Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 54-55)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : { فـالْـيَوْمَ } يعنـي يوم القـيامة { لا تُظْلَـمُ نَفْسٌ شَيْئاً } كذلك ربنا لا يظلـم نفساً شيئاً ، فلا يوفـيها جزاء عملها الصالـح ، ولا يحمل علـيها وِزْر غيرها ، ولكنه يوفـي كل نفس أجر ما عملت من صالـح ، ولا يعاقبها إلا بـما اجترمت واكتسبت من شيء { وَلا تُـجْزَوْنَ إلاَّ ما كُنْتُـمْ تَعْمَلُونَ } يقول : ولا تكافؤون إلا مكافأة أعمالكم التـي كنتـم تعملونها فـي الدنـيا . وقوله : { إنَّ أصحَابَ الـجَنَّةِ الـيَوْمَ فِـي شُغُلٍ فـاكِهُونَ } اختلف أهل التأويـل فـي معنى الشغل الذي وصف الله جلّ ثناؤه أصحاب الـجنة أنهم فـيه يوم القـيامة ، فقال بعضهم : ذلك افتضاض العذارَى . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب ، عن حفص بن حميد ، عن شَمِر بن عطية ، عن شقـيق بن سلـمة ، عن عبد الله بن مسعود ، فـي قوله : { إنَّ أصحَابَ الـجَنَّةِ الـيَوْمَ فِـي شُغُلٍ فـاكِهُونَ } قال : شغلهم افتضاض العذارى . حدثنا ابن عبد الأعلـى ، قال : ثنا الـمعتـمر ، عن أبـيه ، عن أبـي عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عبـاس { إنَّ أصحَابَ الـجَنَّةِ الـيَوْمَ فِـي شُغُلٍ فـاكِهُونَ } قال : افتضاض الأبكار . حدثنـي عبـيد بن أسبـاط بن مـحمد ، قال : ثنا أبـي ، عن أبـيه ، عن عكرمة ، عن ابن عبـاس { إنَّ أصحَابَ الـجَنَّةِ الـيَوْمَ فِـي شُغُلٍ فـاكِهُون } قال : افتضاض الأبكار . حدثنـي الـحسن بن زُرَيْق الطُّهَوِيّ ، قال : ثنا أسبـاط بن مـحمد ، عن أبـيه ، عن عكرمة ، عن ابن عبـاس ، مثله . حدثنـي الـحسين بن علـيّ الصُّدائي ، قال : ثنا أبو النضر ، عن الأشجعيّ ، عن وائل بن داود ، عن سعيد بن الـمسيب ، فـي قوله : { إنَّ أصحَابَ الـجَنَّةِ الـيَوْمَ فِـي شُغُلٍ فـاكِهُونَ } قال : فـي افتضاض العذارَى . وقال آخرون : بل عُنِى بذلك : أنهم فـي نعمة . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { إنَّ أصحَابَ الـجَنَّةِ الْـيَوْمَ فِـي شُغُلٍ } قال : فـي نعمة . حدثنا عمرو بن عبد الـحميد ، قال : ثنا مروان ، عن جُوَيبر ، عن أبـي سهل ، عن الـحسن ، فـي قول الله : { إنَّ أصحَابَ الـجَنَّةِ } … الآية ، قال : شَغلَهم النعيـمُ عما فـيه أهل النار من العذاب . وقال آخرون : بل معنى ذلك : أنهم فـي شغل عما فـيه أهل النار . ذكر من قال ذلك : حدثنا نصر بن علـيّ الـجَهْضَمِيّ ، قال : ثنا أبـي ، عن شعبة ، عن أبـان بن تغلب ، عن إسماعيـل بن أبـي خالد { إنَّ أصحَابَ الـجَنَّةِ } … الآية ، قال : فـي شغل عما يـلقـى أهلُ النار . وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب أن يقال كما قال الله جل ثناؤه { إنَّ أصحَابَ الـجَنَّةِ } وهم أهلها { فِـي شُغُلٍ فـاكِهُونَ } بنعم تأتـيهم فـي شغل ، وذلك الشغل الذي هم فـيه نعمة ، وافتضاض أبكار ، ولهو ولذّة ، وشغل عما يَـلْقـى أهل النار . وقد اختلفت القرّاء فـي قراءة قوله : { فـي شُغُلٍ } ، فقرأت ذلك عامة قرّاء الـمدينة وبعض البصريـين علـى اختلاف عنه : « فِـي شُغْلٍ » بضم الشين وتسكين الغين . وقد رُوي عن أبـي عمرو الضمّ فـي الشين والتسكين فـي الغين ، والفتـح فـي الشين والغين جميعاً فـي شغل . وقرأ ذلك بعض أهل الـمدينة والبصرة وعامة قرّاء أهل الكوفة { فِـي شُغُلٍ } بضم الشين والغين . والصواب فـي ذلك عندي قراءته بضم الشين والغين ، أو بضم الشين وسكون الغين ، بأيّ ذلك قرأه القارىء فهو مصيب ، لأن ذلك هو القراءة الـمعروفة فـي قرّاء الأمصار مع تقارب معنـيـيهما . وأما قراءته بفتـح الشين والغين ، فغير جائزة عندي ، لإجماع الـحجة من القرّاء علـى خلافها . واختلفوا أيضاً فـي قراءة قوله : { فـاكِهُونَ } فقرأت ذلك عامة قرّاء الأمصار { فـاكِهُونَ } بـالألف . وذُكر عن أبـي جعفر القارىء أنه كان يقرؤه : « فَكِهُونَ » بغير ألف . والصواب من القراءة فـي ذلك عندي قراءة من قرأه بـالألف ، لأن ذلك هو القراءة الـمعروفة . واختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك ، فقال بعضهم : معناه : فَرِحون . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { فِـي شُغُلٍ فـاكِهُونَ } يقول : فرحون . وقال آخرون : معناه : عجبون . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { فـاكِهُونَ } قال : عجبون . حدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { فَكِهُونَ } قال : عَجِبون . واختلف أهل العلـم بكلام العرب فـي ذلك ، فقال بعض البصريـين : منهم الفكه الذي يتفكَّه . وقال : تقول العرب للرجل الذي يتفكَّه بـالطعام أو بـالفـاكهة ، أو بأعراض الناس : إن فلاناً لفكِه بأعراض الناس ، قال : ومن قرأها { فـاكِهُونَ } جعله كثـير الفواكه صاحب فـاكهة ، واستشهد لقوله ذلك ببـيت الـحُطَيئة : @ وَدَعَوْتَنِـي وَزَعَمْتَ أنَّكَ لابنٌ بـالصَّيْفِ تامِرْ @@ أي عنده لبن كثـير ، وتـمرٌ كثـير ، وكذلك عاسل ، ولاحم ، وشاحم . وقال بعض الكوفـيـين : ذلك بـمنزلة حاذرون وحذرون ، وهذا القول الثانـي أشبه بـالكلـمة .