Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 20-20)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعنـي بذلك جلّ ثناؤه : فإن حاجَّك يا مـحمد النفر من نصارى أهل نـجران فـي أمر عيسى صلوات الله علـيه ، فخاصموك فـيه بـالبـاطل ، فقل : انقدت لله وحده بلسانـي وقلبـي وجميع جوارحي ، وإنـما خصّ جلّ ذكره بأمره بأن يقول : أسلـمت وجهي لله ، لأن الوجه أكرم جوارح ابن آدم علـيه ، وفـيه بهاؤه وتعظيـمه فإذا خضع وجهه لشيء ، فقد خضع له الذي هو دونه فـي الكرامة علـيه من جوارح بدنه . وأما قوله : { وَمَنِ اتَّبَعَنِي } فإنه يعنـي : وأسلـم من اتبعنـي أيضاً وجهه لله معي ، ومن معطوف بها علـى التاء فـي « أسلـمت » . كما : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عن مـحمد بن جعفر بن الزبـير : { فَإنْ حَاجُّوكَ } أي بـما يأتونك به من البـاطل من قولهم : خـلقنا ، وفعلنا ، وجعلنا ، وأمرنا ، فإنـما هي شبه بـاطلة قد عرفوا ما فـيها من الـحقّ ، فقل : أسلـمت وجهي لله ومن اتبعنـي . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { وَقُلْ لّلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَـابَ وَالأمِّيِّينَ أأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدُوا } . يعنـي بذلك جلّ ثناؤه : وقل يا مـحمد للذين أوتوا الكتاب من الـيهود والنصارى ، والأميـين الذين لا كتاب لهم من مشركي العرب أأسلـمتـم ؟ يقول : قل لهم : هل أفردتـم التوحيد ، وأخـلصتـم العبـادة والألوهة لربّ العالـمين دون سائر الأنداد والأشراك التـي تشركونها معه فـي عبـادتكم إياهم ، وإقراركم بربوبـيتهم ، وأنتـم تعلـمون أنه لا ربّ غيره ، ولا إله سواه ، فإن أسلـموا يقول : فإن انقادوا لإفراد الوحدانـية لله ، وإخلاص العبـادة والألوهة له ، فقد اهتدوا ، يعنـي : فقد أصابوا سبـيـل الـحقّ ، وسلكوا مـحجة الرشد . فإن قال قائل : وكيف قـيـل : فإن أسلـموا فقد اهتدوا عقـيب الاستفهام ، وهل يجوز علـى هذا فـي الكلام أن يقال لرجل : هل تقوم ؟ فإن تقم أكرمك ؟ . قـيـل : ذلك جائز إذا كان الكلام مراداً به الأمر ، وإن خرج مخرج الاستفهام ، كما قال جلّ ثناؤه : { وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَعَنِ ٱلصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ } [ المائدة : 91 ] يعنـي انتهوا ، وكما قال جل ثناؤه مخبراً عن الـحواريـين أنهم قالوا لعيسى : { يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } [ المائدة : 112 ] . وإنـما هو مسألة ، كما يقول الرجل : هل أنت كافّ عنا ؟ بـمعنى : اكفف عنا ، وكما يقول الرجل للرجل : أين أين ؟ بـمعنى ؟ أقم فلا تبرح ، ولذلك جُوزي فـي الاستفهام كما جوزي فـي الأمر فـي قراءة عبد الله : « هَلْ أدُلُّكُمْ علـى تِـجارَةٍ تُنْـجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ ألِـيـمٍ ؟ آمِنُوا » ففسرها بـالأمر ، وهي فـي قراءتنا علـى الـخبر فـالـمـجازاة فـي قراءتنا علـى قوله : { هَلْ أَدُلُّكُمْ } وفـي قراءة عبد الله علـى قوله : « آمِنُوا » علـى الأمر ، لأنه هو التفسير . وبنـحو معنى ما قلنا فـي ذلك قال بعض أهل التأويـل . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن مـحمد بن إسحاق ، عن مـحمد بن جعفر بن الزبـير : { وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الكِتَـابَ وَالأميِّينَ } الذين لا كتاب لهم : { أأسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا } … الآية . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عبـاس : { وَقُلْ لّلَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ } قال : الأميون : الذين لا يكتبون . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بالعِبَادِ } . يعنـي جلّ ثناؤه بقوله : { وَإِن تَوَلَّوْا } وإن أدبروا معرضين عما تدعوهم إلـيه من الإسلام ، وإخلاص التوحيد لله ربّ العالـمين ، فإنـما أنت رسول مبلغ ، ولـيس علـيك غير إبلاغ الرسالة إلـى من أرسلتك إلـيه من خـلقـي ، وأداء ما كلفتك من طاعتـي . { وَاللَّهُ بَصِيرٌ بالعِبَادِ } يعنـي بذلك ، والله ذو علـم بـمن يقبل من عبـاده ما أرسلتك به إلـيه ، فـيطيعك بـالإسلام ، وبـمن يتولـى منهم عنه معرضاً ، فـيردّ علـيك ما أرسلتك به إلـيه فـيعصيك بإبـائه الإسلام .