Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 82-82)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره مخبراً عن قول صاحب موسى : وأما الـحائط الذي أقمته ، فإنه كان لغلامين يتـيـمين فـي الـمدينة ، وكان تـحته كنزلهما . اختلف أهل التأويـل فـي ذلك الكنز ، فقال بعضهم : كان صُحُفـاً فـيها علِـم مدفونة . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس { وكانَ تَـحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما } قال : كان تـحته كنْزُ علـم . حدثنا يعقوب ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا حصين ، عن سعيد بن جبـير : { وكانَ تَـحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما } قال : كان كنز علـم . حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن أبـي حصين ، عن سعيد بن جبـير { وكانَ تَـحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما } قال : علـم . حدثنا مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا أبو داود ، قال : ثنا شعبة ، عن أبـي حصين ، عن سعيد بن جبـير { وكانَ تَـحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما } قال : علم . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الحرث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله { وكانَ تَـحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما } قال : صحف لغلامين فـيها علـم . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، قال : صحف علـم . حدثنـي أحمد بن حازم الغفـاريّ ، قال : ثنا هنادة ابنة مالك الشيبـانـية ، قالت : سمعت صاحبـي حماد بن الولـيد الثقـفـي يقول : سمعت جعفر بن مـحمد يقول فـي قول الله عزّ وجلّ : { وكانَ تَـحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما } قال : سطران ونصف ، لـم يتـمّ الثالث : « عجبت للـموقن بـالرزق كيف يتعب ، وعجبت للـموقن بـالـحساب كيف يغفل ، وعجبت للـموقن بـالـموت كيف يفرح » وقد قال : { وَإنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلِ أتـيْنا بِها وَكَفـى بِنا حاسِبِـينَ } قالت : وذكر أنهما حُفِظا بصلاح أبـيهما ، ولـم يذكر منهما صلاح ، وكان بـينهما وبـين الأب الذي حُفظا به سبعة آبـاء ، كان نساجاً . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا الـحسن ابن حبيب بن ندبة ، قال : ثنا سلـمة بن مـحمد ، عن نعيـم العنبريّ ، وكان من جُلساء الـحسن ، قال : سمعت الـحسن يقول فـي قوله : { وكانَ تَـحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما } قال : لوح من ذهب مكتوب فـيه : « بسم الله الرحمٰن الرحيـم : عجبت لـمن يؤمن كيف يحزن وعجبت لـمن يوقن بـالـموت كيف يفرح وعجبت لـمن يعرف الدنـيا وتقلبها بأهلها ، كيف يطمئنّ إلـيها لا إله إلا الله ، مـحمد رسول الله » . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، قال : ثنـي ابن إسحاق ، عن الـحسن بن عمارة ، عن الـحكم ، عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبـاس أنه كان يقول : ما كان الكنز إلا علْـماً . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن عيـينة ، عن حميد ، عن مـجاهد ، فـي قوله { وكانَ تَـحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما } قال : صُحُف من علـم . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وعب ، قال : أخبرنـي عبد الله بن عياش ، عن عمر مولـى غُفْرة ، قال : إن الكنز الذي قال الله فـي السورة التـي يذكر فـيها الكهف { وكانَ تَـحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما } قال : كان لوحا من ذهب مصمت ، مكتوبـا فـيه : بسم الله الرحمٰن الرحيـم . عَجَبٌ مـمن عرف الـموت ثم ضحك ، عَجَبٌ مـمن أيقن بـالقدر ثم نَصِب ، عَجَبٌ مـمن أيقن بـالـموت ثم أمن ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن مـحمداً عبده ورسوله . وقال آخرون : بل كان مالاً مكنوزاً . