Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 87-87)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : لا يـملك هؤلاء الكافرون بربهم يا مـحمد ، يوم يحشر الله لمتقـين إلـيه وفدا الشفـاعة ، حين يشفع أهل الإيـمان بعضهم لبعض عند الله ، فـيشفع بعضهم لبعض { إلاَّ مَنِ اتَّـخَذَ } منهم { عِنْدَ الرَّحْمَنِ } فـي الدنـيا { عَهْداً } بـالإيـمان به ، وتصديق رسوله ، والإقرار بـما جاء به ، والعمل بـما أمر به . كما : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { إلاَّ مَنِ اتَّـخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً } قال : العهد : شهادة أن لا إله إلا الله ، ويتبرأ إلـى الله من الـحول والقوّة ولا يرجو إلا الله . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قوله : { لا يَـمْلِكُونَ الشَّفـاعةَ إلاَّ مَنِ اتَّـخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً } قال : الـمؤمنون يومئذ بعضهم لبعض شفعاء { إلاَّ مَنِ اتَّـخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً } قال : عملاً صالـحاً . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { لا يَـمْلِكُونَ الشَّفـاعَةَ إلاَّ مَنِ اتَّـخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً } : أي بطاعته ، وقال فـي آية أخرى : { لا تَنْفَعُ الشَّفـاعَةُ إلاَّ مَنْ أذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضي لَهُ قَوْلاً } لـيعلـموا أن الله يوم القـيامة يشفع الـمؤمنـين بعضهم فـي بعض ، ذكر لنا أن نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " إنَّ فِـي أُمَّتِـي رَجُلاً لَـيُدْخِـلَنَّ اللَّهُ بِشَفـاعَتِهِ الـجَنَّةَ أكْثَرَ مِنْ بنـي تـمِيـمِ " ، وكنَّا نـحدّث أن « الشهيد يشفع فـي سبعين من أهل بـيته » . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أبـي الـملـيح ، عن عوف بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنَّ شفَـاعَتِـي لِـمَنْ ماتَ مِنْ أُمَّتِـي لا يُشْرِكُ بـاللَّهِ شَيْئاً " و « مَن » فـي قوله : { إلاَّ مَنْ } فـي موضع نصب علـى الاستثناء ، ولا يكون خفضاً بضمير اللام ، ولكن قد يكون نصبـاً فـي الكلام فـي غير هذا الـموضع ، وذلك كقول القائل : أردت الـمرور الـيوم إلا العدوّ ، فإنـي لا أمر به ، فـيستثنى العدوُ من الـمعنى ، ولـيس ذلك كذلك فـي قوله : { لا يَـمْلِكُونَ الشَّفـاعَةَ إلاَّ مَنِ اتَّـخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً } لأن معنى الكلام : لا يـملك هؤلاء الكفـار إلا من آمن بـالله ، فـالـمؤمنون لـيسوا من أعداد الكافرين ، ومن نصبه علـى أن معناه إلا لـمن اتـخذ عند الرحمن عهدا ، فإنه ينبغي أن يجعل قوله لا يـملكون الشفـاعة للـمتقـين ، فـيكون معنى الكلام حينئذ يوم نـحشر الـمتقـين إلـى الرحمن وفداً ، لا يـملكون الشفـاعة ، إلا من اتـخذ عند الرحمن عهداً . فـيكون معناه عند ذلك : إلا لـمن اتـخذ عند الرحمن عهداً . فأما إذا جعل لا يـملكون الشفـاعة خبراً عن الـمـجرمين ، فإن « من » تكون حينئذ نصبـاً علـى أنه استثناء منقطع ، فـيكون معنى الكلام : لا يـملكون الشفـاعة ، لكن من اتـخذ عند الرحمن عهداً يـملكه .