Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 3-3)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : والله الذي مدّ الأرض ، فبسطها طولاً وعرضاً . وقوله : { وَجَعَلَ فِـيها رَوَاسِيَ } يقول جلّ ثناؤه : وجعل فـي الأرض جبـالاً ثابتة والرواسي : جمع راسية ، وهي الثابتة ، يقال منه : أرسيت الوتد فـي الأرض : إذا أثبته ، كما قال الشاعر : @ بِهِ خالِدَاتٌ ما يَرِمْنَ وهامِدٌ وأشْعَثُ أرْسَتْهُ الوَلِـيدَةُ بـالفِهْرِ @@ يعنـي : أثبتته . وقوله : { وأنهاراً } يقول : وجعل فـي الأرض أنهاراً من ماء . وقوله : { وَمِنْ كُلّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِـيهَا زَوْجيْنِ اثْنَـينِ } فـ « مِنْ » فـي قوله { وَمِنْ كُلّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِـيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَـيْنِ } من صلة « جعل » الثانـي لا الأول . ومعنى الكلام : وجعل فـيها زوجين اثنـين من كلّ الثمرات . وعنى بزوجين اثنـين : من كل ذَكَرٍ اثنان ، ومن كل أنثى اثنان ، فذلك أربعة من الذكور اثنان ومن الإناث اثنان فـي قول بعضهم . وقد بـيَّنا فـيـما مضى أن العرب تسمي الاثنـين زوجين ، والواحد من الذكور زوجاً لأنثاه ، وكذلك الأنثى الواحدة زوجاً وزوجة لذكرها ، بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع . ويزيد ذلك إيضاحاً قول الله عزّ وجلّ : { وأنَّهُ خَـلَقَ الزَّوْجَيْن الذَّكَرَ والأُنْثَى } فسمى الاثنـين الذكر والأنثى زوجين . وإنـما عنى بقوله : { مِنْ كُلّ زَوْجَيْن اثْنَـيْن } : نوعين وضربـين . وقوله : { يُغْشى اللَّـيْـلَ النَّهارَ } يقول : يجلل اللـيـل النهار فـيـلبسه ظلـمته ، والنهار اللـيـل بضيائه . كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { يُغْشِي اللَّـيْـلَ النَّهارَ } : أي يـلبس اللـيـلَ النهار . وقوله : { إنَّ فِـي ذلكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } يقول تعالـى ذكره : إن فـيـما وصفت وذكرت من عجائب خـلق الله وعظيـم قدرته التـي خـلق بها هذه الأشياء ، لدلالات وحججاً وعظات ، لقوم يتفكرون فـيها فـيستدلون ويعتبرون بها ، فـيعلـمون أن العبـادة لا تصلـح ولا تـجوز إلاَّ لـمن خـلقها ودبَّرها دون غيره من الآلهة والأصنام التـي لا تقدر علـى ضرّ ولا نفع ولا لشيء غيرها ، إلاَّ لـمن أنشأ ذلك فأحدثه من غير شيء تبـارك وتعالـى ، وأن القدرة التـي أبدع بها ذلك هي القدرة التـي لا يتعذّر علـيه إحياء من هلك من خـلقه وإعادة ما فنـي منه وابتداع ما شاء ابتداعه بها .