Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 76-76)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : { إنَّ قارُونَ } وهو قارون بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب { كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى } يقول : كان من عشيرة موسى بن عمران النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، وهو ابن عمه لأبـيه وأمه ، وذلك أن قارون هو قارون بن يصهر بن قاهث ، وموسى : هو موسى بن عمران بن قاهث ، كذا نسبه ابن جُرَيج . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قوله : { إنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَومِ مُوسَى } قال : ابن عمه ابن أخي أبـيه ، فإن قارون بن يصفر ، هكذا قال القاسم ، وإنـما هو يصهر بن قاهث ، وموسى بن عومر بن قاهث ، وعومر بـالعربـية : عمران . وأما ابن إسحاق فإن ابن حميد . حدثنا ، قال : ثنا سلـمة عنه ، أن يصهر بن قاهث تزوّج سميت بنت بتاويت بن بركنا بن بقشان بن إبراهيـم ، فولدت له عمران بن يصهر ، وقارون بن يصهر ، فنكح عمران بخنت بنت شمويـل بن بركنا بن بقشان بن بركنا ، فولدت له هارون بن عمران ، وموسى بن عمران صفـيّ الله ونبـيه فموسى علـى ما ذكر ابن إسحاق ابن أخي قارون ، وقارون هو عمه أخو أبـيه لأبـيه ولأمه . وأكثر أهل العلـم فـي ذلك علـى ما قاله ابن جُرَيج . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا جابر بن نوح ، قال : أخبرنا إسماعيـل بن أبـي خالد ، عن إبراهيـم ، فـي قوله : { إنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى } قال : كان ابن عمّ موسى . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن سماك بن حرب ، قال : ثنا سعيد عن قَتادة { إنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى } : كنا نـحدّث أنه كان ابن عمه أخي أبـيه ، وكان يسمى الـمنوّر من حُسن صوته بـالتوراة ، ولكن عدوّ الله نافق ، كما نافق السامريّ ، فأهلكه البغي . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن سفـيان ، عن سماك ، عن إبراهيـم { إنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى } قال كان ابن عمه فبغى علـيه . قال : ثنا يحيى القطان ، عن سفـيان ، عن سماك ، عن إبراهيـم ، قال : كان قارون ابن عمّ موسى . قال : ثنا أبو معاوية ، عن ابن أبـي خالد ، عن إبراهيـم { إنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى } قال : كان ابن عمه . حدثنـي بشر بن هلال الصوّاف ، قال : ثنا جعفر بن سلـيـمان الضُّبَعِيُّ ، عن مالك بن دينار ، قال : بلغنـي أن موسى بن عمران كان ابن عمّ قارون . وقوله : { فَبَغَى عَلَـيْهِمْ } يقول : فتـجاوز حدّه فـي الكبر والتـجبر علـيهم . وكان بعضهم يقول : كان بغيه علـيهم زيادة شبر أخذها فـي طول ثـيابه . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ بن سعيد الكنديّ وأبو السائب وابن وكيع قالوا : ثنا حفص بن غياث ، عن لـيث ، عن شَهِر بن حَوْشب { إنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَـيْهِمْ } قال : زاد علـيهم فـي الثـياب شبرا . وقال آخرون : كان بغيه علـيهم بكثرة ماله . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة ، قال : إنـما بغى علـيهم بكثرة ماله . وقوله : { وآتَـيْناهُ مِنَ الكُنُوزِ ما إنَّ مَفـاتِـحَهُ لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ أُولـى القُوَّةِ } يقول تعالـى ذكره : وآتـينا قارون من كنوز الأموال ما إن مفـاتـحه ، وهي جمع مفتـح ، وهو الذي يفتـح به الأبواب . وقال بعضهم : عنى بـالـمفـاتـح فـي هذا الـموضع : الـخزائن لتُثْقِل العصبة . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ما قلنا فـي معنى مفـاتـح : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا جابر بن نوح ، قال : أخبرنا الأعمش ، عن خيثمة ، قال : كانت مفـاتـح قارون تـحمل علـى ستـين بغلاً ، كلّ مفتاح منها بـاب كنز معلوم مثل الأُصبُع من جلود . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن الأعمش ، عن خيثمة ، قال : كانت مفـاتـح كنوز قارون من جلود كل مفتاح مثل الأصبع ، كل مفتاح علـى خزانة علـى حدة ، فإذا ركب حملت الـمفـاتـيح علـى ستـين بغلاً أغرّ مـحَّجل . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن خيثمة ، فـي قوله { ما إنَّ مَفـاتِـحَهُ لَتَنُوء بـالعُصْبَةِ أُولـى القُوَّةِ } قال : نـجد مكتوبـا فـي الإنـجيـل مفـاتـح قارون وِقر ستـين بغلاً غرّا مـحجلة ، ما يزيد كل مفتاح منها علـى أصبع ، لكل مفتاح منها كنز . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ابن عيـينة ، عن حميد ، عن مـجاهد ، قال : كانت الـمفـاتـح من جلود الإبل . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد { وآتَـيْناهُ مِن الكُنُوزِ ما إنَّ مَفـاتِـحَهُ لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ } قال : مفـاتـح من جلود كمفـاتـح العيدان . وقال قوم : عنى بـالـمفـاتـح فـي هذا الـموضع : خزائنه . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيت ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا إسماعيـل بن سالـم ، عن أبـي صالـح ، فـي قوله : { ما إنَّ مَفـاتِـحَهُ لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ } قال : كانت خزائنه تـحمل علـى أربعين بغلاً . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن أبـي حجيرَ ، عن الضحاك { ما إنَّ مَفـاتِـحَهُ } قال : أوعيته . وبنـحو الذي قلنا فـي معنى قوله : { لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ } قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا جابر بن نوح ، قال : ثنا أبو رَوْق ، عن الضحاك عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { لَتَنُوء بـالعُصْبَةِ } قال : لتثقل بـالعصبة . حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله { لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ } يقول : تَثْقُل . وأما العُصبة فإنها الـجماعة . واختلف أهل التأويـل فـي مبلغ عددها الذي أريد فـي هذا الـموضع فأما مبلغ عدد العصبة فـي كلام العرب فقد ذكرناه فـيـما مضى بـاختلاف الـمختلفـين فـيه ، والرواية فـي ذلك ، والشواهد علـى الصحيح من قولهم فـي ذلك بـما أغنـي عن إعادته فـي هذا الـموضع ، فقال بعضهم : كانت مفـاتـحه تنوء بعصبة مبلغ عددها أربعون رجلاً . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا هشيـم ، عن إسماعيـل بن سالـم ، عن أبـي صالـح ، قوله : { لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ } قال : أربعون رجلاً . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد عن قَتادة { لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ } قال : ذكر لنا أن العصبة ما بـين العشرة إلـى الأربعين . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : أخبرنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله : { لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ أُولـى القُوَّةِ } : يزعمون أن العصبة أربعون رجلاً ، ينقلون مفـاتـحه من كثرة عددها . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وآتَـيْناهُ مِنَ الكُنُوزِ ما إنَّ مَفـاتِـحَهُ لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ أُولـى القُوَّةِ } قال : أربعون رجلاً . وقال آخرون : ستون ، وقال : كانت مفـاتـحه تـحمل علـى ستـين بغلاً . حدثنا كذلك ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن الأعمش ، عن خيثمة . وقال آخرون : كانت تـحمل علـى ما بـين ثلاثة إلـى عشرة . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا جابر بن نوح ، عن أبـي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عبـاس { لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ } قال : العصبة : ثلاثة . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا جابر بن نوح ، قال : ثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن ابن عبـاس { لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ } قال : العصبة : ما بـين الثلاثة إلـى العشرة . وقال آخرون : كانت تـحمل ما بـين عشرة إلـى خمسة عشرة . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قول الله : { ما إنَّ مَفـاتِـحَهُ لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ } قال : العُصْبة : ما بـين العشرة إلـى الـخمسة عشر . حدثنا القاسم قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد { لَتَنُوءُ بـالعُصْبَة } قال : العصبة : خمسة عشر رجلاً . وقوله : { أُولـى القُوَّةِ } يعنـي : أولـى الشدّة . وقال مـجاهد فـي ذلك ما : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح عن مـجاهد { أُولـى القُوَّةِ } قال : خمسةَ عَشَر . فإن قال قائل : وكيف قـيـل { وآتَـيْناهُ مِنَ الكُنُوزِ ما إنَّ مَفـاتِـحَهُ لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ } وكيف تنوء الـمفـاتـح بـالعصبة ، وإنـما العصبة هي التـي تنوء بها ؟ قـيـل : اختلف فـي ذلك أهل العلـم بكلام العرب ، فقال بعض أهل البصرة : مـجاز ذلك : ما إن العصبة ذوي القوّة لتنوء بـمفـاتـح نعمه . قال : ويقال فـي الكلام : إنها لتنوء بها عجيزتها ، وإنـما هو : تنوء بعجيزتها كما ينوء البعير بحمله ، قال : والعرب قد تفعل مثل هذا . قال الشاعر : @ فَدَيْتُ بِنَفْسِهِ نَفْسِي وَمالـي وما آلُوكَ إلاَّ ما أُطِيقُ @@ والـمعنى : فديت بنفسي وبـمالـي نفسه . وقال آخر : @ وَتَرْكَبُ خَيْلاً لا هَوَادَةَ بَـيْنَها وَتَشْقَـى الرّماحُ بـالضَّياطِرَةِ الـحُمْرِ @@ وإنـما تشقـى الضياطرة بـالرماح . قال : والـخيـل هاهنا : الرجال . وقال آخر منهم { ما إنَّ مَفـاتِـحَهُ } قال : وهذا موضع لا يكاد يبتدأ فـيه « إن » ، وقد قال : { إن الـموت الذي تفرّون منه فإنه ملاقـيكم } وقوله : { لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ } إنـما العصبة تنوء بها وفـي الشعر : @ تَنُوءُ بِها فَتُثْقِلُها عَجِيزَتُها @@ ولـيست العجيزة تنوء بها ، ولكنها هي تنوء بـالعجيزة وقال الأعشى : @ ما كُنْتَ فِـي الـحَرْبِ العَوَانِ مُغَمَّرَا إذْ شَبَّ حَرُّ وَقُودِها أجْذَالَهَا @@ وكان بعض أهل العربـية من الكوفـيـين يُنكر هذا الذي قاله هذا القائل ، وابتداء إن بعد ما ، ويقول : ذلك جائز مع وما من ، وهو مع ما ومَنْ أجود منه مع الذي ، لأن الذي لا يعمل فـي صلته ، ولا تعمل صلته فـيه ، فلذلك جاز ، وصارت الـجملة عائد « ما » ، إذ كانت لا تعمل فـي « ما » ، ولا تعمل « ما » فـيها قال : وحَسُن مع « ما » و « من » ، لأنهما يكونان بتأويـل النكرة إن شئت ، والـمعرفة إن شئت ، فتقول : ضربت رجلاً لـيقومنّ ، وضربت رجلاً إنه لـمـحسن ، فتكون « مَنْ و ما » تأويـل هذا ، ومع « الذي » أقبح ، لأنه لا يكون بتأويـل النكرة . وقال آخر منهم فـي قوله : { لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ } : نَوْءُها بـالعصبة : أن تُثْقلهم وقال : الـمعنى : إن مفـاتـحه لتنـيءُ العصبة : تـميـلهن من ثقلها ، فإذا أدخـلت البـاء قلت : تَنُوء بهم ، كما قال : { آتُونِـي أُفْرِغْ عَلَـيْهِ قِطْرَا } قال والـمعنى : آتونـي بقطر أفرغ علـيه فإذا حُذفت البـاء ، زدت علـى الفعل ألفـاً فـي أوّله ومثله : { فأجاءَها الـمَخاضُ } معناه : فجاء بها الـمخاض وقال : قد قال رجل من أهل العربـية : ما إن العصبة تَنُوء بـمفـاتـحه ، فحوّل الفعل إلـى الـمفـاتـح ، كما قال الشاعر : @ إنَّ سِرَاجا لَكَرِيـمٌ مَفْخَرُهْ تَـحْلَـى بهِ العَيْنُ إذَا ما تَـجْهَرُهْ @@ وهو الذي يحلَـى بـالعين ، قال : فإن كان سمع أثراً بهذا ، فهو وجه ، وإلاَّ فإن الرجل جهل الـمعنى . قال : وأنشدنـي بعض العرب : @ حتـى إذَا ما الْتَأَمَتْ مَوَاصِلُهْ ونَاءَ فِـي شِقّ الشِّمالِ كاهِلُهْ @@ يعنـي : الرامي لِـما أخذ القوس ، ونزع مال علـيها . قال : ونرى أن قول العرب : ما ساءك ، وناءك من ذلك ، ومعناه : ما ساءك وأناءك من ذلك ، إلاَّ أنه ألقـى الألف لأنه متبع لساءك ، كما قالت العرب : أكلت طعاماً فهنأنـي ومرأنـي ، ومعناه : إذا أفردت : وأمرأنـي فحذفت منه الألف لـما أتبع ما لـيس فـيه ألف . وهذا القول الآخر فـي تأويـل قوله : { لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ } : أولـى بـالصواب من الأقوال الأُخَر ، لـمعنـيـين : أحدهما : أنه تأويـل موافق لظاهر التنزيـل . والثانـي : أن الآثار التـي ذكرنا عن أهل التأويـل بنـحو هذا الـمعنى جاءت ، وأن قول من قال : معنى ذلك : ما إن العصبة لتنوء بـمفـاتـحه ، إنـما هو توجيه منهم إلـى أن معناه : ما إن العصبة لتنهض بـمفـاتـحه وإذا وجه إلـى ذلك لـم يكن فـيه من الدلالة علـى أنه أريد به الـخبر عن كثرة كنوزه ، علـى نـحو ما فـيه ، إذا وجه إلـى أن معناه : إن مفـاتـحه تثقل العصبة وتـميـلها ، لأنه قد تنهض العصبة بـالقلـيـل من الـمفـاتـح وبـالكثـير . وإنـما قصد جلّ ثناؤه الـخبر عن كثرة ذلك ، وإذا أريد به الـخبر عن كثرته ، كان لا شكّ أن الذي قاله من ذكرنا قوله ، من أن معناه : لتنوء العصبة بـمفـاتـحه ، قول لا معنى له ، هذا مع خلافه تأويـل السلف فـي ذلك . وقوله : { إذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ ، إنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الفَرِحِينَ } يقول : إذ قال قومه : لا تبغ ولا تَبْطَر فرحا ، إن الله لا يحبّ من خـلقه الأَشِرِين البَطِرِين . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـي ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله { إنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الفَرِحِينَ } يقول : الـمَرِحِين . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عنبسة ، عن مـحمد بن عبد الرحمن ، عن القاسم بن أبـي بَزَّة ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { لا تَفْرَحْ إنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الفَرِحِينَ } قال : الـمتبذِّخين الأَشِرين البَطِرين ، الذين لا يشكرون الله علـى ما أعطاهم . حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن جابر ، قال : سمعت مـجاهدا يقول فـي هذه الآية { إن اللّهَ لا يُحِبُّ الفَرِحِينَ } قال : الأَشِرين البَطِرِين البَذِخين . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا العوّام ، عن مـجاهد ، فـي قوله { لا تَفْرَحْ إنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الفَرِحِينَ } قال : يعنـي به البغي . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قول الله : { لا تَفْرَحْ إنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الفَرِحِينَ } قال : الـمتبذِّخين الأشرين ، الذين لا يشكرون الله فـيـما أعطاهم . حدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، مثله إلاَّ أنه قال : الـمتبذّخين . حدثنا مـحمد بن عبد الله الـمُخَرِّميّ ، قال : ثنـي شَبَـابة ، قال : ثنـي ورقاء ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { لا تَفْرَحْ إنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الفَرِحِينَ } قال : الأشِرينَ البَطِرِين . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قَتادة ، إذ قال له قومه { لا تَفْرَحْ } : أي لا تـمرح { إنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الفَرِحِينَ } : أي إن الله لا يحبّ الـمَرِحين . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مـجاهد { لا تَفْرَحْ إنَّ لا يُحِبُّ الفَرِحِينَ } قال : الأَشِرِين البطرين ، الذين لا يشكرون الله فـيـما أعطاهم . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا العوّام ، عن مـجاهد ، فـي قوله { إذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ ، إنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الفَرِحِينَ } قال : هو فَرَح البَغْي .