Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 52-52)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل قوله تعالـى : { لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ } فقال بعضهم : معنى ذلك : لا يحلّ لك النساء من بعد نسائك اللاتـي خيرتهنّ ، فـاخترن الله ورسوله والدار الآخرة . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ } … الآية إلـى { رَقـيبـاً } قال : نُهيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوّج بعد نسائه الأُوَل شيئاً . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله { لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ } … إلـى قوله : { إلاَّ ما مَلَكَتْ يَـمِينُكَ } قال : لـما خيرهنّ ، فـاخترن الله ورسوله والدار الآخرة قصره علـيهنَّ ، فقال : { لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلاَ أنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أزْوَاجٍ } وهنّ التسع التـي اخترن الله ورسوله . وقال آخرون : إنـما معنى ذلك : لا يحلّ لك النساء بعد التـي أحللنا لك بقولنا { يا أيهَا النبَّـيّ إنَّا أحْلَلْنا لَكَ أزْوَاجَكَ } … إلـى قوله { اللاَّتِـي هاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرأةً مُؤْمِنَةً إنْ وَهَبَتْ نَفْسَها للنَّبِـيِّ } وكأنَّ قائلـي هذه الـمقالة وجهوا الكلام إلـى أن معناه : لا يحلّ لك من النساء إلا التـي أحللناها لك . ذكر من قال ذلك : حدثنا مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا عبد الوهاب ، قال : ثنا داود ، عن مـحمد بن أبـي موسى ، عن زياد ، قالا لأبـيّ بن كعب : هل كان للنبـيّ صلى الله عليه وسلم لو مات أزواجه أن يتزوّج ؟ قال : ما كان يحرم علـيه ذلك فقرأت علـيه هذه الآية : { يا أيُّها النَّبِـيُّ إنَّا أحْلَلْنا لَكَ أزْوَاجَكَ } قال : فقال : أحلّ له ضربـاً من النساء ، وحرّم علـيه ما سواهنّ أحلّ له كل امرأة آتـى أجرها ، وما ملكت يـمينه مـما أفـاء الله علـيه ، وبنات عمه وبنات عماته ، وبنات خاله وبنات خالاته ، وكل امرأة وهبت نفسها له إن أراد أن يستنكحها خالصة له من دون الـمؤمنـين . حدثنا ابن الـمثنى ، قال : ثنا عبد الأعلـى ، قال : ثنا داود ، عن مـحمد بن أبـي موسى ، عن زياد الأنصاريّ قال : قلت لأُبـيّ بن كعب : أرأيت لو مات نساء النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، أكان يحلّ له أن يتزوّج ؟ قال : وما يحرّم ذلك علـيه ، قال : قلت قوله : { لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ } قال : إنـما أحلّ الله له ضربـاً من النساء . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا ابن علـية ، عن داود بن أبـي هند ، قال : ثنـي مـحمد بن أبـي موسى ، عن زياد ، رجل من الأنصار ، قال : قلت لأبـيّ بن كعب : أرأيت لو أن أزواج النبـيّ صلى الله عليه وسلم توفِّـينَ ، أما كان له أن يتزوّج ؟ فقال : وما يـمنعه من ذلك ؟ وربـما قال داود : وما يحرّم علـيه ذلك ؟ قلت : قوله : { لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ } فقال : إنـما أحلّ الله له ضربـاً من النساء ، فقال : { يا أيها النَّبـي إنَّا أحْلَلْنا لَكَ أزْوَاجَكَ } … إلـى قوله : { إنْ وَهَبَتْ نَفْسَها للنَّبـيّ } ثم قـيـل له : { لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ } . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام بن سلـم ، عن عنبسة ، عمن ذكره ، عن أبـي صالـح { لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ } قال : أمر أن لا يتزوّج أعرابـية ولا غريبة ، ويتزوّج بعد من نساء تهامة ، ومن شاء من بنات العمّ والعمة ، والـخال والـخالة إن شاء ثلاث مئة . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن عكرمة { لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ } هؤلاء التـي سمى الله إلا { بَنات عَمِّكَ } … الآية . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : أخبرنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله : { لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ } يعنـي : من بعد التسمية ، يقول : لا يحلّ لك امرأة إلا ابنة عمّ أو ابنة عمة ، أو ابنة خال أو ابنة خالة ، أو امرأة وهبت نفسها لك ، من كان منهنّ هاجر مع نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم . وفـي حرف ابن مسعود : « وَاللاَّتـي هاجَرْنَ مَعَكَ » يعنـي بذلك : كل شيء هاجر معه لـيس من بنات العم والعمة ، ولا من بنات الـخال والـخالة . وقال آخرون : بل معنى ذلك : لا يحلّ لك النساء من غير الـمسلـمات فأما الـيهوديات والنصرانـيات والـمشركات فحرام علـيك . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ } لا يهودية ، ولا نصرانـية ، ولا كافرة . وأولـى الأقوال عندي بـالصحة قول من قال : معنى ذلك : لا يحلّ لك النساء من بعد بعد اللواتـي أحللتهن لك بقولـي : { إنَّا أحْلَلْنا لَكَ أزْوَاجَكَ اللاَّتـي آتَـيْتَ أُجُورَهُنَّ } … إلـى قوله : { وَامْرأةً مُؤْمنَةً إنْ وَهَبَتْ نَفْسَها للنَّبـيّ } وإنـما قلت ذلك أولـى بتأويـل الآية ، لأن قوله : { لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ } عَقـيب قوله : { إنَّا أحْلَلْنا لَكَ أزْوَاجَكَ } وغير جائز أن يقول : قد أحللت لك هؤلاء ، ولا يحللن لك إلا بنسخ أحدهما صاحبه ، وعلـى أن يكون وقت فرض إحدى الآيتـين ، فَعَلَ الأخرى منهما . فإذ كان ذلك كذلك ولا برهان ولا دلالة علـى نسخ حكم إحدى الآيتـين حكم الأخرى ، ولا تقدّم تنزيـل إحداهما قبل صاحبتها ، وكان غير مستـحيـل مخرجهما علـى الصحة ، لـم يجز أن يقال : إحداهما ناسخة الأخرى . وإذا كان ذلك كذلك ، ولـم يكن لقول من قال : معنى ذلك : لا يحلّ من بعد الـمسلـمات يهودية ولا نصرانـية ولا كافرة ، معنى مفهوم ، إذ كان قوله { مِنْ بَعْدُ } إنـما معناه : من بعد الـمسميات الـمتقدم ذكرهنّ فـي الآية قبل هذه الآية ، ولـم يكن فـي الآية الـمتقدم فـيها ذكر الـمسميات بـالتـحلـيـل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر إبـاحة الـمسلـمات كلهنّ ، بل كان فـيها ذكر أزواجه وملك يـمينه الذي يفـيء الله علـيه ، وبنات عمه وبنات عماته ، وبنات خاله وبنات خالاته ، اللاتـي هاجرن معه ، وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبـيّ ، فتكون الكوافر مخصوصات بـالتـحريـم ، صحّ ما قلنا فـي ذلك ، دون قول من خالف قولنا فـيه . واختلفت القراء فـي قراءة قوله { لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ } فقرأ ذلك عامة قرّاء الـمدينة والكوفة { يحِلُّ } بـالـياء ، بـمعنى : لا يحلّ لك شيء من النساء بعد . وقرأ ذلك بعض قرّاء أهل البصرة : « لا تَـحِلُّ لَكَ النِّساءُ » بـالتاء ، توجيهاً منه إلـى أنه فعل للنساء ، والنساء جمع للكثـير منهن . وأولـى القراءتـين بـالصواب فـي ذلك قراءة من قرأه بـالـياء للعلة التـي ذكرت لهم ، ولإجماع الـحجة من القرّاء علـى القراءة بها ، وشذوذ من خالفهم فـي ذلك . وقوله : { وَلا أنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أزْوَاجٍ وَلَوْ أعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ } اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : لا يحلّ لك النساء من بعد الـمسلـمات ، لا يهودية ولا نصرانـية ولا كافرة ، ولا أن تبدّل بـالـمسلـمات غيرهنّ من الكوافر . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { وَلا أنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أزْوَاجٍ } ولا أن تبدَّل بـالـمسلـمات غيرهنّ من النصارى والـيهود والـمشركين { وَلَوْ أعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إلاَّ ما مَلَكَتْ يَـمينُكَ } . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن أبـي رزين ، فـي قوله : { لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أزْوَاجٍ وَلَوْ أعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إلاَّ ما مَلَكَتْ يَـمِينُكَ } قال : لا يحلّ لك أن تتزوّج من الـمشركات إلا من سبـيت فملكته يـمينك منهنّ . وقال آخرون : بل معنى ذلك : ولا أن تبدّل بأزواجك اللواتـي هنّ فـي حبـالك أزواجاً غيرهنّ ، بأن تطلقهنّ ، وتنكح غيرهنّ . ذكر من قال ذلك : حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : ثنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله : { وَلا أنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أزْوَاجٍ وَلَوْ أعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ } يقول : لا يصلـح لك أن تطلق شيئاً من أزواجك لـيس يعجبك ، فلـم يكن يصلـح ذلك له . وقال آخرون : بل معنى ذلك : ولا أن تبـادل من أزواجك غيرك ، بأن تعطيه زوجتك وتأخذ زوجته . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَلا أنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أزْوَاجٍ وَلَوْ أعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ } قال : كانت العرب فـي الـجاهلـية يتبـادلون بأزواجهم . يعطي هذا امرأته هذا ويأخذ امرأته ، فقال : { لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أزْوَاجٍ وَلَوْ أعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إلاَّ ما مَلَكَتْ يَـمِينكَ } لا بأس أن تبـادل بجاريتك ما شئت أن تبـادل ، فأما الـحرائر فلا قال : وكان ذلك من أعمالهم فـي الـجاهلـية . وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب ، قول من قال : معنى ذلك : ولا أن تطلق أزواجك فتستبدل بهنّ غيرهنّ أزواجاً . وأنـما قلنا ذلك أولـى بـالصواب ، لـما قد بـيننا قبل من أن قول الذي قال معنى قوله : { لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ } لا يحلّ لك الـيهودية أو النصرانـية والكافرة ، قول لا وجه له . فإذ كان ذلك كذلك فكذلك قوله : { وَلا أنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ } كافرة لا معنى له ، إذ كان من الـمسلـمات من قد حرم علـيه بقوله { لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ } الذي دللنا علـيه قبل . وأما الذي قاله ابن زيد فـي ذلك أيضاً ، فقول لا معنى له ، لأنه لو كان بـمعنى الـمبـادلة ، لكانت القراءة والتنزيـل : ولا أن تبـادل بهنّ من أزواج ، أو : ولا أن تُبدّل بهنّ بضمّ التاء ولكن القراءة الـمـجمع علـيها . ولا أن تبدّل بهنّ ، بفتـح التاء ، بـمعنى : ولا أن تستبدل بهنّ ، مع أنّ الذي ذكر ابن زيد من فعل الـجاهلـية غير معروف فـي أمة نعلـمه من الأمـم : أن يُبـادل الرجل آخر بـامرأته الـحرّة ، فـيقال : كان ذلك من فعلهم ، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فعل مثله . فإن قال قائل : أفلـم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوّج امرأة علـى نسائه اللواتـي كنّ عنده ، فـيكون موجهاً تأويـل قوله : { وَلا أنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أزْوَاجٍ } إلـى ما تأوّلت ، أو قال : وأين ذكر أزواجه اللواتـي كنّ عنده فـي هذا الـموضع ، فتكون الهاء من قوله : { وَلا أنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ } من ذكرهن وتوهم أن الهاء فـي ذلك عائدة علـى النساء ، فـي قوله : { لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ } ؟ قـيـل : قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوّج من شاء من النساء اللواتـي كان الله أحلهنّ له علـى نسائه اللاتـي كن عنده يوم نزلت هذه الآية ، وإنـما نُهي صلى الله عليه وسلم بهذه الآية أن يفـارق من كان عنده بطلاق أراد به استبدال غيرها بها ، لإعجاب حسن الـمستبدلة له بها إياه إذ كان الله قد جعلهنّ أمَّهات الـمؤمنـين وخيرهن بـين الـحياة الدنـيا والدار الآخرة ، والرضا بـالله ورسوله ، فـاخترن الله ورسوله والدار الآخرة ، فحرمن علـى غيره بذلك ، ومنع من فراقهنّ بطلاق فأما نكاح غيرهنّ فلـم يـمنع منه ، بل أحلّ الله له ذلك علـى ما بـين فـي كتابه . وقد رُوي عن عائشة أن النبـيّ صلى الله عليه وسلم لـم يقبض حتـى أحلّ الله له نساء أهل الأرض . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن ابن جُرَيج ، عن عطاء ، عن عائشة قالت : ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتـى أحلّ له النساء تعنـي أهل الأرض . حدثنـي عبـيد بن إسماعيـل الهبـاري ، قال : ثنا سفـيان ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن عائشة ، قالت : ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتـى أحلّ له النساء . حدثنا العبـاس بن أبـي طالب ، قال : ثنا معلـى ، قال : ثنا وهيب ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن عبـيد بن عمير اللـيثـي ، عن عائشة قالت : ما توفـي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتـى أحلّ له أن يتزوّج من النساء ما شاء . حدثنـي أبو زيد عمر بن شبة ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن ابن جُرَيج ، عن عطاء ، قال : أحسب عبـيد بن عمير ، حدثنـي ، قال أبو زيد ، وقال أبو عاصم مرّة ، عن عائشة ، قالت : ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتـى أحلّ الله له النساء . قال : وقال أبو الزبـير : شهدت رجلاً يحدّثه عطاء . حدثنا أحمد بن منصور ، قال : ثنا موسى بن إسماعيـل قال : ثنا همام ، عن ابن جُرَيج ، عن عطاء عن عبـيد بن عمير ، عن عائشة ، قالت : ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتـى أحلّ له النساء . فإن قال قائل : فإن كان الأمر علـى ما وصفت من أن الله حرّم علـى نبـيه بهذه الآية طلاق نسائه اللواتـي خيرهنّ فـاخترنه ، فما وجه الـخبر الذي رُوي عنه أنه طلق حفصة ثم راجعها ، وأنه أراد طلاق سودة حتـى صالـحته علـى ترك طلاقه إياها ، ووهبت يومها لعائشة ؟ قـيـل : كان ذلك قبل نزول هذه الآية . والدلـيـل علـى صحة ما قلنا ، من أن ذلك كان قبل تـحريـم الله علـى نبـيه طلاقهن ، الرواية الواردة أن عمر دخـل علـى حفصة معاقبَها حين اعتزل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه ، كان من قـيـله لها : قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم طلقك ، فكلـمته فراجعك ، فوالله لئن طلَّقك ، أو لو كان طلَّقك لا كلَّـمته فـيك وذلك لا شك قبل نزول آية التـخيـير ، لأن آية التـخيـير إنـما نزلت حين انقضى وقت يـمين رسول الله صلى الله عليه وسلم علـى اعتزالهنّ . وأما أمر الدلالة علـى أن أمر سَوْدة كان قبل نزول هذه الآية ، أن الله إنـما أمر نبـيه بتـخيـير نسائه بـين فراقه والـمُقام معه علـى الرضا بأن لا قَسْم لهن ، وأنه يُرْجِي من يشاء منهنّ ، ويُؤْوي منهنّ من يشاء ، ويُؤْثر من شاء منهنّ علـى من شاء ، ولذلك قال له تعالـى ذكره : { وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِـمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَـيْكَ ذلكَ أدْنَى أنْ تَقَرَّ أعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِـمَا آتَـيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ } ، ومن الـمـحال أن يكون الصلـح بـينها وبـين رسول الله صلى الله عليه وسلم جرى علـى تركها يومها لعائشة فـي حالِ لا يومَ لها منه . وغير جائز أن يكون كان ذلك منها إلا فـي حالِ كان لها منه يومٌ هوَ لها حقّ كان واجبـاً علـى رسول الله صلى الله عليه وسلم أداؤه إلـيها ، ولـم يكن ذلك لهنّ بعد التـخيـير لـما قد وصفت قبل فـيـما مضى من كتابنا هذا . فتأويـل الكلام : لا يحلّ لك يا مـحمد النساء من بعد اللواتـي أحللتهنّ لك فـي الآية قبلُ ، ولا أن تُطَلق نساءك اللواتـي اخترن الله ورسوله والدار الآخرة ، فتبدّل بهنّ من أزواج ولو أعجبك حسن من أردت أن تبدّل به منهنّ ، إلا ما ملكت يـمينك . وأن فـي قوله { أنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ } رفع ، لأن معناها : لا يحلّ لك النساء من بعد ، ولا الاستبدال بأزواجك ، وإلا فـي قوله : { إلاَّ ما مَلَكَتْ يَـمِينُكَ } استثناء من النساء . ومعنى ذلك : لا يحلّ لك النساء من بعد اللواتـي أحللتهنّ لك ، إلا ما ملكت يـمينك من الإماء ، فإن لك أن تَـمْلك من أيّ أجناس الناس شئت من الإماء . وقوله : { وكان اللَّهُ علـى كُلّ شَيْءٍ رَقِـيبـاً } يقول : وكان الله علـى كل شيء ما أحلّ لك ، وحرّم علـيك ، وغير ذلك من الأشياء كلها ، حفـيظاً لا يعزُب عنه علـم شيء من ذلك ، ولا يؤوده حفظ ذلك كله . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وكانَ اللَّهُ علـى كُلّ شَيْءٍ رَقِـيبـاً } : أي حفـيظاً ، فـي قول الـحسن وقَتادة .