Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 24-25)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الـحجاز والعراق { فَنادَاها مِنْ تَـحْتِها } بـمعنى : فناداها جبرائيـل من بـين يديها علـى اختلاف منهم فـي تأويـله فمن متأوّل منهم إذا قرأه { مِنْ تـحْتِها } كذلك ومن متأوّل منهم أنه عيسى ، وأنه ناداها من تـحتها بعد ما ولدته . وقرأ ذلك بعض قرّاء أهل الكوفة والبصرة : « فَنادَاها مِنْ تَـحْتِها » بفتـح التاءين من تـحت ، بـمعنى : فناداها الذي تـحتها ، علـى أن الذي تـحتها عيسى ، وأنه الذي نادى أمه . ذكر من قال : الذي ناداها من تـحتها الـمَلَك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عبد الـمؤمن ، قال : سمعت ابن عبـاس قرأ : { فَنادَاها مِنْ تَـحْتِها } يعنـي : جبرائيـل . حدثنـي عبد الله بن أحمد بن يونس ، قال : أخبرنا عبَثر ، قال : ثنا حصين ، عن عمرو بن ميـمون الأَوْديّ ، قال : الذي ناداها الـملك . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا سفـيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيـم ، عن علقمة ، أنه قرأ : فخاطبها من تـحتها . حدثنا أبو هشام الرفـاعي ، قال : ثنا يحيى ، قال : ثنا سفـيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيـم ، عن علقمة . أنه قرأ : فخاطبها من تـحتها . حدثنا الرفـاعي ، قال : ثنا وكيع ، عن أبـيه ، عن الأعمش ، عن إبراهيـم ، عن علقمة أنه قرأها كذلك . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو عامر ، قال : ثنا سفـيان ، عن جويبر ، عن الضحاك { فَنادَاها مِنْ تَـحْتِها } قال : جبرائيـل . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن سفـيان ، عن جويبر ، عن الضحاك ، مثله . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { فَنادَاها مِنْ تَـحْتِها } : أي من تـحت النـخـلة . حدثنا موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ { فَنادَاها } جبرائيـل { مِنْ تَـحْتِها أنْ لا تَـحْزَنِـي } . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، فـي قوله { فَنادَاها مِنْ تَـحْتِها } قال : الـمَلَك . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : أخبرنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله { فَنادَاها مِنْ تَـحْتِها } يعنـي : جبرائيـل كان أسفل منها . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، { فَنادَاها مِنْ تَـحْتِها } قال : ناداها جبرائيـل ولـم يتكلـم عيسى حتـى أتت قومها . ذكر من قال : ناداها عيسى صلى الله عليه وسلم : حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا سفـيان ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { فَنادَاها مِنْ تَـحْتِها } قال : عيسى بن مريـم . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو عامر ، قال : ثنا سفـيان ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى . وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الـحسن { فَنادَاها مِنْ تَـحْتِها } ابنها . حدثنا الـحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، قال : قال الـحسن : هو ابنها . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عمن لا يتهم ، عن وهب بن منبه { فَنادَاها } عيسى { مِنْ تَـحْتِها أنْ لا تَـحْزَنِـي } . حدثنـي أبو حميد أحمد بن الـمغيرة الـحمصي ، قال : ثنا عثمان بن سعيد ، قال : ثنا مـحمد بن مهاجر ، عن ثابت بن عجلان ، عن سعيد بن جبـير ، قوله { فَنادَاها مِنْ تَـحْتِها } قال عيسى : أما تسمع الله يقول : { فأشارَتْ إلَـيْهِ } حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد { فَنادَاها مِنْ تَـحْتِها } قال : عيسى ناداها : { أنْ لا تَـحْزَنِـي قَدْ جَعل رَبُّكِ تَـحْتَكِ سَرِيًّا } . حُدثت عن عبد الله بن أبـي جعفر ، عن أبـيه ، عن الربـيع بن أنس ، عن أبـي العالـية الرياحيّ ، عن أبـيّ بن كعب قال : الذي خاطبها هو الذي حملته فـي جوفها ودخـل من فـيها . قال أبو جعفر : وأولـى القولـين فـي ذلك عندنا قول من قال : الذي ناداها ابنها عيسى ، وذلك أنه من كناية ذكره أقرب منه من ذكر جبرائيـل ، فردّه علـى الذي هو أقرب إلـيه أولـى من ردّه علـى الذي هو أبعد منه ، ألا ترى فـي سياق قوله { فحَمَلَتْهُ فـانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا } يعنـي به : فحملت عيسى فـانتبذت به ، ثم قـيـل : فناداها نسقاً علـى ذلك من ذكر عيسى والـخبر عنه . ولعلة أخرى ، وهي قوله : { فأشارَتْ إلَـيْهِ } ولـم تشر إلـيه إن شاء الله إلا وقد علـمت أنه ناطق فـي حاله تلك ، وللذي كانت قد عرفت ووثقت به منه بـمخاطبته إياها بقوله لها : { أنْ لا تَـحْزَنِـي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَـحْتَكِ سَرِيًّا } وما أخبر الله عنه أنه قال لها أشيري للقوم إلـيه ، ولو كان ذلك قولاً من جبرائيـل ، لكان خـلـيقاً أن يكون فـي ظاهر الـخبر ، مبـيناً أن عيسى سينطق ، ويحتـجّ عنها للقوم ، وأمر منه لها بأن تشير إلـيه للقوم إذا سألوها عن حالها وحاله . فإذا كان ذلك هو الصواب من التأويـل الذي بـيَّنا ، فبـين أن كلتا القراءتـين ، أعنـي { مِنْ تَـحْتِها } بـالكسر ، و « مَنْ تَـحْتَها » بـالفتـح صواب . وذلك أنه إذا قرىء بـالكسر كان فـي قوله { فَنادَاها } ذكر من عيسى : وإذا قرىء { مِنْ تَـحْتِها } بـالفتـح كان الفعل لـمن وهو عيسى . فتأويـل الكلام إذاً : فناداها الـمولد من تـحتها أن لا تـحزنـي يا أمه { قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَـحْتَكِ سَرِيًّا } كما : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله { فَنادَاها مِنْ تَـحْتِها أنْ لا تَـحْزَنِـي } قالت : وكيف لا أحزن وأنت معي ، لا ذات زوج فأقول ومن زوج ، ولا مـملوكة فأقول من سيدي ، أيّ شيء عذري عند الناس { يا لَـيْتَنِـي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا } فقال لها عيسى : أنا أكفـيك الكلام . واختلف أهل التأويـل فـي الـمعنـيّ بـالسريّ فـي هذا الـموضع ، فقال بعضهم : عنـي به : النهر الصغير . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا سفـيان ، عن أبـي إسحاق ، عن البراء بن عازب { قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَـحْتَكِ سَرِيًّا } قال : الـجدول . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن أبـي إسحاق ، قال : سمعت البراء يقول فـي هذه الآية { قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَـحْتَكِ سَرِيًّا } قال : الـجدول . حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله { قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَـحْتَكِ سَرِيًّا } وهو نهر عيسى . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله { قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَـحْتَكِ سَرِيًّا } قال : السريّ : النهر الذي كان تـحت مريـم حين ولدته كان يجري يسمى سَريا . حدثنـي أبو حصين ، قال : ثنا عبثر ، قال : ثنا حصين ، عن عمرو بن ميـمون الأَوْدِيّ ، قال فـي هذه الآية : { قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَـحْتَكِ سَرِيًّا } قال : السريّ : نهر يُشرب منه . حدثنا يعقوب وأبو كريب ، قالا : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا حصين ، عن عمرو بن ميـمون ، فـي قوله : { قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَـحْتَكِ سَرِيًّا } قال : هو الـجدول . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { سَرِيًّا } قال : نهر بـالسريانـية . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، مثله ، قال ابن جريج : نهر إلـى جنبها . حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا أبو داود ، قال : ثنا شعبة ، عن قتادة ، عن الـحسن ، فـي قوله { قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَـحْتَكِ سَرِيًّا } قال : كان سريا فقال حميد بن عبد الرحمن : إن السريّ : الـجدول ، فقال : غلبتنا علـيك الأمراء . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا أبو بكر بن عياش ، عن أبـي حصين ، عن سعيد بن جبـير { قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَـحْتَكِ سَرِيًّا } قال : هو الـجدول ، النهر الصغير ، وهو بـالنبطية : السريّ . حدثنـي أبو حميد الـحمصي ، قال : ثنا عثمان بن سعيد ، قال : ثنا مـحمد بن مهاجر ، عن ثابت بن عجلان قال : سألت سعيد بن جبـير ، عن السريّ ، قال : نهر . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا هشيـم ، عن مغيرة ، عن إبراهيـم ، قال : النهر الصغير . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيـم ، أنه قال : هو النهر الصغير : يعنـي الـجدول ، يعنـي قوله { قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَـحْتَكِ سَرِيًّا } . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن سلـمة بن نبـيط ، عن الضحاك ، قال : جدول صغير بـالسريانـية . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ ، قال : أخبرنا عبـيد بن سلـيـمان ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله { تَـحْتَكِ سَرِيًّا } : الـجدول الصغير من الأنهار . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَـحْتَكِ سَرِيًّا } والسريّ : هو الـجدول ، تسميه أهل الـحجاز . حدثنا الـحسن ، قال : ثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، فـي قوله { سَرِيًّا } قال : هو جدول . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عمن لا يتهم وعن وهب بن منبه { قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَـحْتَكِ سَرِيًّا } يعنـي ربـيع الـماء . حدثنا موسى بن هارون ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ { قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَـحْتَكِ سَرِيًّا } والسريّ : هو النهر . وقال آخرون : عنى به عيسى . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الـحسن { قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَـحْتَكِ سَرِيًّا } والسريّ : عيسى نفسه . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله { قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَـحْتَكِ سَرِيًّا } يعنـي نفسه ، قال : وأيّ شيء أسرى منه ، قال : والذين يقولون : السريّ : هو النهر لـيس كذلك النهر ، لو كان النهر لكان إنـما يكون إلـى جنبها ، ولا يكون النهر تـحتها . قال أبو جعفر : وأولـى القولـين فـي ذلك عندي بـالصواب قـيـل من قال : عنى به الـجدول ، وذلك أنه أعلـمها ما قد أعطاها الله من الـماء الذي جعله عندها ، وقال لها { وَهُزّي إلَـيْكِ بِجِذْعِ النَّـخْـلَةِ تُساقِطْ عَلَـيْكِ رُطَبـاً جَنِـيًّا فَكُلِـي } من هذا الرطب { وَاشْرَبِـي } من هذا الـماء { وَقَرّي عَيْناً } بولدك ، والسريّ معروف من كلام العرب أنه النهر الصغير ومنه قول لبـيد : @ فَتَوَسَّطا عُرْضَ السَّرِيّ وَصَدَّعا مَسْجُورَةً مُتَـجاوِراً قُلاَّمُها @@ ويُروى : مثلما مسجورة ، ويُروى أيضاً : فغارا . وقوله : { وَهُزّي إلَـيْكِ بِجِذْعِ النَّـخْـلَةِ } ذكر أن الـجذع كان جذعاً يابساً ، وأمرها أن تهزّه ، وذلك فـي أيام الشتاء ، وهزّها إياه كان تـحريكه ، كما : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَهُزّي إلَـيْكِ بِجِذْعِ النَّـخْـلَةِ } قال : حركيها . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس { وَهُزّي إلَـيْكِ بِجِذْعِ النَّـخْـلَةِ } قال : كان جذعاً يابساً ، فقال لها : هزّيه { تُساقِطْ عَلَـيْكِ رُطَبـاً جَنِـيًّا } . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عبد الـمؤمن ، قال : سمعت أبـا نهيك يقول : كانت نـخـلة يابسة . حدثنـي مـحمد بن سهل بن عسكر ، قال : ثنا إسماعيـل بن عبد الكريـم ، قال : ثنـي عبد الصمد بن معقل قال : سمعت وهب بن منبه يقول فـي قوله : { وَهُزّي إلَـيْكِ بِجِذْعِ النَّـخْـلَةِ } فكان الرطب يتساقط علـيها وذلك فـي الشتاء . حدثنا موسى بن هارون ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ { وَهُزّي إلَـيْكِ بِجِذْعِ النَّـخْـلَةِ } : وكان جذعاً منها مقطوعاً فهزّته ، فإذا هو نـخـلة ، وأُجري لها فـي الـمـحراب نهر ، فتساقطت النـخـلة رطبـاً جنـياً فَقال لها : { كُلِـي وَاشْرَبِـي وَقَرّي عَيْناً } وقال آخرون : بل معنى ذلك : وهزّي إلـيك بـالنـخـلة . