Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 4-4)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : { وفـي الأرْض قطَعٌ مُتَـجاوِرَاتٌ } : وفـي الأرض قطع منها متقاربـات متدانـيات يقرب بعضها من بعض بـالـجوار ، وتـختلف بـالتفـاضل مع تـجاورها وقرب بعضها من بعض ، فمنها قطعة سَبِخة لا تنبت شيئاً فـي جوار قطعة طيبة تنبت وتنفع . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفـيان ، عن لـيث ، عن مـجاهد : { وفـي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَـجاوِرَاتٌ } قال : السَّبِخة والعَذِيَة ، والـمالـح والطيب . حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا سفـيان ، عن لـيث ، عن مـجاهد ، قوله : { وفِـي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَـجاوِرَاتٌ } قال : سبـاخ وعُذُوبة . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو نعيـم ، قال : ثنا سفـيان ، عن لـيث ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنا الـحسن بن مـحمد ، قال : ثنا سعيد بن سلـيـمان ، قال : ثنا إسحاق بن سلـيـمان ، عن أبـي سنان ، عن ابن عبـاس فـي قوله : { وفِـي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَـجاورَاتٌ } قال : العَذِبة والسَّبِخة . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وفِـي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَـجاوِرَاتٌ } يعنـي : الأرض السَّبِخة ، والأرض العَذِبة ، يكونان جميعاً متـجاورات ، نفضل بعضها علـى بعض فـي الأُكل . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عبـاس : { قِطَعٌ مُتَـجاوِرَاتٌ } العَذِبة والسَّبِخة متـجاورات جميعاً ، تنبت هذه ، وهذه إلـى جنبها لا تنبت . حدثنا الـحسن بن مـحمد ، قال : ثنا شبـابة ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { قِطَعٌ مُتَـجاوِرَاتٌ } طيبها : عَذِيُّهَا ، وخبـيثها : السبـاخ . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، بنـحوه . قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وفِـي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَـجاوِرَاتٌ } قرى قربت متـجاورات بعضها من بعض . حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { وفِـي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَـجاوِرَاتٌ } قال : قُرًى متـجاورات . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا هشيـم ، عن أبـي إسحاق الكوفـيّ ، عن الضحاك ، فـي قوله : { قِطَعٌ مُتَـجاوِرَاتٌ } قال : الأرض السَّبِخة تلـيها الأرض العَذِية . حُدثت عن الـحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : ثنا عبـيد بن سلـيـمان ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله : { وفِـي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَـجاوِرَاتٌ } يعنـي الأرض السَّبِخة والأرضِ العَذِية ، متـجاورات بعضها عند بعض . حدثنا الـحارث ، قال : ثنا عبد العزيز ، قال : ثنا إسرائيـل ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبـير عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { وفِـي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَـجاوِرَاتٌ } قال : الأرض تنبت حلُواً ، والأرض تنبت حامضاً ، وهي متـجاورة { تُسْقَـى بِـمَاءٍ وَاحِدٍ } . حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا إسرائيـل ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبـاس : { وفِـي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَـجاوِرَاتٌ } قال : يكون هذا حلُواً وهذا حامضاً ، وهو يُسْقـى بـماء واحد ، وهنّ متـجاورات . حدثنـي عبد الـجبـار بن يحيى الرملـيّ ، قال : ثنا ضَمْرة بن ربـيعة ، عن ابن شوذب فـي قوله : { وفِـي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَـجاوِرَاتٌ } قال : عذية ومالـحة . وقوله : { وَجَنَّاتٌ مِنْ أعْنابِ وَزَرْعٌ ونَـخِيـلٌ صِنْوَانٌ وغيرُ صِنْوَانٍ يُسْقَـى بِـمَاءٍ وَاحِدٍ ونُفَضّلُ بَعْضَها علـى بَعْضٍ فِـي الأُكُلِ } يقول تعالـى ذكره : وفـي الأرض مع القطع الـمختلفـات الـمعانـي منها ، بـالـملوحة والعذوبة ، والـخبـيث والطيب ، مع تـجاورها وتقارب بعضها من بعض ، بساتـينُ من أعناب وزرع ونـخيـل أيضاً ، متقاربة فـي الـخِـلقة مختلفة فـي الطعوم والألوان ، مع اجتـماع جميعها علـى شِرب واحد ، فمِنْ طيِّبٍ طعمُه منها حَسَنٍ منظره طيبة رائحته ، ومِن حامض طعمه ولا رائحة له . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبـير ، فـي قوله : { وَجَنَّاتٌ مِنْ أعْنابٍ وَزَرْعٌ ونَـخِيـلٌ صِنْوَانٍ وغير صْنَوانٍ } قال : مـجتـمع وغير مـجتـمع . { يُسْقَـى بِـمَاءٍ واحِد ونُفَضِّلُ بَعْضَها علـى بَعْضٍ فِـي الأُكُلِ } قال : الأرض الواحدة يكون فـيها الـخَوْخ والكمثري والعنب الأبـيض والأسود ، وبعضها أكثر حملاً من بعض ، وبعضه حلو ، وبعضه حامض ، وبعضه أفضل من بعض . حدثنا الـحسن بن مـحمد ، قال : ثنا شبـابة ، عن ورقاء ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { وَجَنَّاتٌ } قال : وما معها . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد قال الـمثنى ، وثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، مثله . واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله : { وَزَرْعٌ ونَـخِيـلٌ } فقرأ ذلك عامة قرّاء أهل الـمدينة والكوفة : « وَزَرْعٍ ونَـخِيـلٍ » بـالـخفض عطفـاً بذلك علـى « الأعناب » ، بـمعنى : وفـي الأرض قطع متـجاورات ، وجنَّات من أعناب ومن زرع ونـخيـل . وقرأ ذلك بعض قرّاء أهل البصرة : { وزَرْعٌ ونَـخِيـلٌ } بـالرفع عطفـاً بذلك علـى « الـجنات » ، بـمعنى : وفـي الأرض قطع متـجاورات وجنات من أعناب ، وفـيها أيضاً زرع ونـخيـل . والصواب من القول فـي ذلك أن يقال : إنهما قراءتان متقاربتا الـمعنى ، وقرأ بكلّ واحدة منهما قرّاء مشهورون ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب وذلك أن الزرع والنـخـل إذا كانا فـي البساتـين فهما فـي الأرض ، وإذا كانا فـي الأرض فـالأرض التـي هما فـيها جنة ، فسواءٌ وصفـا بأنهما فـي بستان أو فـي أرض . وأما قوله : { ونَـخِيـلٌ صِنْوَانٌ وغيرُ صِنْوَانٍ } فإن الصنوان : جمع صنو ، وهي النـخَلات يجمعهن أصل واحد ، لا يفرّق فـيه بـين جميعه واثْنـيه إلاَّ بـالإعراب فـي النون ، وذلك أن تكون نونه فـي اثنـيه مكسورة بكل حال ، وفـي جميعه متصرّفة فـي وجوه الإعراب ، ونظيره القِنْوان : واحدها قِنْو . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفـيان ، عن أبـي إسحاق ، عن البراء : { صِنْوَانٌ } قال : الـمـجتـمع ، { وغيرُ صِنْوَانٍ } : الـمتفرّق . