Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 2-2)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الـمدينة والشام : { اللّهُ الَّذِي لَهُ ما فِـي السَّمَوَاتِ } برفع اسم الله علـى الابتداء ، وتصيـير قوله : { الَّذِي لَهُ ما فِـي السَّمَوَاتِ } خبره . وقرأته عامَّة قرّاء أهل العراق والكوفة والبصرة : { اللّهِ الَّذِي } بخفض اسم الله علـى إتبـاع ذلك { العَزِيزِ الـحَمِيدِ } وهما خفض . وقد اختلف أهل العربـية فـي تأويـله إذا قرىء كذلك ، فذكر عن أبـي عمرو بن العلاء أنه كان يقرؤه بـالـخفض ويقول : معناه : بإذن ربهم إلـى صراط العزيز الـحميد ، الذي له ما فـي السموات ، ويقول : هو من الـمؤخر الذي معناه التقديـم ، ويـمثله بقول القائل : مررت بـالظريف عبد الله ، والكلام الذي يوضع مكان الاسم : النعت ، ثم يجعل الاسم مكان النعت ، فـيتبع إعرابه إعراب النعت الذي وضع موضع الاسم كما قال بعض الشعراء : @ لَوْ كُنْتَ ذَا نَبْلٍ وذَا شَرِيبِ ما خِفْتَ شَدَّاتِ الـخَبِـيثِ الذّيبِ @@ وأما الكسائيّ فإنه كان يقول فـيـما ذكر عنه من خفض أراد أن يجعله كلاماً واحداً وأتبع الـخفض الـخفْضَ ، وبـالـخفض كان يقرأه . والصواب من القول فـي ذلك عندي ، أنهم قراءتان مشهورتان قد قرأ بكلّ واحدة منهما أئمة من القرّاء معناهما واحد ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وقد يجوز أن يكون الذي قرأه بـالرفع ، أراد معنى من خفض فـي إتبـاع الكلام بعضه بعضاً ، ولكنه رفع لانفصاله من الآية التـي قبله ، كما قال جلّ ثناؤه : { إنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الـمُؤْمِنِـينَ أَنْفُسَهُمْ وأمْوَالَهُمْ } … إلـى آخر الآية ، ثم قال : { التَّائِبُونَ العابِدُونَ } ومعنى قوله : { اللّهُ الَّذِي لَهُ ما فِـي السَّمَوَاتِ وَما فِـي الأرْضِ } الله الذي يـملك جميع ما فـي السموات وما فـي الأرض يقول لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : أنزلنا إليك هذا الكتاب لتدعو عبـادي إلـى عبادة من هذه صفته ، ويدعوا عبادة من لا يملك لهم ولا لنفسه ضرّاً ولا نفعاً من الآلهة والأوثان . ثم توعد جلّ ثناؤه من كفر به ولـم يستـجب لدعاء رسوله إلـى ما دعاه إلـيه من إخلاص التوحيد له ، فقال : { وَوَيْـلٌ للكافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } يقول : الوادي الذي يسيـل من صديد أهل جهنـم ، لـمن جحد وحدانـيته وعبد معه غيره ، من عذاب الله الشديد .