Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 63-63)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : فلـما رجع إخوة يوسف إلـى أبـيهم ، قالوا : { يا أبـانا مُنِعَ مِنَّا الكَيْـلُ فَأَرْسِلْ مَعَنا أخانا نَكْتَلْ } يقول : مُنع منا الكيـل فوق الكيـل الذي كيـل لنا ، ولـم يُكَل لكل رجل منا إلا كيـل بعير ، فأرسل معنا أخانا بنـيامين يكتل لنفسه كيـل بعير آخر زيادة علـى كيـل أبـاعرنا . { وَإنَّا له لُـحَافِظُونَ } من أن يناله مكروه فـي سفره . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا عمرو ، عن أسبـاط ، عن السديّ : فلـما رجعوا إلـى أبـيهم قالوا : يا أبـانا إن ملك مصر أكرمنا كرامة مّا لو كان رجل من ولد يعقوب ما أكرمنا كرامته ، وإنه ارتهن شمعون ، وقال : ائتونـي بأخيكم هذا الذي عكف علـيه أبوكم بعد أخيكم الذي هلك ، فإن لـم تأتونـي به فلا تقربوا بلادي . قال يعقوب : { هَلْ آمَنُكُمْ عَلَـيْهِ إلاَّ كَمَا أمِنْتُكُمْ علـى أخِيهِ مِنْ قَبْلُ فـاللّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } قال : فقال لهم يعقوب : إذا أتـيتـم ملك مصر فـاقرئوه منـي السلام ، وقولوا : إن أبـانا يصلِّـي علـيك ، ويدعو لك بـما أولـيتنا . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، قال : خرجوا حتـى قدموا علـى أبـيهم ، وكان منزلهم فـيـما ذكر لـي بعض أهل العلـم بـالعَرَبـات من أرض فلسطين بغَوْر الشام . وبعض يقول : بـالأولاج من ناحية الشِّعب أسفل من حِسْمَى ، وكان صاحب بـادية له شاءٌ وإبل ، فقالوا : يا أبـانا قدمنا علـى خير رجل أنزلنا فأكرم منزلنا وكال لنا فأوفـانا ولـم يبخسنا ، وقد أمرنا أن نأتـيه بأخ لنا من أبـينا ، وقال : إن أنتـم لـم تفعلوا فلا تقربُنـيِّ ولا تدخـلُنَّ بلدي فقال لهم يعقوب : { هَلْ آمَنُكُمْ عَلَـيْهِ إلاَّ كمَا أمِنْتُكُمْ علـى أخِيهِ مِنْ قَبْلُ فـاللّهُ خَيْرٌ حافِظا وَهُوَ أرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } واختلفت القراء فـي قراءة قوله : { نَكْتَلْ } ، فقرأ ذلك عامة قرّاء أهل الـمدينة وبعض أهل مكة والكوفة { نَكْتَلْ } بـالنون ، بـمعنى : نكتل نـحن وهو . وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل الكوفة : « يَكْتَلْ » بـالـياء ، بـمعنى يكتل هو لنفسه كما نكتال لأنفسنا . والصواب من القول فـي ذلك أنهما قراءتان معروفتان متفقتا الـمعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب الصواب . وذلك أنهم إنـما أخبروا أبـاهم أنه مَنَع منهم زيادة الكيـل علـى عدد رؤوسهم ، فقالوا : { يا أبـانَا مُنِعَ مِنَّا الكَيْـلُ } ثم سألوه أن يرسل معهم أخاهم لـيكتال لنفسه ، فهو إذاً اكتال لنفسه واكتالوا هم لأنفسهم ، فقد دخـل الأخ فـي عَدَدهم . فسواء كان الـخبر بذلك عن خاصة نفسه ، أو عن جميعهم بلفظ الـجميع ، إذ كان مفهوماً معنى الكلام وما أريد به .