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا الـحسين ، عن أبـي إسحاق ، عن البراء ، قال : { صِنْوَانٌ } : هي النـخـلة التـي إلـى جنبها نـخلات إلـى أصلها ، { وغيرُ صِنْوَانٍ } : النـخـلة وحدها . حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا سفـيان ، عن أبـي إسحاق ، عن البراء بن عازب : { صِنْوَانٌ وغيرُ صِنْوَانٍ } قال : الصنوان : النـخـلتان أصلهما واحد ، { وغيرُ صِنْوَانٍ } النـخـلة والنـخـلتان الـمتفرّقتان . حدثنا مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن أبـي إسحاق ، قال : سمعت البرَاء يقول فـي هذه الآية ، قال : النـخـلة يكون لها النـخلات ، { وغيرُ صِنْوَانٍ } النـخـل الـمتفرّق . حدثنا الـحسن بن مـحمد ، قال : ثنا عمرو بن الهيثم أبو قطن ، ويحيى بن عبـاد وعفـان ، واللفظ لفظ أبـي قَطَن ، قال : ثنا شعبة ، عن أبـي إسحاق ، عن البراء ، فـي قوله : { صِنْوَانٌ وغيرُ صِنْوَانٍ } قال : الصنوان : النـخـلة التـي جنبها النـخَلات ، { وغيرُ صنْوَانٍ } : الـمتفرِّق . حدثنا الـحسن ، قال : ثنا شبـابة ، قال : ثنا إسرائيـل ، عن أبـي إسحاق ، عن البراء فـي قوله : { صِنْوَانٌ وغيرُ صَنْوَانٍ } قال : الصنوان : النـخلات الثلاث والأربع والثنتان أصلهنّ واحد ، وغير صنوان : الـمتفرّق . حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا سفـيان وشريك ، عن أبـي إسحاق ، عن البراء فـي قوله : { صِنْوَانٌ وغيرُ صِنْوَانٍ } قال : النـخـلتان يكون أصلهما واحد ، وغير صنوان : الـمتفرّق . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { صِنْوَانٌ } يقول : مـجتـمع . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { ونَـخِيـلٌ صِنْوَانٌ وغيرُ صِنْوانِ } يعنـي بـالصنوان : النـخـلة يخرج من أصلها النـخَلات ، فَـيحمِل بعضه ولا يحمل بعضه ، فـيكون أصله واحداً ورؤوسه متفرّقة . حدثنـي الـحارث ، قال : ثنا عبد العزيز ، قال : ثنا إسرائيـل ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { صِنْوَانٌ وغيرٌ صِنْوَانٍ } النـخيـل فـي أصل واحد ، وغير صنوانٍ : النـخيـل الـمتفرّق . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبـير : { ونَـخيـلٌ صِنْوَانٌ وغيرُ صِنْوَانٍ } قال : مـجتـمع ، وغير مـجتـمع . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا النفـيـلـي ، قال : ثنا زهير ، قال : ثنا أبو إسحاق ، عن البرَاء ، قال : الصنوان : ما كان أصله واحداً وهو متفرّق ، وغير صنوان : الذي نبت وحده . حدثنا الـحسن بن مـحمد ، قال : ثنا شبـابة ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { صِنْوَانٌ } النـخـلتان وأكثر فـي أصل واحد ، { وَغيرُ صِنْوَانٍ } وحدها . حدثنا الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { صِنْوَانٌ } : النـخـلتان أو أكثر فـي أصل واحد ، { وغيرُ صِنْوَانٍ } واحدة . قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سلـمة بن نبـيط ، عن الضحاك : { صِنْوَانٌ وغيرُ صِنْوَانٍ } قال : الصنوان : الـمـجتـمع أصله واحد ، وغير صنوان : الـمتفرّق أصله . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيـم ، عن جويبر ، عن الضحاك ، فـي قوله : { صِنْوانٌ وغيرُ صِنْوَانٍ } قال : الصنوان : الـمـجتـمع الذي أصله واحد ، وغير صنوان : الـمتفرّق . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { ونَـخِيـلٌ صِنْوَانٌ وغيرُ صِنْوانٍ } أما الصنوان : فـالنـخـلتان والثلاث أصولهنّ واحدة وفروعهنّ شتـى ، وغير صنوان : النـخـلة الواحدة . حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { صِنْوَانٌ وغيرُ صِنْوَانٍ } قال : صنوان : النـخـلة التـي يكون فـي أصلها نـخـلتان وثلاث أصلهنّ واحد . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد قوله : { ونَـخِيـلٌ صِنْوَانٌ وغيرُ صِنْوَانٍ } قال : الصنوان : النـخـلتان أو الثلاث يكنّ فـي أصل واحد ، فذلك يعدّه الناس صنواناً . حدثنا ابن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، قال : حدثنـي رجل أنه كان بـين عمر بن الـخطاب وبـين العبـاس قول ، فأسرع إلـيه العبـاس ، فجاء عمر إلـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، ألـم تر عبـاساً فعل بـي وفعل ، فأردت أن أجيبه ، فذكرت مكانه منك فكففت فقال : " يَرْحَمُكَ اللّهُ إنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أبِـيهِ " . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : { صِنْوَانٌ } : النـخـلة التـي يكون فـي أصلها نـخـلتان وثلاث أصلهنّ واحد قال : فكان بـين عمر بن الـخطاب وبـين العبـاس رضي الله عنهما قول ، فأسرع إلـيه العبـاس ، فجاء عمر إلـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبـيّ الله ألـم تر عبـاساً فعل بـي وفعل ؟ فأردت أن أجيبه ، فذكرت مكانه منك فكففت عند ذلك ، فقال : " يَرْحَمُكَ اللّهُ إنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أبِـيهِ " . قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن عيـينة ، عن داود بن شابور ، عن مـجاهد ، أن النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، قال : " لا تُؤْذُونِـي فِـي العَبَّـاسِ فإنَّهُ بَقِـيَّةُ آبـائِي ، وإنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أبِـيهِ " حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا حجاج ، عن عطاء ، وابن أبـي ملـيكة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر : " يا عُمَرُ أما عَلِـمْتَ أنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أبِـيهِ ؟ " . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قال : أخبرنـي القاسم بن أبـي بَزّة ، عن مـجاهد : { صِنْوَانٌ } قال : فـي أصل ثلاث نَـخَلات ، كمثل ثلاثة بنـي أمّ وأب يتفـاضلون فـي العمل ، كما يتفـاضل ثمر هذه النـخلات الثلاث فـي أصل واحد . قال ابن جريج : قال مـجاهد : كمثل صالـح بنـي آدم وخبـيثهم أبوهم واحد . حدثنا الـحسن بن مـحمد ، قال : ثنا حجاج بن مـحمد ، عن ابن جريج ، قال : أخبرنـي إبراهيـم بن أبـي بكر بن عبد الله ، عن مـجاهد ، نـحوه . حدثنـي القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن أبـي بكر بن عبد الله ، عن الـحسن ، قال : هذا مثل ضربه الله لقلوب بنـي آدم كان الأرض فـي يد الرحمن طينة واحدة ، فسَطَحها وبطَحَها ، فصارت الأرض قطعاً متـجاورات ، فـينزل علـيها الـماء من السماء ، فتـخرج هذه زهرتها وثمرها وشجرها وتـخرج نبـاتها وتـحيـي مواتها ، وتـخرج هذه سَبَخها ومِلْـحها وخَبثها ، وكلتاهما تُسقـى بـماء واحد ، فلو كان الـماء مالـحاً ، قـيـل : إنـما استسبخت هذه من قبل الـماء ، كذلك الناس خـلقوا