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، قال : قال مـجاهد { وَهُزّي إلَـيْكِ بِجِذْعِ النَّـخْـلَةِ } قال : النـخـلة . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا سفـيان ، عن عيسى بن ميـمون ، عن مـجاهد ، فـي قوله { وَهُزّي إلَـيْكِ بِجِذْعِ النَّـخْـلَةِ } قال : العجوة . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا حصين ، عن عمرو بن ميـمون ، أنه تلا هذه الآية : { وَهُزّي إلَـيْكِ بِجِذْعِ النَّـخْـلَةِ تُساقِطْ عَلَـيْكِ رُطَبـاً جَنِـيًّا } قال : فقال عمرو : ما من شيء خير للنفساء من التـمر والرطب . وأدخـلت البـاء فـي قوله : { وَهُزّي إلَـيْكِ بِجِذْعِ النَّـخْـلَةِ } كما يقال : زوجتك فلانة ، وزوّجتك بفلانة وكما قال { تَنْبُتُ بِـالدُّهْنِ } بـمعنى : تنبت الدهن . وإنـما تفعل العرب ذلك ، لأن الأفعال تكنى عنها بـالبـاء ، فـيقال إذا كنـيت عن ضربت عمراً : فعلت به ، وكذلك كلّ فعل ، فلذلك تدخـل البـاء فـي الأفعال وتـخرِج ، فـيكون دخولها وخروجها بـمعنى ، فمعنى الكلام : وهزّي إلـيك جذع النـخـلة وقد كان لو أن الـمفسرين كانوا فسروه كذلك : وهزّي إلـيك رطبـاً بجذع النـخـلة ، بـمعنى : علـى جذع النـخـلة ، وجهاً صحيحاً ، ولكن لست أحفظ عن أحد أنه فسره كذلك . ومن الشاهد علـى دخول البـاء فـي موضع دخولها وخروجها منه سواء قول الشاعر : @ بِوَادٍ يَـمانٍ يُنْبِتُ السِّدْرَ صَدْرُهُ وأسْفَلُهُ بـالـمَرْخِ والشَّبَهانِ @@ واختلف القرّاء فـي قراءة قوله : { تُسَاقِطْ } فقرأ ذلك عامَّة قرّاء الـمدينة والبصرة والكوفة : « تَسَّاقَطُ » بـالتاء من تساقط وتشديد السين ، بـمعنى : تتساقط علـيك النـخـلة رطبـاً جنـياً ، ثم تُدغم إحدى التاءين فـي الأخرى فتشدد ، وكأن الذين قرأوا ذلك كذلك وجهوا معنى الكلام إلـي : وهزّي إلـيك بجذع النـخـلة تساقط النـخـلة علـيك رطبـاً . وقرأ ذلك بعض قرّاء الكوفة : « تَساقَطُ » بـالتاء وتـخفـيف السين ، ووجه معنى الكلام ، إلـى مثل ما وجه إلـيه مشدّدوها ، غير أنهم خالفوهم فـي القراءة . ورُوي عن البراء بن عازب أنه قرأ ذلك : « يُساقِط » بـالـياء . حدثنـي بذلك أحمد بن يوسف ، قال : ثنا القاسم ، قال : ثنا يزيد ، عن جرير بن حازم ، عن أبـي إسحاق قال : سمعت البراء بن عازب يقرؤه كذلك ، وكأنه وجه معنى الكلام إلـي : وهزّي إلـيك بجذع النـخـلة يتساقط الـجذع علـيك رطبـاً جنـياً . ورُوي عن أبـي نهيك أنه كان يقرؤه : « تُسْقِطُ » بضمّ التاء وإساقط الألف . حدثنا بذلك ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عبد الـمؤمن ، قال : سمعت أبـا نَهِيك يقرؤه كذلك ، وكأنه وجه معنى الكلام إلـي : تسقط النـخـلة علـيك رطبـاً جنـياً . قال أبو جعفر : والصواب من القول فـي ذلك عندي أن يقال : إن هذه القراءات الثلاث ، أعنـي تَسَّاقَطُ بـالتاء وتشديد السين ، وبـالتاء وتـخفـيف السين ، وبـالـياء وتشديد السين ، قراءات متقاربـات الـمعانـي ، قد قرأ بكل واحدة منهنّ قرّاء أهل معرفة بـالقرآن ، فبأيّ ذلك قرأ القارىء فمصيب الصواب فـيه ، وذلك أن الـجذع إذا تساقط رطبـاً ، وهو ثابت غير مقطوع ، فقد تساقطت النـخـلة رطبـاً ، وإذا تساقطت النـخـلة رطبـاً ، فقد تساقطت النـخـلة بأجمعها ، جذعها وغير جذعها ، وذلك أن النـخـلة ما دامت قائمة علـى أصلها ، فإنـما هي جذع وجريد وسعف ، فإذا قطعت صارت جذعاً ، فـالـجذع الذي أمرت مريـم بهزّه لـم يذكر أحد نعلـمه أنه كان جذعاً مقطوعاً غير السديّ ، وقد زعم أنه عاد بهزّها إياه نـخـلة ، فقد صار معناه ومعنى من قال : كان الـمتساقط علـيها رطبـاً نـخـلة واحدةً ، فتبـين بذلك صحة ما قلنا . وقوله : { جَنِـيًّا } يعنـي مـجنـياً وإنـما كان أصله مفعولاً فصرف إلـى فعيـل والـمـجنـي : الـمأخوذ طرياً ، وكل ما أخذ من ثمرة ، أو نقل من موضعه بطراوته فقد اجتنـي ، ولذلك قـيـل : فلان يجتنـي الكمأة ومنه قول ابن أخت جذيـمة :