Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 18-18)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : وتـحسب يا مـحمد هؤلاء الفتـية الذين قصصنا علـيك قصتهم ، لو رأيتهم فـي حال ضربنا علـى آذانهم فـي كهفهم الذي أووا إلـيه أيقاظاً . والأيقاظ : جمع يَقِظ ومنه قول الراجز : @ وَوَجَدُوا إخْوَتهُمْ أيْقاظا وسَيْفَ غَيَّاظٍ لَهُمْ غَيَّاظا @@ وقوله : { وَهُمْ رُقُودٌ } يقول : وهم نـيام . والرقود : جمع راقد ، كالـجلوس : جمع جالس ، والقعود : جمع قاعد . وقوله : { وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الـيَـمِينَ وَذَاتَ الشّمالِ } يقول جلّ ثناؤه : ونقلِّب هؤلاء الفتـية فـي رقدتهم مرّة للـجنب الأيـمن ، ومرّة للـجنب الأيسر ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الـيَـمِينِ وَذَات الشِّمالِ } وهذا التقلـيب فـي رقدتهم الأولـى . قال : وذُكر لنا أن أبـا عياض قال : لهم فـي كل عام تقلـيبتان . حُدثت عن يزيد ، قال : أخبرنا سفـيان بن حسين ، عن يعلـى بن مسلـم عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبـاس { وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الـيَـمِينِ وَذَاتَ الشِّمالِ } قال : لو أنهم لا يقلَّبون لأكلتهم الأرض . وقوله : { وكَلْبُهُمْ بـاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بـالوَصِيدِ } اختلف أهل التأويـل فـي الذي عنى الله بقوله : { وكَلْبُهُمْ بـاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ } فقال بعضهم : هو كلب من كلابهم كان معهم . وقد ذكرنا كثـيراً مـمن قال ذلك فـيـما مضى . وقال بعضهم : كان إنساناً من الناس طبـاخاً لهم تَبِعهم . وأما الوصيد ، فإن أهل التأويـل اختلفوا فـي تأويـله ، فقال بعضهم : هو الفِناء . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { بـالوَصِيد } يقول : بـالفِناء . حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن بن مَهديّ ، قال : ثنا مـحمد بن أبـي الوضَّاح ، عن سالـم الأفطس ، عن سعيد بن جبـير { وكَلْبُهُمْ بـاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بـالوَصِيدِ } قال : بـالفناء . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحرث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { بـالوَصِيد } قال : بـالفناء . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد بـالوَصِيد قال : بـالفناء . قال ابن جريج : يـمسك بـاب الكهف . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَكَلْبُهُمْ بـاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بـالوَصِيدِ } يقول : بفناء الكهف . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، قوله : { بـالوَصِيدِ } قال : بفناء الكهف . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : ثنا عبـيد بن سلـيـمان ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله : { بـالوَصِيدِ } قال : يعنـي بـالفناء . وقال آخرون : الوَصِيد : الصعيد . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وكَلْبُهُمْ بـاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بـالوَصِيدِ } يعنـي فناءهم ، ويقال : الوصيد : الصعيد . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب ، عن هارون ، عن عنترة ، عن سعيد بن جبـير ، فـي قوله : { وكَلْبُهُمْ بـاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بـالوَصِيدِ } قال : الوصيد : الصعيد . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا الـحكم بن بشير ، عن عمرو ، فـي قوله : { وكَلْبُهُمْ بـاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بـالوَصِيدِ } قال : الوصيد : الصعيد ، التراب . وقال آخرون : الوصيد البـاب . ذكر من قال ذلك : حدثنـي زكريا بن يحيى بن أبـي زائدة ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن شبـيب ، عن عكرمة ، عن ابن عبـاس { وكَلْبُهُمْ بـاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بـالوَصِيدِ } قال : بـالبـاب ، وقالوا بـالفناء . وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب ، قول من قال : الوصيد : البـاب ، أو فناء البـاب حيث يغلق البـاب ، وذلك أن البـاب يُوصَد ، وإيصاده : إطبـاقه وإغلاقه من قول الله عزّ وجلّ : { إنَّهَا عَلَـيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ } وفـيه لغتان : الأصيد ، وهي لغة أهل نـجد ، والوصيد : وهي لغة أهل تهامة . وذُكِر عن أبـي عمرو بن العلاء ، قال : إنها لغة أهل الـيـمن ، وذلك نظير قولهم : ورّخت الكتاب وأرخته ، ووكدت الأمر وأكدته فمن قال الوصيد ، قال : أوصدت البـاب فأنا أُوصِده ، وهو مُوصَد ومن قال الأصيد ، قال : آصدت البـاب فهو مُؤْصَد ، فكان معنى الكلام : وكلبهم بـاسط ذَراعيه بفناء كهفهم عند البـاب ، يحفظ علـيهم بـابه . وقوله : { لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَـيْهِمْ لَوَلَّـيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً } يقول : لو اطلعت علـيهم فـي رقدتهم التـي رقدوها فـي كهفهم ، لأدبرت عنهم هاربـاً منهم فـارّاً ، { وَلُـمِلئْتَ مِنْهُمْ رُعْبـاً } يقول : ولـملئت نفسُك من اطلاعك علـيهم فَزَعا ، لـما كان الله ألبسهم من الهيبة ، كي لا يصل إلـيهم واصل ، ولا تلـمِسهم يد لامس حتـى يبلغ الكتاب فـيهم أجله ، وتوقظهم من رقدتهم قدرته وسلطانه فـي الوقت الذي أراد أن يجعلهم عبرة لـمن شاء من خـلقه ، وآية لـمن أراد الاحتـجاج بهم علـيه من عبـاده ، لـيعلـموا أن وعد الله حقّ ، وأنّ الساعة آتـية لا ريب فـيها . واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله : { وَلُـملِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبـاً } فقرأته عامة قرّاء الـمدينة بتشديد اللام من قوله : « ولُـملِّئْتَ » بـمعنى أنه كان يـمتلـىءَ مرّة بعد مرّة . وقرأ ذلك عامة قراء العراق : { وَلُـملِئْتَ } بـالتـخفـيف ، بـمعنى : لـملئت مرّة ، وهما عندنا قراءتان مستفـيضتان فـي القراءة ، متقاربتا الـمعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب .