Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 139-139)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهذا من الله تعالى ذكره تعزية لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما أصابهم من الجراح والقتل بأُحد ، قال : ولا تهنوا ولا تـحزنوا يا أصحاب محمد ، يعني ولا تضعفوا بالذي نالكم من عدوّكم بأُحد من القتل والقروح ، عن جهاد عدوكم وحربهم ، من قول القائل : وهن فلان في هذا الأمر فهو يهن وهناً : { وَلاَ تَحْزَنُواْ } : ولا تأسوا فتجزعوا علـى ما أصابكم من الـمصيبة يومئذ ، فإنكم أنتم الأعلون ، يعنـي الظاهرون عليهم ، ولكم العقبى فـي الظفر والنصرة عليهم ، يقول : إن كنتـم مؤمنـين ، يقول : إن كنتم مصدّقـي فـي نبـيـي مـحمد صلى الله عليه وسلم فيما يعدكم ، وفـيـما ينبئكم من الـخبر عما يئول إلـيه أمركم وأمرهم . كما : حدثنا الـمثنى ، قال : ثنا سويد بن نصر ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن يونس ، عن الزهري ، قال : كثر في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم القتل والـجراح ، حتى خلص إلـى كل امرىء منهم الـيأس ، فأنزل الله عزّ وجلّ القرآن ، فآسى فـيه المؤمنـين بأحسن ما آسى به قوماً من المسلـمين كانوا قبلهم من الأمـم الماضية فقال : { وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } إلـى قوله : { لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ } [ آل عمران : 154 ] . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } : يعزّي أصحاب مـحمد صلى الله عليه وسلم كما تسمعون ، ويحثهم علـى قتال عدوّهم ، وينهاهم عن العجز والوهن فـي طلب عدوّهم فـي سبـيـل الله . حدثنـي مـحمد بن سنان ، قال : ثنا أبو بكر الـحنفـي ، قال : ثنا عبـاد ، عن الـحسن ، فـي قوله : { وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } قال : يأمر محمداً يقول : ولا تهنوا أن تمضوا في سبيل الله . حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مـجاهد فـي قول الله عزّ وجلّ : { وَلاَ تَهِنُواْ } : ولا تضعفوا . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله بن أبـي جعفر ، عن أبـيه ، عن الربـيع ، فـي قوله : { وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا } يقول : ولا تضعفوا . حدثنـي القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج : { وَلاَ تَهِنُواْ } قال ابن جريج : ولا تضعفوا فـي أمر عدوكم ، { وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ } قال : انهزم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فـي الشعب ، فقالوا : ما فعل فلان ؟ ما فعل فلان ؟ فنعى بعضهم بعضاً ، وتـحدثوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل ، فكانوا فـي همّ وحزن . فبـينـما هم كذلك ، إذ علا خالد بن الولـيد الـجبل بخيـل الـمشركين فوقهم وهم أسفل فـي الشعب فلـما رأوا النبـي صلى الله عليه وسلم فرحوا ، وقال النبـي صلى الله عليه وسلم : " اللَّهُمَّ لا قُوَّةَ لَنا إلاَّ بِكَ ، ولَـيْسَ يَعْبُدُكَ بِهَذِهِ البَلْدَةِ غَيْر هَؤلاءِ النَّفَرِ " قال : وثاب نفر من الـمسلـمين رماة ، فصعدوا ، فرموا خيـل الـمشركين حتـى هزمهم الله ، وعلا الـمسلـمون الـجبل فذلك قوله : { وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق : { وَلاَ تَهِنُواْ } أي لا تضعفوا ، { وَلاَ تَحْزَنُواْ } ولا تأسوا علـى ما أصابكم ، { وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ } أي لكم تكون العاقبة والظهور ، { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } : إن كنتـم صدقتـم نبـيـي بـما جاءكم به عنـي . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس قال : أقبل خالد بن الولـيد يريد أن يعلو علـيهم الـجبل ، فقال النبـي صلى الله عليه وسلم : " اللَّهُمَّ لا يَعْلُونَ عَلَـيْنَا ! " فأنزل الله عزّ وجلّ : { وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } .