Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 35, Ayat: 42-43)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : وأقسم هؤلاء الـمشركون بـالله جهد أيـمانهم يقول : أشدّ الإيـمان ، فبـالغوا فـيها ، لئن جاءهم من الله مُنذر ينذرهم بأس الله { لَـيَكُونُنَّ أهْدَى مِنْ إحْدَى الأُمَـمِ } يقول : لـيكونُنّ أسلك لطريق الـحقّ ، وأشدّ قبولاً لِـما يأتـيهم به النذير من عند الله ، من إحدى الأَمـم التـي خـلت من قبلهم { فَلَـمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ } يعنـي بـالنذير : مـحمداً صلى الله عليه وسلم ، يقول : فلـما جاءهم مـحمد ينذرهم عقاب الله علـى كفرهم ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { فَلَـمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ } وهو مـحمد صلى الله عليه وسلم . وقوله : { ما زَادَهُمْ إلاَّ نُفُوراً } يقول : ما زادهم مـجِيء النذير من الإيـمان بـالله واتبـاع الـحقّ ، وسلوك هدى الطريق ، إلاَّ نفوراً وهربـاً . وقوله : { اسْتِكْبـاراً فِـي الأرْضِ } يقول : نفروا استكبـاراً فـي الأرض ، وخِدْعة سيئة ، وذلك أنهم صدّوا الضعفـاء عن اتبـاعه مع كفرهم به . والـمكر هاهنا : هو الشرك ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { وَمَكْرَ السَّيِّىءِ } وهو الشرك . وأضيف الـمكر إلـى السيىء ، والسيىء من نعت الـمكر ، كما قـيـل : { إن هذا لهو حقّ الـيقـين } وقـيـل : إن ذلك فـي قراءة عبد الله : « وَمَكْراً سَيِّئاً » ، وفـي ذلك تـحقـيق القول الذي قلناه من أن السيىء فـي الـمعنى من نعت الـمكر . وقرأ ذلك قرّاء الأمصار غير الأعمش وحمزة بهمزة مـحركة بـالـخفض . وقرأ ذلك الأعمش وحمزة بهمزة وتسكين الهمزة اعتلالاً منهما بأن الـحركات لـما كثرت فـي ذلك ثقل ، فسكنا الهمزة ، كما قال الشاعر : @ إذا اعْوَجَجْنَ قُلْتُ صَاحِبْ قَوّمِ @@ فسكَّن البـاء ، لكثرة الـحركات . والصواب من القراءة ما علـيه قرّاء الأمصار من تـحريك الهمزة فـيه إلـى الـخفض ، وغير جائز فـي القرآن أن يقرأ بكل ما جاز فـي العربـية ، لأن القراءة إنـما هي ما قرأت به الأئمة الـماضية ، وجاء به السلف علـى النـحو الذي أخذوا عمن قبلهم . وقوله : { وَلا يَحِيقُ الـمَكْرُ السَّيِّىءُ إلاَّ بأهْلِهِ } يقول : ولا ينزل الـمكر السيىء إلاَّ بأهله ، يعنـي بـالذين يـمكرونه وإنـما عَنَى أنه لا يحل مكروه ذلك الـمكر الذي مكره هؤلاء الـمشركون إلاَّ بهم . وقال قتادة فـي ذلك ما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَلا يَحِيقُ الـمَكْرُ السَّيِّىءُ إلاَّ بأهْلِهِ } وهو الشرك . وقوله : { فَهَلْ يَنْظُرُونَ إلاَّ سُنَّةَ الأوَّلِـينَ } يقول تعالـى ذكره : فهل ينتظر هؤلاء الـمشركون من قومك يا مـحمد إلاَّ سنة الله بهم فـي عاجل الدنـيا علـى كفرهم به ألـيـمَ العقاب . يقول : فهل ينتظر هؤلاء إلاَّ أن أُحلّ بهم من نقمتـي علـى شركهم بـي وتكذيبهم رسولـي مثل الذي أحللت بـمن قبلهم من أشكالهم من الأمـم ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { فَهَلْ يَنْظُرُونَ إلاَّ سُنَّتَ الأوَّلِـينَ } : أي عقوبة الأوّلـين . { فَلَنْ تَـجِدَ لِسُنَّتِ اللّهِ تَبْدِيلاً } يقول : فلن تـجد يا مـحمد لسنة الله تغيـيراً . وقوله : { وَلَنْ تَـجِدَ لِسُنَّتِ اللّهِ تَـحْوِيلاً } يقول : ولن تـجد لسنَّة الله فـي خـلقه تبديلاً يقول : لن يغير ذلك ، ولا يبدّله ، لأنه لا مردّ لقضائه .