Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 46-47)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعنـي تعالـى ذكره بقوله : { أوْ يَأْخُذَهُمْ فِـي تَقَلُّبِهِمْ } أو يهلكهم فـي تصرّفهم فـي البلاد وتردّدهم فـي أسفـارهم . { فمَا هُمْ بِـمعجِزِين } يقول جلّ ثناؤه : فإنهم لا يعجزون الله من ذلك إن أراد أخذهم كذلك . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي الـمثنى وعلـيّ بن داود ، قالا : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { أوْ يَأْخُذَهُمْ فِـي تَقَلُّبِهِمْ } يقول : فـي اختلافهم . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { أوْ يَأْخُذَهُمْ فِـي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِـمُعْجِزِينَ } قال : إنْ شئت أخذته فـي سفر . حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { أوْ يَأْخُذَهُمْ فِـي تَقَلُّبِهِمْ } فـي أسفـارهم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، مثله . وقال ابن جريج فـي ذلك ما : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج : { أوْ يَأْخُذَهُمْ فِـي تَقَلُّبِهِمْ } قال : التقلب : أن يأخذهم بـاللـيـل والنهار . وأما قوله : { أوْ يَأْخُذَهُمْ علـى تَـخَوُّفٍ } فإنه يعنـي : أو يهلكهم بتـخوّف ، وذلك بنقص من أطرافهم ونواحيهم الشيء بعد الشيء حتـى يهلك جميعهم ، يقال منه : تـخوّف مال فلان الإنفـاق : إذا انتقصه ، ونـحو تـخوّفه من التـخوّف بـمعنى التنقص ، وقول الشاعر : @ تَـخَوَّفَ السَّيْرُ مِنْها تامِكاً قَرِداً كما تَـخَوَّفَ عُودَ النَّبْعَةِ السَّفَنُ @@ يعنـي بقوله : تـخوّف السير : تنقص سَنامها . وقد ذكرنا عن الهيثم بن عديّ أنه كان يقول : هي لغة لأزد شَنوءة معروفة لهم ومنه قول الآخر : @ تَـخَوَّفَ عَدْوُهُمْ مالـي وأهْدَى سَلاسِل فـي الـحُلُوقِ لَهَا صَلِـيـلُ @@ وكان الفرّاء يقول : العرب تقول : تـحوّفته : أي تنقصته ، تـحوّفـاً : أي أخذته من حافـاته وأطرافه ، قال : فهذا الذي سمعته ، وقد أتـى التفسير بـالـحاء وهما بـمعنى . قال : ومثله ما قرىء بوجهين قوله : إن لكَ فـي النَّهارِ سَبْحاً و « سَبْخاً » . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن الـمسعودي ، عن إبراهيـم بن عامر بن مسعود ، عن رجل ، عن عُمَر أنه سألهم عن هذه الآية : { أوْ يَأْخُذَهُمْ فِـي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِـمُعْجِزِينَ أوْ يَأْخُذَهُمْ علـى تَـخَوُّفٍ } فقالوا : ما نرى إلاَّ أنه عند تنقص ما يردّده من الآيات ، فقال عمر : ما أرى إلاَّ أنه علـى ما تنتقصون من معاصي الله . قال : فخرج رجل مـمن كان عند عمر ، فلقـى أعرابـيًّا ، فقال : يا فلان ما فعل ربك ؟ قال : قد تَـخَيفته ، يعنـي تنقصته . قال : فرجع إلـى عمر فأخبره ، فقال : قدّر الله ذلك . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس : { أوْ يَأْخُذَهُمْ علـى تَـخُوُّفٍ } يقول : إن شئت أخذته علـى أثر موت صاحبه وتـخوّف بذلك . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء الـخراسانـيّ ، عن ابن عبـاس : { علـى تَـخَوُّفٍ } قال : التنقص والتفزيع . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { أوْ يَأْخُذَهُمْ علـى تَـخَوُّفٍ } علـى تنقص . حدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء وحدثنـي الـمثنى ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله ، عن ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { علـى تَـخَوُّفٍ } قال : تنقص . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حُذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { أو يَأْخُذَهُمْ علـى تَـخَوُّفٍ } فـيعاقب أو يتـجاوز . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { أوْ يَأْخُذَهُمْ علـى تَـخَوُّفٍ } قال : كان يقال : التـخوّف : التنقُّص ، ينتقصهم من البلدان من الأطراف . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : ثنا عبـيد بن سلـيـمان ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله : { أوْ يَأْخُذَهُمْ علـى تَـخَوُّفٍ } يعنـي : يأخذ العذاب طائفة ويترك أخرى ، ويعذّب القرية ويهلكها ، ويترك أخرى إلـى جنبها . وقوله : { فإنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيـمٌ } يقول : فإن ربكم إن لـم يأخذ هؤلاء الذين مكروا السيئات بعذاب معجَّل لهم ، وأخذهم بـموت وتنقص بعضهم فـي أثر بعض ، لرؤوف بخـلقه ، رحيـم بهم ، ومن رأفته ورحمته بهم لـم يخسف بهم الأرض ، ولـم يعجِّل لهم العذاب ، ولكن يخوّفهم وينقِّصهم بـموت .