Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 51-53)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : قال قائل من أهل الـجنة إذ أقبل بعضهم علـى بعض يتساءلون : { إنـي كانَ لـي قَرِينٌ } فـاختلف أهل التأويـل فـي القرين الذي ذُكر فـي هذا الـموضع ، فقال بعضهم : كان ذلك القرين شيطاناً ، وهو الذي كان يقول له : { أئِنَّكَ لَـمِنَ الـمُصَدِّقِـينَ } بـالبعث بعد الـمـمات . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح عن مـجاهد فـي قول الله : { إنّـي كانَ لـي قَرِينٌ } قال : شيطان . وقال آخرون : ذلك القرين شريك كان له من بنـي آدم أو صاحب . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إنّـي كانَ لِـي قَرِينٌ يقول أئِنَّكَ لَـمِنَ الـمُصَدّقِـينَ } قال : هو الرجل الـمشرك يكون له الصاحب فـي الدنـيا من أهل الإيـمان ، فـيقول له الـمشرك : إنك لتُصدّق بأنك مبعوث من بعد الـموت أئذا كنا ترابـاً ؟ فلـما أن صاروا إلـى الآخرة وأدخـل الـمؤمُن الـجنة ، وأدخـل الـمشرك النار ، فـاطلع الـمؤمن ، فرأى صاحبه فـي سَواء الـجحيـم { قَالَ تَاللّهِ إنْ كِدْتَ لُتردِينِ } حدثنـي إسحاق بن إبراهيـم بن حبـيب بن الشهيد ، قال : عتاب بن بشير ، عن خَصيف ، عن فُرات بن ثعلبة البهرانـي فـي قوله : { إنّـي كانَ لِـي قَرِينٌ } قال : إن رجلـين كانا شريكين ، فـاجتـمع لهما ثمانـية آلاف دِينار ، وكان أحدهما له حرفة ، والآخر لـيس له حرفة ، فقال الذي له حرفة للآخر : لـيس لك حرفة ، ما أُرانـي إلا مفـارقك ومُقاسمك ، فقاسمه وفـارقه ثم إن الرجل اشترى داراً بألف دينار كانت لـملك قد مات فدعا صاحبه فأراه ، فقال : كيف ترى هذه الدار ابتعُتها بألف دينار ؟ قال : ما أحسنها فلـما خرج قال : اللهمّ إن صاحبـي هذا قد ابتاع هذه الدار بألف دينار ، وإنـي أسألك داراً من دور الـجنة ، فتَصَدّقَ بألف دينار ثم مكث ما شاء الله أن يـمكث ، ثم إنه تزوّج امرأة بألف دينار ، فدعاه وصنع له طعاماً فلـما أتاه قال : إنـي تزوّجت هذه الـمرأة بألف دينار قال : ما أحسن هذا فلـما انصرف قال : يا ربّ إن صاحبـي تزوّج امرأة بألف دينار ، وإنـي أسألك امرأة من الـحُور العين ، فتصدّق بألف دينار ثم إنه مكث ما شاء الله أن يـمكث ، ثم اشترى بستانـين بألفـي دينار ، ثم دعاه فأراه ، فقال : إنـي ابتعت هذين البستانـين ، فقال : ما أحسن هذا فلـما خرج قال : يا ربّ إن صاحبـي قد اشترى بساتـين بألفـي دينار ، وأنا أسألك بستانـين من الـجنة ، فتصدّق بألفـي دينار ثم إن الـملك أتاهما فتوفَّـاهما ثم انطلق بهذا الـمتصدّق فأدخـله داراً تعجبه ، فإذا امرأة تطلع يضيء ما تـحتها من حُسنها ، ثم أدخـله بستانـين ، وشيئاً الله به علـيـم ، فقال عند ذلك : ما أشبه هذا برجل كان من أمره كذا وكذا . قال : فإنه ذاك ، ولك هذا الـمنزل والبستانان والـمرأة . قال : فإنه كان لـي صاحب يقول : { أئِنَّكَ لَـمِنَ الـمُصَدِّقِـينَ } قـيـل له : فإنه من الـجحيـم ، قال : فهل أنتـم مُطَّلِعون ؟ فـاطَّلَع فرآه فـي سواء الـجحيـم ، فقال عند ذلك : { تاللّهِ إنْ كِدْتَ لَتُرْدينِ وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبـي لَكُنْتُ مِنَ الـمُـحْضَرِينَ } الآيات … وهذا التأويـل الذي تأوّله فرات بن ثعلبة يقوّي قراءة من قرأ « إنَّكَ لـمِنَ الـمُصّدِّقِـينَ » بتشديد الصاد بـمعنى : لـمن الـمتصدقـين ، لأنه يذكر أن الله تعالـى ذكره إنـما أعطاه ما أعطاه علـى الصدقة لا علـى التصديق ، وقراءة قرّاء الأمصار علـى خلاف ذلك ، بل قراءتها بتـخفـيف الصاد وتشديد الدال ، بـمعنى : إنكار قرينه علـيه التصديق أنه يبعث بعد الـموت ، كأنه قال : أتصدّق بأنك تبعث بعد مـماتك ، وتُـجْزَى بعملك ، وتـحاسَب ؟ يدل علـى ذلك قول الله : { أئِذَا مِتْنا وكُنَّا تُرَابـاً وَعِظاماً أئِنَّا لَـمَدِينونَ } وهي القراءة الصحيحة عندنا التـي لا يجوز خِلافُها لإجماع الـحجة من القرّاء علـيها . وقوله : { أئِنَّا لَـمَدِينُونَ } يقول : أئنا لـمـحاسبون ومـجزيُّون بعد مصيرنا عظاماً ولـحومنا ترابـاً . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { أئِنَّا لَـمَدِينُونَ } يقول : أئنا لـمـجازوْن بـالعمل ، كما تَدِين تُدان . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { أئِنَّا لَـمَدينُونَ } : أئنا لـمـحاسبون . حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ { أئِنَّا لَـمَدينُونَ } مـحاسبون .