Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 80-81)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : وأما الغلام ، فإنه كان كافراً ، وكان أبواه مؤمنـين ، فعلـمنا أنه يرهقهما . يقول : يغشيهما طغياناً ، وهو الاستكبـار علـى الله ، وكفراً به . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . وقد ذُكر ذلك فـي بعض الـحروف . وأما الغلام فكان كافراً . ذكر من قال ذلك : حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : « وأمَّا الغُلامُ فَكانَ كافِراً » فـي حرف أُبـيّ ، وكان أبواه مؤمنـين { فأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً } . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَأمَّا الغُلامُ فَكانَ أبَوَاه مُوْمِنَـيْنِ } وكان كافراً بعض القراءة . وقوله : { فَخَشِينا } وهي فـي مصحف عبد الله : « فخَافَ رَبُّكَ أنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وكُفْراً » . حدثنا عمرو بن علـيّ ، قال : ثنا أبو قتـيبة ، قال : ثنا عبد الـجبـار بن عبـاس الهمْدانـي ، عنا بن إسحاق ، عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبـاس ، عن أبـيّ بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الغُلامُ الَّذِي قَتَلَهُ الـخَضِرُ طُبِعَ يَوْمَ طُبِعَ كافِراً " والـخشية والـخوف توجههما العرب إلـى معنى الظنّ ، وتوجه هذه الـحروف إلـى معنى العلـم بـالشيء الذي يُدرك من غير جهة الـحسّ والعيان . وقد بـيَّنا ذلك بشواهده فـي غير هذا الـموضع ، بـما أغنى عن إعادته . وكان بعض أهل العربـية من أهل البصرة يقول : معنى قوله { خَشِينا } فـي هذا الـموضع : كرهنا ، لأنّ الله لا يخشَى . وقال فـي بعض القراءات : فخاف ربكُ ، قال : وهو مثل خفت الرجلـين أن يعولا ، وهو لا يخاف من ذلك أكثر من أنه يكرهه لهما . وقوله : { فأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا } : اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأه جماعة من قرّاء الـمكيـين والـمدنـيـين والبصريـين : « فأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا » . وكان بعضهم يعتلّ لصحة ذلك بأنه وجد ذلك مشدّدا فـي عامَّة القرآن ، كقول الله عزّ وجلّ : { فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَـمُوا } ، وقوله : { وَإذَا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ إيَةٍ } ، فألـحق قوله : { فأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا بِه } . وقرأ ذلك عامَّة قرّاء الكوفة : { فأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا } بتـخفـيف الدال . وكان بعض من قرأ ذلك كذلك من أهل العربـية يقول : أبدل يُبْدِل بـالتـخفـيف وبَدَّل يُبدِّل بـالتشديد : بـمعنى واحد . والصواب من القول فـي ذلك عندي : أنهما قراءتان متقاربتا الـمعنى ، قد قرأ بكلّ واحدة منهما جماعة من القرّاء ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وقـيـل : إن الله عزّ وجلّ أبدل أبَوَي الغلام الذي قتله صاحب موسى منه بجارية . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا هاشم بن القاسم ، قال : ثنا الـمبـارك بن سعيد ، قال : ثنا عمرو بن قـيس فـي قوله : { فأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً } قال : بلغنـي أنها جارية . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، قال : قال ابن جريج ، أخبرنـي سلـيـمان بن أميَّة أنه سمع يعقوب بن عاصم يقول : أُبْدِلاَ مكان الغلام جارية . قال ابن جريج : وأخبرنـي عبد الله بن عثمان بن خُثَـيـم ، أنه سمع سعيد بن جبـير يقول : أبدلا مكان الغلام جارية . وقال آخرون : أبدلهما ربهما بغلام مسلـم . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج { فأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً } قال : كانت أمه حُبلـى يومئذ بغلام مسلـم . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا أبو سفـيان ، عن معمر ، عن قتادة ، أنه ذكر الغلام الذي قتله الـخضر ، فقال : قد فرح به أبواه حين ولد وحزناً علـيه حين قتل ، ولو بقـي كان فـيه هلاكهما ، فلـيرض امرؤ بقضاء الله ، فإن قضاء الله للـمؤمن فـيـماط يكره خير له من قضائه فـيـما يحبّ . وقوله : { خَيْراً مِنْهُ زَكاةً } يقول : خيراً من الغلام الذي قتله صلاحاً وديناً ، كما : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : { فأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً } قال : الإسلام . وقوله : { وأقْرَبَ رُحْماً } اختلف أهل التأويـل فـي تأويـله ، فقال بعضهم : معنى ذلك : وأقرب رحمة بوالديه وأبرّ بهما من الـمقتول . ذكر من قال ذلك : حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر عن قتادة { وأقْرَبَ رُحْماً } : أبرّ بوالديه . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سيعد ، عن قتادة { وأقْرَبَ رُحْماً } أي أقرب خيراً . وقال آخرون : بل معنى ذلك : وأقرب أن يرحمه أبواه منهما للـمقتول . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج { وأقْرَبَ رُحْماً } أرحم به منهما بـالذي قتل الـخضر . وكان بعض أهل العربـية يتأوّل ذلك : وأقرب أن يرحماه والرُّحْم : مصدر رحمت ، يقال : رَحِمته رَحْمة ورُحما . وكان بعض البصريـين يقول : من الرَّحِم والقرابة . وقد يقال : رُحْم ورُحُم مثل عُسْر وعُسُر ، وهُلْك وهُلُك ، واستشهد لقوله ذلك ببـيت العجاج : @ ولَـمْ تُعَوَّجْ رُحْمُ مَنْ تَعَوَّجا @@ ولا وجه للرَّحيـم فـي هذا الـموضع . لأن الـمقتول كان الذي أبدل الله منه والديه ولداً لأبوي الـمقتول ، فقرابتهما من والديه ، وقربهما منه فـي الرَّحيـم سواء . وإنـما معنى ذلك : وأقرب من الـمقتول أن يرحم والديه فـيبرهما كما قال قتادة . وقد يتوجه الكلام إلـى أن يكون معناه . وأقرب أن يرحماه ، غير أنه لا قائل من أهل تأويـل تأوّله كذلك . فإذ لـم يكن فـيه قائل ، فـالصواب فـيه ما قلنا لـما بـيَّ