Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 113-113)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعنـي بقوله جلّ ثناؤه : { لَيْسُواْ سَوَاء } لـيس فريقا أهل الكتاب ، أهل الإيـمان منهم والكفر سواء ، يعنـي بذلك : أنهم غير متساوين ، يقول : لـيسوا متعادلـين ، ولكنهم متفـاوتون فـي الصلاح والفساد والـخير والشرّ . وإنـما قـيـل : لـيسوا سواء ، لأن فـيه ذكر الفريقـين من أهل الكتاب اللذين ذكرهما الله فـي قوله : { وَلَوْ ءامَنَ أَهْلُ ٱلْكِتَـٰبِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ مِّنْهُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ } [ آل عمران : 110 ] ثم أخبر جلّ ثناؤه عن حال الفريقـين عنده ، الـمؤمنة منهما والكافرة ، فقال : { لَيْسُواْ سَوَاء } : أي لـيس هؤلاء سواء ، الـمؤمنون منهم والكافرون . ثم ابتدأ الـخبر جلّ ثناؤه عن صفة الفرقة الـمؤمنة من أهل الكتاب ومدحهم ، وأثنى علـيهم بعد ما وصف الفرقة الفـاسقة منهم بـما وصفها به من الهلع ونَـخْب الـجَنان ، ومـحالفة الذلّ والصغار ، وملازمة الفـاقة والـمسكنة ، وتـحمل خزي الدنـيا وفضيحة الآخرة ، فقال : { مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ ءايَـٰتِ ٱللَّهِ ءانَاء ٱلَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ } … الآيات الثلاث ، إلـى قوله : { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ } [ آل عمران : 115 ] فقوله : « أمة قائمة » مرفوعة بقوله : « من أهل الكتاب » . وقد توهم جماعة من نـحويـي الكوفة والبصرة والـمقدّمين منهم فـي صناعتهم ، أن ما بعد سواء فـي هذا الـموضع من قوله : { أُمَّةٌ قَائِمَةٌ } ترجمة عن سواء ، وتفسير عنه بـمعنى : لا يستوي من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء اللـيـل ، وأخرى كافرة ، وزعموا أن ذكر الفرقة الأخرى ترك اكتفـاء بذكر إحدى الفرقتـين ، وهي الأمة القائمة ، ومثّلوه بقول أبـي ذؤيب : @ عَصَيْتُ إلَـيْها القَلْبَ إنـي لأمْرِها سَمِيعٌ فَما أدْرِي أرُشْدٌ طِلابُها @@ ولـم يقل : « أم غير رشد » اكتفـاء بقوله : « أرشد » من ذكر « أم غير رشد » . وبقول الآخر : @ أزَالُ فلا أدْري أهَمٌّ هَمَـمْتَهُ وذو الهَمّ قِدْماً خاشِعٌ مُتَضَائِلُ @@ وهو مع ذلك عندهم خطأ قول القائل الـمريد أن يقول : سواء أقمت أم قعدت ، سواء أقمت حتـى يقول أم قعدت ، وإنـما يجيزون حذف الثانـي فـيـما كان من الكلام مكتفـياً بواحد دون ما كان ناقصاً عن ذلك ، وذلك نـحو ما أبـالـي أو ما أدري ، فأجازوا فـي ذلك ما أبـالـي أقمت ، وهم يريدون : ما أبـالـي أقمت أم قعدت ، لاكتفـاء ما أبـالـي بواحد ، وكذلك فـي ما أدري ، وأبوا الإجازة فـي سواء من أجل نقصانه ، وأنه غير مكتف بواحد ، فأغفلوا فـي توجيههم قوله : { لَيْسُواْ سَوَاءٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ } علـى ما حكينا عنهم إلـى ما وجهوه إلـيه مذاهبهم فـي العربـية ، إذ أجازوا فـيه من الـحذف ما هو غير جائز عندهم فـي الكلام مع سواء ، وأخطأوا تأويـل الآية ، فسواء فـي هذا الـموضع بـمعنى التـمام والاكتفـاء ، لا بـالـمعنى الذي تأوله من حكينا قوله . وقد ذكر أن قوله : { مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ } . … الآيات الثلاث ، نزلت فـي جماعة من الـيهود أسلـموا ، فحسن إسلامهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن مـحمد بن إسحاق ، قال : ثنـي مـحمد بن محمد ، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبـاس ، قال : لـما أسلـم عبد الله بن سلام ، وثعلبة بن سعية ، وأسيد بن سعية ، وأسد بن عبـيد ، ومن أسلـم من يهود معهم ، فآمنوا وصدّقوا ورغبوا فـي الإسلام ومنـحوا فـيه ، قالت : أحبـار يهود وأهل الكفر منهم : ما آمن بـمـحمد ولا تبعه إلا أشرارنا ، ولو كانوا من خيارنا ما تركوا دين آبـائهم ، وذهبوا إلـى غيره ، فأنزل الله عزّ وجلّ فـي ذلك من قولهم : { لَيْسُواْ سَوَاءً مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ ءايَـٰتِ ٱللَّهِ } إلـى قوله : { وَأُوْلَـئِكَ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ } [ آل عمران : 114 ] . حدثنا أبو كريب قال : ثنا يونس بن بكير ، عن مـحمد بن إسحاق ، قال : ثنـي مـحمد بن أبـي مـحمد مولـى زيد بن ثابت ، قال : ثنـي سعيد بن جبـير أو عكرمة ، عن ابن عبـاس ، بنـحوه . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { لَيْسُواْ سَوَاءً مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ } … الآية ، يقول : لـيس كل القوم هلك ، قد كان لله فـيهم بقـية . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، قال : قال ابن جريج : { أُمَّةٌ قَائِمَةٌ } : عبد الله بن سلام ، وثعلبة بن سلام أخوه ، وسعية ومبشر ، وأسيد وأسد ابنا كعب . وقال آخرون : معنى ذلك : لـيس أهل الكتاب وأمة مـحمد القائمة بحقّ الله سواء عند الله . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن الـحسن بن يزيد العجلـي ، عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقول فـي قوله : { لَيْسُواْ سَوَاءً مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ } قال : لا يستوي أهل الكتاب ، وأمة مـحمد صلى الله عليه وسلم . حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السدي : { لَيْسُواْ سَوَاءً مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ } … الآية ، يقول : لـيس هؤلاء الـيهود كمثل هذه الأمة التـي هي قائمة . وقد بـينا أن أولـى القولـين بـالصواب فـي ذلك قول من قال : قد تـمت القصة عند قوله : { لَيْسُواْ سَوَاءً } عن إخبـار الله بأمر مؤمنـي أهل الكتاب ، وأهل الكفر منهم ، وأن قوله : { مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ } . خبر مبتدأ عن مدح مؤمنـيهم ، ووصفهم بصفتهم ، علـى ما قاله ابن عبـاس وقتادة وابن جريج . ويعنـي جلّ ثناؤه بقوله : { أُمَّةٌ قَائِمَةٌ } : جماعة ثابتة علـى الـحقّ . وقد دللنا علـى معنى الأمة فـيـما مضى بـما أغنى عن إعادته . وأما القائمة ، فإن أهل التأويـل اختلفوا فـي تأويـله ، فقال بعضهم : معناها : العادلة . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { أُمَّةٌ قَائِمَةٌ } قال : عادلة . وقال آخرون : بل معنى ذلك : أنها قائمة علـى كتاب الله وما أمر به فـيه . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة فـي قوله : { أُمَّةٌ قَائِمَةٌ } يقول : قائمة علـى كتاب الله وفرائضه وحدوده . حُدثت عن عمار ، قال : ثنا ابن أبـي جعفر ، عن أبـيه ، عن الربـيع ، قوله : { أُمَّةٌ قَائِمَةٌ } يقول : قائمة علـى كتاب الله وحدوده وفرائضه . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس : { مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ } يقول : أمة مهتدية قائمة علـى أمر الله ، لـم تنزع عنه وتتركه كما تركه الآخرون وضيعوه . وقال آخرون : بل معنى قائمة : مطيعة . ذكر من قال ذلك : حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { أُمَّةٌ قَائِمَةٌ } الآية ، يقول : لـيس هؤلاء الـيهود ، كمثل هذه الأمة التـي هي قانتة لله والقانتة : الـمطيعة . وأولـى هذه الأقوال بـالصواب فـي تأويـل ذلك ما قاله ابن عبـاس وقتادة ، ومن قال بقولهما علـى ما روينا عنهم ، وإن كان سائر الأقوال الأخر متقاربة الـمعنى من معنى ما قاله ابن عبـاس وقتادة فـي ذلك . وذلك أن معنى قوله : { قَائِمَةً } مستقـيـمة علـى الهدى ، وكتاب الله وفرائضه ، وشرائع دينه ، بـالعدل والطاعة ، وغير ذلك من أسبـاب الـخير من صفة أهل الاستقامة علـى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . ونظير ذلك الـخبر الذي رواه النعمان بن بشير ، عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : " مَثَلُ القائِمِ علـى حُدُودِ اللّهِ وَالوَاقِعِ فِـيها ، كَمَثَلِ قَوْمٍ رَكِبُوا سَفِـينَةً ، ثُمَّ ضَرَبَ لهُمْ مَثَلاً " فـالقائمُ علـى حُدُودِ اللّهِ هُوَ الثَّابِت عَلـى التَّـمَسُّكِ بِـما أمَرَهُ اللّهُ بهِ وَاجْتِنابِ ما نَهاهُ اللّهُ عَنْهُ . فتأويـل الكلام : من أهل الكتاب جماعة معتصمة بكتاب الله ، متـمسكة به ، ثابتة علـى العمل بـما فـيه ، وما سنّ له رسوله صلى الله عليه وسلم . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { يَتْلُونَ ءايَـٰتِ ٱللَّهِ ءانَاء ٱلَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ } . يعنـي بقوله : { يَتْلُونَ ءايَـٰتِ ٱللَّهِ } : يقرؤون كتاب الله آناء اللـيـل ، ويعنـي بقوله : { ءايَـٰتِ ٱللَّهِ } : ما أنزل فـي كتابه من العبر والـمواعظ ، يقول : يتلون ذلك آناء اللـيـل ، يقول : فـي ساعات اللـيـل ، فـيتدبرونه ويتفكرون فـيه . وأما { آناءَ ٱلَّيْل } : فساعات اللـيـل ، واحدها : إِنْـيٌ ، كما قال الشاعر : @ حُلوٌ ومُرّ كعْطفِ القِدْحِ مِرَّتَهُ فـي كُلّ إنْـيٍ قَضَاهُ اللَّـيْـلُ يَنْتَعِلُ @@ وقد قـيـل إن واحد الآناء : إِنى مقصور ، كما واحد الأمعاء : مِعًى . واختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك ، فقال بعضهم : تأويـله : ساعات اللـيـل ، كما قلنا . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { يَتْلُونَ ءايَـٰتِ ٱللَّهِ ءانَاء ٱلَّيْلِ } : أي ساعات اللـيـل . حُدثت عن عمار ، قال : ثنا ابن أبـي جعفر ، عن أبـيه ، عن الربـيع ، قال : { آناءَ ٱلَّيْل } : ساعات اللـيـل . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، قال : قال ابن جريج ، قال عبد الله بن كثـير : سمعنا العرب تقول : { آناءَ ٱلَّيْل } : ساعات اللـيـل . وقال آخرون { آناءَ ٱلَّيْل } : جوف اللـيـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { يَتْلُونَ ءايَـٰتِ ٱللَّهِ ءانَاء ٱلَّيْلِ } أما آناء اللـيـل : فجوف اللـيـل . وقال آخرون : بل عنـي بذلك قوم كانوا يصلون العشاء الأخيرة . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن الـحسن بن يزيد العجلـي ، عن عبد الله بن مسعود فـي قوله : { يَتْلُونَ ءايَـٰتِ ٱللَّهِ ءانَاء ٱلَّيْلِ } : صلاة العتـمة ، هم يصلونها ، ومن سواهم من أهل الكتاب لا يصلـيها . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ثنـي يحيـى بن أيوب ، عن عبـيد الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة كان عند بعض أهله ونسائه ، فلـم يأتنا لصلاة العشاء حتـى ذهب ليلٌ ، فجاء ومنا المصلي ومنا المضطجع ، فبشرنا وقال : " إنه لا يُصَلّي هذه الصَّلاة أحَدٌ مِنْ أَهْلِ الكِتابِ " ، فأنزل الله : { لَيْسُواْ سَوَاءً مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ ءايَـٰتِ ٱللَّهِ ءانَاء ٱلَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ } . حدثني يونس ، قال : ثنا ، عليّ بن معبد ، عن أبي يحيى الخراساني ، عن نصر بن طريف ، عن عاصم ، عن زر بن حبيش ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن ننتظر العشاء يريد العتمة فقال لنا : " ما علـى الأرْضِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأدْيَانِ يَنْتَظِرُ هذه الصَّلاةَ فـي هذا الوَقْتِ غَيْرُكُمْ " قال : فنزلت : { لَيْسُواْ سَوَاءً مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ ءايَـٰتِ ٱللَّهِ ءانَاء ٱلَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ } . وقال آخرون : بل عنـي بذلك قوم كانوا يصلون فـيـما بـين الـمغرب والعشاء . ذكر من قال ذلك : حدثنا الـحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن منصور ، قال : بلغنـي أنها نزلت : { لَيْسُواْ سَوَاءً مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ ءايَـٰتِ ٱللَّهِ ءانَاء ٱلَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ } فـيـما بـين الـمغرب والعشاء . وهذه الأقوال التـي ذكرتها علـى اختلافها متقاربة الـمعانـي ، وذلك أن الله تعالـى ذكره ، وصف هؤلاء القوم ، بأنهم يتلون آيات الله فـي ساعات اللـيـل ، وهي آناؤه ، وقد يكون تالـيها فـي صلاة العشاء تالـياً لها آناء اللـيـل ، وكذلك من تلاها فـيـما بـين الـمغرب والعشاء ، ومن تلاها جوف اللـيـل ، فكلّ تال له ساعات اللـيـل . غير أن أولـى الأقوال بتأويـل الآية ، قول من قال : عنـي بذلك : تلاوة القرآن فـي صلاة العشاء ، لأنها صلاة لا يصلـيها أحد من أهل الكتاب ، فوصف الله أمة مـحمد صلى الله عليه وسلم بأنهم يصلونها دون أهل الكتاب الذين كفروا بـالله ورسوله . وأما قوله : { وَهُمْ يَسْجُدُونَ } فإن بعض أهل العربـية زعم أن معنى السجود فـي هذا الـموضع اسم الصلاة لا السجود ، لأن التلاوة لا تكون فـي السجود ولا فـي الركوع ، فكان معنى الكلام عنده : يتلون آيات الله آناء اللـيـل وهم يصلون ، ولـيس الـمعنى علـى ما ذهب إلـيه ، وإنـما معنى الكلام : من أهل الكتاب أمة قائمة ، يتلون آيات الله آناء اللـيـل فـي صلاتهم ، وهم مع ذلك يسجدون فـيها ، فـالسجود هو السجود الـمعروف فـي الصلاة .