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا هشام ، قال : أخبرنا حصين ، عن عكرمة { وكانَ تَـحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما } قال : كنز مال . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن أبـي حصين ، عن عكرمة ، مثله . حدثنا ابن الـمثنى ، قال : ثنا أبو داود ، عن شعبة ، قال : أخبرنـي أبو حُصَين ، عن عكرمة ، مثله ، قال شعبة : ولـم نسمعه منه . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة { وكانَ تَـحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما } قال : مال لهما ، قال قتادة : أُحِلَّ الكنز لـمن كان قبلنا ، وحُرّم علـينا ، فإن الله يُحلّ من أمره ما يشاء ، ويحرّم ، وهي السنن والفرائض ، ويحلّ لأمة ، ويحرّم علـى أخرى ، لكنّ الله لا يقبل من أحد مضى إلا الإخلاص والتوحيد له . وأولـى التأويـلـين فـي ذلك بـالصواب : القول الذي قاله عِكْرمة ، لأن الـمعروف من كلام العرب أن الكنز اسم لـما يكنز من من مال ، وأن كلّ ما كنز فقد وقع علـيه اسم كنز ، فإن التأويـل مصروف إلـى الأغلب من استعمال الـمخاطبـين بـالتنزيـل ، ما لـم يأت دلـيـل يجب من أجله صرفه إلـى غير ذلك ، لعلل قد بـيَّناها فـي غير موضع . وقوله : { وكان أبُوهُما صَالِـحاً فأرَادَ رَبّكَ أنْ يَبْلُغا أشُدَّهُما } يقول : فأراد ربك أن يدركا ويبلغا قوتهما وشدّتهما ، ويستـخرجا حينئذ كنزهما الـمكنوز تـحت الـجدار الذي أقمته ، رحمة من ربك بهما ، يقول : فعلت فعل هذا بـالـجدار ، رحمة من ربك للـيتـيـمين . وكان ابن عبـاس يقول فـي ذلك ما : حدثنـي موسى بن عبد الرحمن ، قال : ثنا أبو أسامة ، عن مسعر ، عن عبد الـملك بن ميسرة ، عن سعيد بن جبـير ، قال : قال ابن عبـاس ، فـي قوله { وَكانَ أبُوهُما صالِـحاً } قال : حُفِظا بصلاح أبـيهما ، وما ذكر منهما صلاح . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا سفـيان ، عن مسعر ، عن عبد الـملك بن ميسرة ، عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبـاس ، بمثله . وقوله : { وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أمْرِي } يقول : وما فعلت يا موسى جميع الذي رأيتنـي فعلته عن رأيـي ، ومن تلقاء نفسي ، وإنـما فعلته عن أمر الله إياي به ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أمْرِي } : كان عبدا مأمورا ، فمضى لأمر الله . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق : { وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أمْرِي } ما رأيت أجمع ما فعلته عن نفسي . وقوله : { ذَلِكَ تَأْوِيـلُ ما لَـمْ تَسْطِعْ عَلَـيْهِ صَبْراً } يقول : هذا الذي ذكرت لك من الأسبـاب التـي من أجلها فعلت الأفعال التـي استنكرتها منـي ، تأويـل . يقول : ما تؤول إلـيه وترجع الأفعال التـي لـم تسطع علـى ترك مسألتك إياي عنها ، وإنكارك لها صبراً . وهذه القصص التـي أخبر الله عزّ وجلّ نبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم بها عن موسى وصاحبه ، تأديب منه له ، وتقدمٌ إلـيه بترك الاستعجال بعقوبة الـمشركين الذين كذّبوه واستهزؤوا به وبكتابه ، وإعلام منه له أن أفعاله بهم وإن جرت فـيـما ترى الأعين بـما قد يجري مثله أحيانا لأولـيائه ، فإن تأويـله صائر بهم إلـى أحوال أعدائه فـيها ، كما كانت أفعال صاحب موسى واقعة بخلاف الصحة فـي الظاهر عند موسى ، إذ لـم يكن عالـما بعواقبها ، وهي ماضية علـى الصحة فـي الـحقـيقة وآئلة إلـى الصواب فـي العاقبة ، ينبىء عن صحة ذلك قوله : { وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُوءَاخِذُهُمْ بِـمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمْ العَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلا } ثم عقب ذلك بقصة موسى وصاحبه ، يعلـم نبـيه أن تركه جلّ جلاله تعجيـل العذاب لهؤلاء الـمشركين ، بغير نظر منه لهم ، وإن كان ذلك فـيـما يَحْسِب من لا علـم له بـما اللهمدبر فـيهم ، نظراً منه لهم ، لأن تأويـل ذلك صائر إلـى هلاكهم وبوارهم بـالسيف فـي الدنـيا واستـحقاقهم من الله فـي الآخرة الـخَزْيَ الدائم .