Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 8-8)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : قال زكريا لـما بشره الله بـيحيى : { ربّ أنَّـي يكونُ لـي غُلام } ، ومن أيّ وجه يكون لـي ذلك ، وامرأتـي عاقر لا تـحبل ، وقد ضعُفت من الكبر عن مبـاضعة النساء أبأن تقوّينـي علـى ما ضعفت عنه من ذلك ، وتـجعل زوجتـي ولوداً ، فإنك القادر علـى ذلك وعلـى ما تشاء ، أم بأن أنكح زوجة غير زوجتـي العاقر ، يستثبت ربه الـخبر ، عن الوجه الذي يكون من قبله له الولد ، الذي بشره الله به ، لا إنكاراً منه صلى الله عليه وسلم حقـيقة كون ما وعده الله من الولد ، وكيف يكون ذلك منه إنكارا لأن يرزقه الولد الذي بشَّره به ، وهو الـمبتدىء مسألة ربه ذلك بقوله : { فَهَبْ لـي مِنْ لَدُنْكَ وَلِـيًّا يَرِثُنِـي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ } بعد قوله { إنّـي وَهَنَ العَظْمُ مِنـي وَاشْتَعَلَ الرَّأسُ شَيْبـاً } وقال السدِّي فـي ذلك ما : حدثني موسى بن هارون ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، قال : نادى جبرائيـل زكريا : { إنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بغُلام اسمُهُ يَحْيَى لَـمْ نَـجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا } فلـما سمع النداء ، جاءه الشيطان فقال : يا زكريا إن الصوت الذي سمعت لـيس من الله ، إنـما هو من الشيطان يسخر بك ، ولو كان من الله أوحاه إلـيك كما يوحي إلـيك غيره من الأمر ، فشكّ وقال : { إنَّـي يَكُونُ لـي غُلامٌ } يقول : من أين يكون { وَقَدْ بَلَغَنِـيَ الكِبَرُ وَامْرَأتِـي عاقِرٌ } . وقوله : { وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الكِبَرِ عِتِـيًّا } يقول : وقد عتوت من الكبر فصرت نـحل العظام يابسها ، يقال منه للعود الـيابس : عود عاتٍ وعاسٍ ، وقد عتا يعتو عِتِـيًّا وعُتُوّاً ، وعسى يعسو عِسِيا وعسوّا ، وكلّ متناه إلـى غايته فـي كبر أو فساد ، أو كفر ، فهو عات وعاس . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا حصين ، عن عكرمة ، عن ابن عبـاس ، قال : قد علـمتُ السنة كلها ، غير أنـي لا أدري أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فـي الظهر والعصر أم لا ، ولا أدري كيف كان يقرأ هذا الـحرف : { وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الكِبَرِ عِتِـيًّا } أو « عِسِيًّا » . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله { وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الكِبَرِ عِتِـيًّا } قال : يعنـي بـالعِتـيّ : الكبر … حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله { عِتِـيًّا } قال : نُـحول العظم . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، فـي قوله { مِنَ الكِبَرِ عِتِـيًّا } قال : سنًّا ، وكان ابن بضع وسبعين سنة . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَقَدْ بَلَغْت مِنَ الكِبَرِ عِتِـيًّا } قال : العتـيّ : الذي قد عتا عن الولد فـيـما يرى نفسه لا يولد له . حُدثت عن الـحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : ثنا عبـيد بن سلـيـمان ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله : { وَقَدْ بَلَغْتُ منَ الكبَرِ عتـيًّا } قال : هو الكبر .