Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 6-6)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : ويستعجلونك يا مـحمد مشركو قومك بـالبلاء والعقوبة قبل الرخاء والعافـية ، فـيقولون : { اللَّهُمَّ إنْ كانَ هذَا هُوَ الـحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأمْطِرْ عَلَـيْنا حِجَارَةً مِنَ السَّماءِ أوِ ائْتِنا بِعَذَابٍ ألِـيـمٍ } وهم يعلـمون ما حلّ بـمن خلا قبلهم من الأمـم التـي عصت ربها وكذّبت رسلها من عقوبـات الله وعظيـم بلائه ، فمن بـين أمة مُسِخت قِرَدة وأخرى خنازير ، ومن بـين أمة أهلكت بـالرجْفَة ، وأخرى بـالـخسف ، وذلك هو الـمُثلات التـي قال الله جلّ ثناؤه : { وَقَدْ خَـلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ الـمَثُلاتُ } والـمَثُلات : العقوبـات الـمنكِّلات ، والواحدة منها : مَثُلة بفتـح الـميـم وضمّ الثاء ، ثم تـجمع مَثُلات كما واحدة الصَّدُقات صَدُقَة ، ثم تـجمع صَدُقات . وذكر أن تـميـماً من بـين العرب تضم الـميـم والثاء جميعاً من الـمَثُلات ، فـالواحدة علـى لغتهم منها مُثْلة ، ثم تـجمع علـى مُثُلات ، مثل غُرْفة وغُرُفـات ، والفعل منه : مثلتَ به أمثُل مَثْلاً بفتـح الـميـم وتسكين الثاء ، فإذا أردت أنك أقصصته من غيره ، قلت : أمَثْلته من صاحبه أُمْثِله إمثالاً ، وذلك إذا أقصصته منه . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَقَدْ خَـلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الـمَثُلاتُ } : وقائع الله فـي الأمـم فـيـمن خلا قبلكم . وقوله : { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بـالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الـحَسَنَةِ } وهم مشركو العرب استعجلوا بـالشرّ قبل الـخير ، وقالوا : { اللَّهُمَّ إنْ كانَ هَذَا هُوَ الـحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأمْطِرْ عَلَـيْنا حِجَارَةً مِنَ السَّماءِ أوِ ائْتِنا بِعَذابٍ ألِـيـمٍ } حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بـالسَّيِئَةِ قَبْلَ الـحَسَنَةٍ } قال : بـالعقوبة قبل العافـية . { وَقَدْ خَـلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ الـمَثُلاتُ } قال : العقوبـات . حدثنا الـحسن بن مـحمد ، قال : ثنا شبـابة ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { الـمَثُلات } قال : الأمثال . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد . وحدثنـي الـمُثنَىَّ قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَقَدْ خَـلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ الـمَثُلاتُ } قال : الـمَثُلات : الذي مَثَّل الله فـي الأمـم من العذاب الذي عذّبهم تولَّت الـمَثُلات من العذاب ، قد خَـلَت من قبلهم ، وعرفوا ذلك ، وانتهى إلـيهم ما مَثَّل الله بهم حين عصَوه وعصَوا رسله . حدثنـي الـحارث ، قال : ثنا عبد العزيز ، قال : ثنا سلـيـم ، قال : سمعت الشعبـيّ يقول فـي قوله : { وَقَدْ خَـلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الـمَثُلاثُ } قال : القِردَة والـخنازير هي الـمثلات . وقوله : { وَإنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ للنَّاسِ علـى ظُلْـمِهِمْ } يقول تعالـى ذكره : وإن ربك يا مـحمد لذو ستر علـى ذنوب من تاب من ذنوبه من الناس ، فتارك فضيحَته بها فـي موقـف القـيامة ، وصافحٌ له عن عقابه علـيها عاجلاً وآجلاً علـى ظلـمهم . يقول : علـى فعلهم ما فعلوا من ذلك بغير إذن لهم بفعله . { وَإنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ العِقابِ } لـمن هلك مُصرّاً علـى معاصيه فـي القـيامة إن لـم يُعَجَّلِ له ذلك فـي الدنـيا ، أو يجمعهما له فـي الدنـيا والآخرة . وهذا الكلام وإن كان ظاهُره ظاهرَ خير ، فإنه وعيد من الله وتهديد للـمشركين من قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إن هم لـم ينـيبوا ويتوبوا من كفرهم قبل حلول نقمة الله بهم . حدثنـي علـيّ بن داود ، قال : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ بن أبـي طلـحة ، عن ابن عبـاس : { وَإنَّ رَبَّكَ لَذُو ومَغْفِرَةٍ للنَّاسِ } يقول : ولكن ربك .