Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 2-4)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اختلف أهل العربـية فـي الرافع للذكر ، والناصب للعبد ، فقال بعض نـحويـي البصرة فـي معنى ذلك كأنه قال : مـما نقصّ علـيك ذكر رحمة ربك عبده ، وانتصب العبد بـالرحمة كما تقول : ذكر ضرب زيد عمراً . وقال بعض نـحويـي الكوفة : رفعت الذكر بكهيعص ، وإن شئت أضمرت هذا ذكر رحمة ربك ، قال : والـمعنى ذكر ربك عبده برحمته تقديـم وتأخير . قال أبو جعفر : والقول الذي هو الصواب عندي فـي ذلك أن يقال : الذكر مرفوع بـمضمر مـحذوف ، وهو هذا كما فعل ذلك فـي غيرها من السور ، وذلك كقول الله : { بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } وكقوله : { سُورَةٌ أنْزَلْناها } ونـحو ذلك . والعبد منصوب بـالرحمة ، وزكريا فـي موضع نصب ، لأنه بـيان عن العبد ، فتأويـل الكلام : هذا ذكر رحمة ربك عبده زكريا . وقوله : { إذْ نادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِـيًّا } يقول حين دعا ربه ، وسأله بنداء خفـيّ ، يعنـي : وهو مستسرّ بدعائه ومسألته إياه ما سأل كراهته منه للرياء ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { إذْ نادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِـيًّا } أي سرّا ، وإن الله يعلـم القلب النقـيّ ، ويسمع الصوت الـخفـيّ . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : { إذْ نادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِـيًّا } قال : لا يريد رياء . حدثنا موسى بن هارون ، قال : ثنا عمرو بن حماد ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، قال : رغب زكريا فـي الولد ، فقام فصلـى ، ثم دعا ربه سرّاً ، فقال : { رَبّ إنّـي وَهَنَ العَظْمُ مِنِّـي … } إلـى { وَاجْعَلْهُ رَبّ رَضِيًّا } وقوله : قالَ { رَبّ إنّـي وَهَنَ العَظْمُ مِنِّـي } يقول تعالـى ذكره ، فكان نداؤه الـخفـيّ الذي نادى به ربه أن قال : { رَبّ إنّـي وَهَنَ العَظْمُ مِنِّـي } يعنـي بقوله { وَهَنَ } ضعف ورقّ من الكبر ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { قالَ رَبّ إنّـي وَهَنَ العَظْمُ مِنِّـي } أي ضعف العظم منـي . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { وَهَنَ العَظْمُ مِنِّـي } قال : نَـحَل العظم . قال عبد الرزاق ، قال : قال الثوريّ : وبلغنـي أن زكريا كان ابن سبعين سنة . وقد اختلف أهل العربـية فـي وجه النصب فـي الشَّيْب ، فقال بعض نـحويّـي البصرة : نصب علـى الـمصدر من معنى الكلام ، كأنه حين قال : اشتعل ، قال : شاب ، فقال : شَيْبـاً علـى الـمصدر . قال : ولـيس هو فـي معنى : تفقأت شحما وامتلأت ماء ، لأن ذلك لـيس بـمصدر . وقال غيره : نصب الشيب علـى التفسير ، لأنه يقال : اشتعل شيبُ رأسي ، واشتعل رأسي شيبـاً ، كما يقال : تفقَّأت شحماً ، وتفقَّأ شحمي . وقوله : { ولَـمْ أكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِـيًّا } يقول : ولـم أشق يا ربّ بدعائك ، لأنك لـم تـخيب دعائي قبل إذ كنت أدعوك فـي حاجتـي إلـيك ، بل كنت تـجيب وتقضي حاجتـي قبلك . كما : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج عن ابن جريج ، قوله : { ولَـمْ أكُنْ بدُعائِكَ رَبّ شَقِـيًّا } يقول : قد كنت تعرّفنـي الإجابة فـيـما مضى .