Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 5-5)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : وإن تعجب يا مـحمد من هؤلاء الـمشركين الـمتـخذين ما لا يضرّ ولا ينفع آلهة يعبدونها من دونـي ، فعجب قولهم { أئِذَا كُنَّا تُرَابـاً } وبلـينا فعدمنا { أئِنَّا لَفِـي خَـلْقٍ جَدِيدٍ } أإنا لـمـجدّد إنشاؤنا وإعادتنا خـلقاً جديداً كما كنا قبل وفـاتنا ؟ تكذيبـاً منهم بقدرة الله ، وجحوداً للثواب والعقاب والبعث بعد الـمـمات . كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَإنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ } إن عجبت يا مـحمد فعجب { قَوْلُهُمْ أئِذَاكُنَّا تُرَابـاً أئِنَّا لَفِـي خَـلْقٍ جَدِيدٍ } عجب الرحمن تبـارك وتعالـى من تكذيبهم بـالبعث بعد الـموت . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد فـي قوله : { وَإنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ } قال : إن تعجب من تكذيبهم ، وهم قد رأوا من قدرة الله وأمره وما ضرب لهم من الأمثال ، فأراهم من حياة الـموتـى فـي الأرض الـميتة ، إن تعجب من هذه فتعجب من قولهم : { أئِذَا كُنَّا تُرَابـاً أئِنَّا لَفِـي خَـلْقٍ جَدِيدٍ } أو لا يرون أنا خـلقناهم من نطفة ، فـالـخـلق من نطفة أشدّ أم الـخـلق من تراب وعظام ؟ . واختلف فـي وجه تكرير الاستفهام فـي قوله : { أئِنَّا لَفِـي خَـلْقٍ جَدِيدٍ } بعد الاستفهام الأوّل فـي قوله : { أئِذَا كُنَّا تُرَابـاً } أهلُ العربـية ، فقال بعض نـحويـي البصرة : الأوّل ظرف ، والآخر هو الذي وقع علـيه الاستفهام كما تقول : أيوم الـجمعة زيد منطلق ؟ قال : ومن أوقع استفهاماً آخر علـى قوله : أئذا متنا وكنا ترابـاً ؟ جعله ظرفـاً لشيء مذكور قبله ، كأنهم قـيـل لهم : تبعثون ، فقالوا : أئذا كنا ترابـاً ؟ ثم جعل هذا استفهاماً آخر . قال : وهذا بعيد . قال : وإن شئت لـم تـجعل فـي قولك : « أئذا » استفهاماً ، وجعلت الاستفهام فـي اللفظ علـى « أئِنا » ، كأنك قلت : أيوم الـجمعة أعبد الله منطلق ؟ وأضمر نفـيه ، فهذا موضع قد ابتدأت فـيه أئذا ، ولـيس بكبـير فـي الكلام لو قتل الـيوم : أإن عبد الله منطلق لـم يحسُن ، وهو جائز ، وقد قالت العرب ما علـمت أنه لصالـح ، تريد : إنه لصالـح ما علـمت . وقال غيره : أئذا جزاء ولـيست بوقت ، وما بعدها جواب لها إذا لـم يكن فـي الثانـي استفهام والـمعنى له ، لأنه هو الـمطلوب ، وقال : ألا ترى أنك تقول : إن تقم يقوم زيد ويقم من جزم ، فلأنه وقع موقع جواب الـجزاء ، ومن رفع فلأن الاستفهام له . واستشهد بقول الشاعر : @ حَلَفْتُ لهُ إنْ تُدْلِـجِ اللَّيْلَ لاَ يَزَلْ أمامَكَ بَـيْتٌ مِنْ بُـيُوتِـيَ سائِرُ @@ فجزم جواب الـيـمين ، لأنه وقع موقع جواب الـجزاء ، والوجه الرفع . قال : فهكذا هذه الآية . قال : ومن أدخـل الاستفهام ثانـية ، فلأنه الـمعتـمد علـيه ، وترك الـجزء الأوّل . وقوله : { أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ } يقول تعالـى ذكره : هؤلاء الذين أنكروا البعث وجحدوا الثواب والعقاب ، { وَقالُوا أئِذَا كُنَّا تُرَابـاً أئِنَّا لَفِـي خَـلْقٍ جَدِيدٍ } هم الذين جحدوا قدرة ربهم وكذّبوا رسوله ، وهم الذين فـي أعناقهم الأغلال يوم القـيامة فـي نار جهنـم . فأولئك أصحاب النار : يقول : هم سكان النار يوم القـيامة ، { هُمْ فـيها خَالِدُونَ } يقول : هم فـيها ماكثون أبداً ، لا يـموتون فـيها ، ولا يخرجون منها .