من آدم ، فـينزل علـيهم من السماء تذكرة ، فترقّ قلوب فتـخشع وتـخضع ، وتقسو قلوب فتلهو وتسهو وتـجفو . قال الـحسن : والله ما جالس القرآنَ أحدٌ إلاَّ قام بزيادة أو نقصان ، قال الله : { ونُنَزّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفـاءٌ وَرَحْمَةٌ للْـمُؤْمِنِـينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِـمِينَ إلاَّ خَسارًا } وقوله : « تُسْقَـى بِـمَاءٍ وَاحِدٍ » اختلفت القرّاء فـي قوله « تُسْقَـى » ، فقرأ ذلك عامَّة قرّاء أهل الـمدينة والعراق من أهل الكوفة والبصرة : « تُسْقَـى » بـالتاء ، بـمعنى : تسقـى الـجنات والزرع والنـخيـل . وقد كان بعضهم يقول : إنـما قـيـل : « تُسقـى » بـالتاء لتأنـيث الأعناب . وقرأ ذلك بعض الـمكيـين والكوفـيـين : يُسْقَـى بـالـياء . وقد اختلف أهل العربـية فـي وجه تذكيره إذا قرىء كذلك ، وإنـما ذلك خبر عن الـجنات والأعناب والنـخيـل والزرع أنها تسقـى بـماء واحد ، فقال بعض نـحويِّـي البصرة : إذا قرىء ذلك بـالتاء ، فذلك علـى الأعناب كما ذكّر الأنعام فـي قوله : { ما فِـي بُطُونِهِ } وأنَّث بعدُ فقال : { وَعَلَـيْها وَعلـى الفُلْكِ تُـحْمَلُونَ } فمن قال : { يُسْقَـى } بـالـياء جعل الأعناب مـما تذكر وتؤنث ، مثل الأنعام . وقال : بعض نـحويـي الكوفة : من قال « تُسْقَـى » ذهب إلـى تأنـيث الزرع والـجنات والنـخيـل ، ومن ذكَّر ذهب إلـى أن ذلك كله يسقـى بـماء واحد ، وأكله مختلف حامض وحلو ، ففـي هذا آية . وأعجب القراءتـين إلـيّ أن أقرأ بها ، قراءة من قرأ ذلك بـالتاء : « تُسْقَـى بِـمَاءٍ وَاحِدٍ » علـى أن معناه : تسقـى الـجنات والنـخـل والزرع بـماء واحد لـمـجيء « تسقـى » بعد ما قد جرى ذكرها ، وهي جماع من غير بنـي آدم ، ولـيس الوجه الآخر بـمـمتنع علـى معنى يسقـى ذلك بـماء واحد : أي جميع ذلك يسقـى بـماء واحد عذب دون الـمالـح . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا الـحسن بن مـحمد ، قال : ثنا شبـابة ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قوله : « تُسْقَـى بِـمَاءٍ وَاحِدٍ » ماء السماء كمثل صالـح بنـي آدم وخبـيثهم أبوهم واحد . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفـيان ، عن لـيث ، عن مـجاهد : « تُسْقَـى بِـمَاءٍ وَاحِدٍ » قال : ماء السماء . حدثنـي أحمد بن إسحاق ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا سفـيان ، عن لـيث ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عمرو ، قال : أخبرنا هشيـم ، عن أبـي إسحاق الصوفـي ، عن الضحاك : « تُسْقَـى بِـمَاءٍ وَاحِدٍ » قال : ماء الـمطر . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا سويد ، قال : أخبرنا ابن الـمبـارك ، قرأه ابن جريج ، عن مـجاهد : « تُسْقَـى بِـمَاءٍ وَاحِدٍ » قال : ماء السماء ، كمثل صالـح بنـي آدم وخبـيثهم أبوهم واحد . قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل وحدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، بنـحوه . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، نـحوه . حدثنا عبد الـجبـار بن يحيى الرملـي ، قال : ثنا ضمرة بن ربـيعة ، عن ابن شوذب : « تُسْقَـى بِـمَاءٍ وَاحِدٍ » قال : بـماء السماء . وقوله : { وَنُفَضّلُ بَعْضَها علـى بَعْضٍ فِـي الأُكُلِ } اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأه عامة قرّاء الـمكيـين والـمدنـيـين والبصريـين وبعض الكوفـيـين : { ونُفَضّلُ } بـالنون بـمعنى : ونفضل نـحن بعضها علـى بعض فـي الأكل . وقرأته عامُة قرّاء الكوفـيـين : « ويفضل » بـالـياء ، رداً علـى قوله : { يُغْشِي اللَّـيْـلَ النَّهارَ } ويفضل بعضها علـى بعض . وهما قراءتان مستفـيضتان بـمعنى واحد ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب ، غير أن الـياء أعجبهما إلـيّ فـي القراءة ، لأنه فـي سياق كلام ابتداؤه « الله الذي رفع السموات » فقراءته بـالـياء إذ كان كذلك أولـى . ومعنى الكلام : أن الـجنات من الأعناب والزرع والنـخيـل ، الصنوان وغير الصنوان ، تسقـى بـماء واحد عذب لا ملـح ، ويخالف الله بـين طعوم ذلك ، فـيفضل بعضها علـى بعض فـي الطعم ، فهذا حلو وهذا حامض . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفـيان ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبـاس : { وَنُفَضّلُ بَعْضَها علـى بَعْضٍ فِـي الأُكُلِ } قال : الفـارسي والدَّقَل والـحلو والـحامض . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبـير : { وَنُفَضّلُ بَعْضَها علـى بَعْضٍ فِـي الأُكُلِ } قال : الأرض الواحدة يكون فـيها الـخوخ والكمثري والعنب الأبـيض والأسود ، وبعضها أكثر حملاً من بعض ، وبعضه حلو وبعضه حامض ، وبعضه أفضل من بعض . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عارم أبو النعمان ، قال : ثنا حماد بن زيد ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبـير : { وَنُفَضّلُ بَعْضَها علـى بَعْضٍ فِـي الأُكُلِ } قال : برنـيّ وكذا وكذا ، وهذا بعضه أفضل من بعض . حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفـيان ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبـير ، فـي قوله : { وَنُفَضّلُ بَعْضَها علـى بَعْضٍ فِـي الأُكُلِ } قال : هذا حامض ، وهذا حلو ، وهذا مزٌّ . حدثنـي مـحمود بن خداش ، قال : ثنا سيف بن مـحمد بن أحمد ، عن سفـيان الثوري ، قال : ثنا الأعمش عن أبـي صالـح ، عن أبـي هريرة ، قال : قال النبـيّ صلى الله عليه وسلم فـي قوله : { وَنُفَضّلُ بَعْضَها عَلـى بَعْضٍ فِـي الأُكُلِ } قال : " الدّقَلُ والفَـارِسيّ والـحُلْوُ والـحَامِضُ " حدثنا أحمد بن الـحسن الترمذي ، قال : ثنا سلـيـمان بن عبد الله الرقـي ، قال : ثنا عبـيد الله بن عمر الرقـي ، عن زيد بن أبـي أنـيسة ، عن الأعمش ، عن أبـي صالـح ، عن أبـي هريرة ، عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، فـي قوله : { وَنُفَضّلُ بَعْضَها علـى بَعْضٍ فِـي الأُكُلِ } قال : " الدّقَلُ والفَـارِسِيُّ والـحُلْوُ والـحَامِضُ " وقوله : { إنَّ فِـي ذلكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } يقول تعالـى ذكره : إن فـي مخالفة الله عزّ وجلّ بـين هذا القطع من الأرض الـمتـجاورات وثمار جناتها وزروعها علـى ما وصفنا وبـينا لدلـيلاً واضحاً وعبرة لقوم يعقلون اختلاف ذلك ، أن الذي خالف بـينه علـى هذا النـحو الذي خالف بـينه ، هو الـمخالف بـين خـلقه فـيـما قسم لهم من هداية وضلال وتوفـيق وخذلان ، فوفق هذا وخذل هذا ، وهدى ذا وأضلّ ذا ، ولو شاء لسوّى بـين جميعهم ، كما لو شاء سوّى بـين جميع أُكل ثمار الـجنة التـي تشرب شربـاً واحداً ، وتسقـى سقـياً واحداً ، وهي متفـاضلة فـي الأكل .