Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 111-111)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعنـي بذلك جلّ ثناؤه : لن يضركم يا أهل الإيـمان بـالله ورسوله ، هؤلاء الفـاسقون من أهل الكتاب بكفرهم ، وتكذيبهم نبـيكم مـحمدا صلى الله عليه وسلم شيئاً إلا أذى ، يعنـي بذلك ولكنهم يؤذونكم بشركهم ، وإسماعكم كفرهم ، وقولهم فـي عيسى وأمه وعزير ، ودعائهم إياكم إلـى الضلالة ، ولا يضرّونكم بذلك ، وهذا من الاستثناء الـمنقطع ، الذي هو مخالف معنى ما قبله ، كما قـيـل ما اشتكى شيئاً إلا خيراً ، وهذه كلـمة مـحكية عن العرب سماعاً . وبنـحو ما قلنا فـي ذلك ، قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى } يقول : لن يضرّوكم إلا أذى تسمعونه منهم . حُدثت عن عمار ، قال : ثنا ابن أبـي جعفر ، عن أبـيه ، عن الربـيع ، قوله : { لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى } قال : أذى تسمعونه منهم . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : { لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى } قال : إشراكهم فـي عُزَير وعيسى والصلـيب . حدثنـي مـحمد بن سنان ، قال : ثنا أبو بكر الـحنفـي ، عن عبـاد ، عن الـحسن فـي قوله : { لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى } … الآية ، قال : تسمعون منهم كذبـاً علـى الله ، يدعونكم إلـى الضلالة . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { وَإِن يُقَـٰتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ ٱلأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ } . يعنـي بذلك جلّ ثناؤه : وإن يقاتلكم أهل الكتاب من الـيهود والنصارى ، يهزموا عنكم ، فـيولوكم أدبـارهم انهزاماً ، فقوله : { يُوَلُّوكُمُ ٱلأَدُبَارَ } كناية عن انهزامهم ، لأن الـمنهزم يحوّل ظهره إلـى جهة الطالب هربـاً إلـى ملـجأ ، وموئل يئل إلـيه منه ، خوفـاً علـى نفسه ، والطالب فـي أثره ، فدبر الـمطلوب حينئذٍ يكون مـحاذي وجه الطالب الهازمة . { ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ } يعنـي : ثم لا ينصرهم الله أيها الـمؤمنون علـيكم لكفرهم بـالله ورسوله ، وإيـمانكم بـما آتاكم نبـيكم مـحمد صلى الله عليه وسلم ، لأن الله عزّ وجلّ قد ألقـى الرعب فـي قلوب كائدكم أيها الـمؤمنون بنصركم . وهذا وعد من الله تعالـى ذكره نبـيه مـحمدا صلى الله عليه وسلم وأهل الإيـمان نصرهم علـى الكفرة من أهل الكتاب . وإنـما رفع قوله : { ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ } وقد جزم قوله : { يُوَلُّوكُمُ ٱلأَدْبَارَ } علـى جواب الـجزاء ائتنافـاً للكلام ، لأن رؤوس الآيات قبلها بـالنون ، فألـحق هذه بها ، قال : { وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } [ المرسلات : 36 ] رفعاً ، وقد قال فـي موضع آخر : { لاَ يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ } [ فاطر : 36 ] إذ لـم يكن رأس آية .