـم يسئل عنه . وقال آخرون : معنى قوله : { وَفِـيهِ يَعْصِرُونَ } وفـيه يحلبون . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي فضالة ، عن علـيّ بن أبـي طلـحة ، عن ابن عبـاس : { وَفِـيهِ يَعْصِرُونَ } قال : فـيه يحلبون . حدثنـي الـمثنى ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الرحمن بن أبـي حماد ، قال : ثنا الفرج بن فضالة ، عن علـيّ بن أبـي طلـحة ، قال : كان ابن عبـاس يقرأ : « وَفِـيهِ تَعْصِرُونَ » بـالتاء ، يعنـي تـحتلبون . واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأه بعض أهل الـمدينة والبصرة والكوفة : { وَفِـيهِ يَعْصِرُونَ } بـالـياء ، بـمعنى ما وصفت من قول من قال : عصر الأعناب والأدهان . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفـيـين : « وَفِـيهِ تَعْصِرُونَ » بـالتاء . وقرأه بعضهم : « وَفِـيهِ يَعْصَرُونَ » بـمعنى : يُـمطرون ، وهذه قراءة لا أستـجيز القراءة بها لـخلافها ما علـيه من قرّاء الأمصار . والصواب من القراءة فـي ذلك أن لقارئه الـخيار فـي قراءته بأيّ القراءتـين الأخريـين شاء ، إن شاء بـالـياء ردًّا علـى الـخبر به عن الناس ، علـى معنى : { فِـيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِـيهِ يَعْصِرُونَ } أعْنابهم وأدهانهم . وإن شاء بـالتاء ردًّا علـى قوله : { إلاَّ قَلِـيلاً مِـمَّا تُـحْصِنُونَ } وخطابـاً به لـمن خاطبه بقوله : { يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُـمْ لَهُنَّ إلاَّ قَلِـيلاً مِـمَّا تُـحْصِنُونَ } لأنهما قراءتان مستفـيضتان فـي قِرَاءَة الأمصار بـاتفـاق الـمعنى ، وإن اختلفت الألفـاظ بهما . وذلك أن الـمخاطبـين بذلك كان لا شكّ أنهم أغيثوا وعصروا : أغيث الناس الذين كانوا بناحيتهم وعصروا ، وكذلك كانوا إذا أغيث الناس بناحيتهم وعصروا ، أغيث الـمخاطبون وعصروا ، فهما متفقتا الـمعنى ، وإن اختلفت الألفـاظ بقراءة ذلك . وكان بعض من لا علـم له بأقوال السلف من أهل التأويـل مـمن يفسر القرآن برأيه علـى مذهب كلام العرب يوجه معنى قوله : { وَفِـيهِ يَعْصِرُونَ } إلـى : وفـيه يَنْـجون من الـجدب والقحط بـالغيث ، ويزعم أنه من العَصر والعصر التـي بـمعنى الـمنـجاة ، من قول أبـي زبـيد الطائي : @ صَادِياً يَسْتَغِيثُ غَيْرَ مُغاثٍ وَلَقَدْ كانَ عُصْرَةَ الـمَنْـجُودِ @@ أي الـمقهور ، ومن قول لبـيد @ : فبـاتَ وأسْرَى القَوْمُ آخِرَ لَـيْـلهِمْ وَما كانَ وَقَّافـاً بغَيْرِ مُعَصَّرِ @@ وذلك تأويـل يكفـي من الشهادة علـى خطئه خلافه قول جميع أهل العلـم من الصحابة والتابعين . وأما القول الذي روى الفَرج بن فضالة عن علـيّ بن أبـي طلـحة ، فقول لا معنى له ، لأنه خلاف الـمعروف من كلام العرب وخلاف ما يعرف من قول ابن عبـاس رضي الله عنهما .