Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 68-70)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : أفلـم يتدبر هؤلاء الـمشركون تنزيـل الله وكلامه ، فـيعلـموا ما فـيه من العبر ، ويعرفوا حجج الله التـي احتـجّ بها علـيه فـيه ؟ { أمْ جاءَهُمْ ما لَـمْ يَأتِ آبـاءَهُمُ الأَوَّلِـينَ } ؟ يقول : أم جاءهم أمر ما لـم يأت من قبلهم من أسلافهم ، فـاستكبروا ذلك وأعرضوا ، فقد جاءت الرسل من قبلهم ، وأنزلت معهم الكتب . وقد يحتـمل أن تكون « أم » فـي هذا الـموضع بـمعنى : « بل » ، فـيكون تأويـل الكلام : أفلـم يدبّروا القول ؟ بل جاءهم ما لـم يأت آبـاءهم الأوّلـين ، فتركوا لذلك التدبر وأعرضوا عنه ، إذ لـم يكن فـيـمن سلف من آبـائهم ذلك . وقد ذُكر عن ابن عبـاس فـي نـحو هذا القول ، ما : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن عكرمة ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { أفَلَـمْ يَدَّبَّرُوا القَوْلَ أمْ جاءَهُمْ ما لَـمْ يَأْتِ آبـاءَهُمُ الأَوَّلِـينَ } قال : لعمري لقد جاءهم ما لـم يأت آبـاءهم الأوّلـين ، ولكن أو لـم يأتهم ما لـم يأت آبـاءهم الأوّلـين . وقوله : { أمْ لَـمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ } يقول تعالـى ذكره : أم لـم يعرف هؤلاء الـمكذّبون مـحمداً ، وأنه من أهل الصدق والأمانة ، { فَهُمْ له مُنْكِرُونَ } يقول : فـينكروا قوله ، أو لـم يعرفوه بـالصدق ، ويحتـجوا بأنهم لا يعرفونه . يقول جلّ ثناؤه : فكيف يُكَذّبونه وهم يعرفونه فـيهم بـالصدق والأمانة . { أمْ يَقُولُونَ بِهِ جنَّةٌ } يقول : أيقولون بـمـحمد جنون ، فهو يتكلـم بـما لا معنى له ولا يُفهم ولا يَدْرِي ما يقول : { بَلْ جاءَهُمْ بـالـحَقّ } يقول تعالـى ذكره : فإن يقولوا ذلك فكَذِبُهم فـي قـيـلهم ذلك واضح بـيّن وذلك أن الـمـجنون يَهذِي فـيأتـي من الكلام بـما لا معنى له ، ولا يعقل ولا يفهم ، والذي جاءهم به مـحمد هو الـحكمة التـي لا أحكم منها والـحقّ الذي لا تـخفـى صحته علـى ذي فطرة صحيحة ، فكيف يجوز أن يقال : هو كلام مـجنون ؟ وقوله : { وأكْثَرُهُمْ للْـحَقّ كارِهُونَ } يقول تعالـى ذكره : ما بهؤلاء الكفرة أنهم لـم يعرفوا مـحمداً بـالصدق ولا أن مـحمداً عندهم مـجنون ، بل قد علـموه صادقاً مـحقًّا فـيـما يقول وفـيـما يدعوهم إلـيه ، ولكن أكثرهم للإذعان للـحقّ كارهون ولأتبـاع مـحمد ساخطون ، حسداً منهم له وبغياً علـيه واستكبـاراً فـي الأرض .