Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 56-58)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعنـي تعالـى بقوله : { هُمُ } أصحاب الـجنة { وأزْوَاجُهُمْ } من أهل الـجنة فـي الـجنة ، كما : حدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { هُمْ وأزْوَاجُهُمْ فـي ظِلالٍ } قال : حلائلهم فـي ظُلَل . واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأه بعضهم : « فِـي ظُلَلٍ » بـمعنى : جمع ظلة ، كما تُـجمع الْـحُلة حُللاً . وقرأه آخرون : { فِـي ظِلالٍ } وإذا قرىء ذلك كذلك كان له وجهان : أحدهما أن يكون مُراداً به جمع الظُّلَل الذي هو بـمعنى الكِنّ ، فـيكون معنى الكلـمة حينئذٍ : هم وأزواجهم فـي كنّ لا يضْحَوْن لشمس كما يَضْحَى لها أهلُ الدنـيا ، لأنه لا شمس فـيها . والآخر : أن يكون مراداً به جمع ظلة ، فـيكون وجه جمعها كذلك نظير جمعهم الـحلة فـي الكثرة : الـخِلال ، والقُلَّة : قِلال . وقوله : { عَلـى الأرَائِكِ مُتَّكِئُونَ } والأرائك : هي الـحِجال فـيها السُرر والفُرُش : واحدتها أريكة ، وكان بعضهم يزعم أن كلّ فِراش فأريكة ، ويستشهد لقوله ذلك بقول ذي الرمة : @ … كأنَّـما تُبـاشِرْنَ بـالـمَعزاءِ مَسَّ الأَرَائِكِ @@ وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا حُصَيْن ، عن مـجاهد ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { عَلـى الأَرَائِكِ مُتَّكِئِونَ } قال : هي السُّرُر فـي الـحِجال . حدثنا هناد ، قال : ثنا أبو الأحوص ، عن حصين ، عن مـجاهد ، فـي قول الله : { عَلـى الأرَائِكِ مُتَّكِئُونَ } قال : الأرائك : السُّرر علـيها الـحِجال . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفـيان ، قال : ثنا حصين ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { مُتَّكِئِينَ عَلـى الأرَائِكِ } قال : الأرائك : السُّرُر فـي الـحِجال . حدثنا أبو السائب ، قال : ثنا ابن إدريس ، قال : أخبرنا حُصَيْن ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { عَلـى الأرَائك } قال : سُرُر علـيها الـحِجال . حدثنا ابن عبد الأعلـى ، قال : ثنا الـمعتـمر ، عن أبـيه ، قال : زعم مـحمد أن عكرمة قال : الأرائك : السُّرُر فـي الـحِجال . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا ابن عُلَـية ، عن أبـي رجاء ، قال : سمعت الـحسن ، وسأله رجل عن الأرائك قال : هي الـحجال . أهل الـيـمن يقولون : أريكة فلان . وسمعت عكرمة وسئل عنها فقال : هي الـحجال علـى السُّرُر . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { علـى الأرائِكِ مُتَّكِئُونَ } قال : هي الـحِجال فـيها السرر . وقوله : { لَهُمْ فِـيها فـاكِهَةٌ } يقول لهؤلاء الذين ذكرهم تبـارك وتعالـى من أهل الـجنة فـي الـجنة فـاكهة { وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ } يقول : ولهم فـيها ما يتَـمَّنون . وذُكر عن العرب أنها تقول : دع علـيّ ما شئت : أي تـمنّ علـيّ ما شئت . وقوله : { سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبّ رَحِيـمٍ } فـي رفع سلامٌ وجهان فـي قول بعض نـحويـيّ الكوفة أحدهما : أن يكون خبراً لـما يدّعون ، فـيكون معنى الكلام : ولهم ما يدّعون مسلَّـم لهم خالص . وإذا وُجِّه معنى الكلام إلـى ذلك كان القول حينئذٍ منصوبـاً توكيداً خارجاً من السلام ، كأنه قـيـل : ولهم فـيها ما يدّعون مسلَّـم خالص حقاً ، كأنه قـيـل : قاله قولاً . والوجه الثانـي : أن يكون قوله : { سَلامٌ } مرفوعاً علـى الـمدح ، بـمعنى : هو سلام لهم قولاً من الله . وقد ذُكر أنها فـي قراءة عبد الله : « سَلاماً قَوْلاً » علـى أن الـخبر متناه عند قوله : { وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ } ، ثم نصب سلاماً علـى التوكيد ، بـمعنى : مسلـماً قولاً . وكان بعضُ نـحويـيّ البصرة يقول : انتصب قولاً علـى البدل من اللفظ بـالفعل ، كأنه قال : أقول ذلك قولاً . قال : ومن نصبها نصبها علـى خبر الـمعرفة علـى قوله : { وَلهُمْ } فِـيها { ما يَدَّعُونَ } . والذي هو أولـى بـالصواب علـى ما جاء به الـخبر عن مـحمد بن كعب القُرَظيّ ، أن يكون { سَلامٌ } خبراً لقوله : { وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ } فـيكون معنى ذلك : ولهم فـيها ما يدّعون ، وذلك هو سلام من الله علـيهم ، بـمعنى : تسلـيـم من الله ، ويكون سلام ترجمة ما يدّعون ، ويكون القول خارجاً من قوله : سلام . وإنـما قلت ذلك أولـى بـالصواب لـما : حَدَّثنا به إبراهيـم بن سعيد الـجوهريّ ، قال : ثنا أبو عبد الرحمن الـمقري عن حرملة ، عن سلـيـمان بن حميد ، قال : سمعت مـحمد بن كعب ، يحدّث عمر بن عبد العزيز ، قال : إذا فرغ الله من أهل الـجنة وأهل النار ، أقبل يـمشي فـي ظُلَل من الغمام والـملائكة ، فـيقـف علـى أوّل أهل درجة ، فـيسلـم علـيهم ، فـيردّون علـيه السلام ، وهو فـي القرآن : { سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبّ رَحِيـمٍ } فـيقول : سَلُوا ، فـيقولون : ما نسألك وعزّتك وجلالك ، لو أنك قسمت بـيننا أرزاق الثَّقَلـين لأطعمناهم وسقـيناهم وكسوناهم ، فـيقول : سَلُوا ، فـيقولون : نسألك رضاك ، فـيقول : رضائي أحلَّكم دار كرامتـي ، فـيفعل ذلك بأهل كلّ درجة حتـى ينتهي ، قال : ولو أن امرأة من الـحُور العِين طلعت لأطفأ ضوء سِوارَيْها الشمس والقمر ، فكيف بـالـمُسَوَّرة . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ثنا حرملة ، عن سلـيـمان بن حميد ، قال : سمعت مـحمد بن كعب القرظيّ يحدّث عمر بن عبد العزيز ، قال : إذا فرغ الله من أهل الـجنة والنار ، أقبل فـي ظُلَل من الغمام والـملائكة ، قال : فـيسلـم علـى أهل الـجنة ، فـيردُون علـيه السلام ، قال القُرظيّ : وهذا فـي كتاب الله : { سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبّ رَحِيـمٍ } ؟ فـيقول : سَلُونـي ، فـيقولون : ماذا نسألك ، أي رَبّ ؟ قال : بل سلونـي قالوا : نسألك أي ربّ رضاك ، قال : رضائي أحلكم دار كرامتـي ، قالوا : يا ربّ وما الذي نسألك فوعزّتك وجلالك ، وارتفـاع مكانك ، لو قسمت علـينا رزق الثقلـين لأطعمناهم ، ولأسقـيناهم ، ولألبسناهم ولأخدمناهم ، لا يُنقصنا ذلك شيئاً ، قال : إن لديّ مزيداً ، قال : فـيفعل الله ذلك بهم فـي درجهم حتـى يستوي فـي مـجلسه ، قال : ثم تأتـيهم التـحف من الله تـحملها إلـيهم الـملائكة . ثم ذكر نـحوه . حدثنا ابن سنان القزاز ، قال : ثنا أبو عبد الرحمن ، قال : ثنا حرملة ، قال : ثنا سلـيـمان بن حميد ، أنه سمع مـحمد بن كعب القرظي يحدّث عمر بن عبد العزيز ، قال : إذا فرغ الله من أهل الـجنة وأهل النار ، أقبل يـمشي فـي ظُلل من الغمام ويقـف ، قال : ثم ذكر نـحوه ، إلا أنه قال : فـيقولون : فماذا نسألك يا ربّ ، فوعزّتك وجلالك وارتفـاع مكانك ، لو أنك قسمت علـينا أرزاق الثقلـين ، الـجنّ والإنس ، لأطعمناهم ، ولسقـيناهم ، ولأخدمناهم ، من غير أن ينتقص ذلك شيئاً مـما عندنا ، قال : بلـى فسلونـي ، قالوا : نسألك رضاك ، قال : رضائي أحلَّكم دار كرامتـي ، فـيفعل هذا بأهل كلّ درجة ، حتـى ينتهي إلـى مـجلسه . وسائر الـحديث مثله . فهذا القول الذي قاله مـحمد بن كعب ، ينبىء عن أن « سلام » بـيان عن قوله : { ما يَدَّعُونَ } ، وأن القول خارج من السلام . وقوله : { مِنْ رَبّ رَحِيـمٍ } يعنـي : رحيـم بهم إذ لـم يعاقبهم بـما سلف لهم من جُرْم فـي الدنـيا .